الصحة في الحضارة الإسلامية
إن من أروع ما قامت عليه الحضارة الاسلامية هو جمعها بين حاجة الجسم وحاجة الروح، واعتبارها الاهتمام والعناية بالجسم ومطالبه مطلباً ضرورياً، لتحقيق حياة طيبة هانئة للانسان، ينعم فيها الجسد، وتشرق فيها الروح، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهو مؤسس هذه الحضارة «إن لجسدك عليك حقا».
وإذا ما علمنا مقاومة الاسلام للأمراض وانتشارها، وحثه وترغيبه في طلب العلاج المكافح لها، علمنا أي أسس قوية قام عليها بناء حضارة الاسلام في ميدان الصحة، ومبلغ ما أفاده العالم من هذه الحضارة في إقامة المستشفيات والمعاهد الطبية، وتخريج الاطباء الذين لاتزال الانسانية تفخر بأياديهم علي العلم عامة، والطب خاصة.
وقد تمثل دور المؤسسة الصحية في الحضارة الاسلامية في تقديم الرعاية الصحية ومساعدة المرضي، وبالأخص من الفقراء والمحتاجين، وذلك عن طريق المستشفيات، التي كانت تقدم خدمات جليلة في علاج المرضي وإطعامهم ومتابعتهم، سواء من المترددين عليها أو غيرهم بالوصول إليهم في منازلهم، تلك المستشفيات التي انتشرت في ربوع العالم الاسلامي، وكانت مصدر إسعاد وطمأنينة للمجتمع الاسلامي بكل فئاته،حيث يتلقي فيها المريض العلاج والرعاية التامة، والكسوة والغذاء، إضافة إلي أن كثيراً من هذه المستشفيات كانت تقوم بوظيفة تعليم الطب إلي جانب قيامه بوظيفتها الاساسية، وهي معالجة المرضي والسهر علي راحتهم، وقد أضاف ذلك كله للحضارة الاسلامية بُعداً إنسانياً آخر.
ولعل من أجل إسهامات المسلمين الحضارية في مجال الصحة، وأعظمها علي الاطلاق أنهم أول من أسس المستشفيات في العالم، بل إنهم سبقوا غيرهم في ذلك الامر بأكثر من تسعة قرون!.
فقد أسس أول مستشفي إسلامي في
وكانت المستشفيات تُعرف بـ «البيمارستانات» أي دور المرضي، وكان منها الثابت ومنها المتنقل، فالثابت هو الذي يُنشأ في المدن، وقلما تجد مدينة إسلامية - ولو صغيرة - بغير مستشفي، أما المستشفي المتنقل فهو الذي يجوب القري البعيدة والصحاري والجبال، وكانت المستشفيات المتنقلة تحمل علي مجموعة كبيرة من الجمال - وصلت في بعض الأحيان إلي 40 جملاً في عهد السلطان محمود السلجوقي الذي حكم من سنة 511 هـ/ 1117 م إلي سنة 525 هـ/ 1131م، وكانت هذه القوافل مزودة بالأدوية وآلات العلاج ويرافقها أطباء.. وللحديث بقية.
سكرتير عام حزب الوفد