عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يوميات مسيحية في رمضان(2)

صوت المدفع والمسحراتي هي تلك الأصوات المميزة التي لا يمكن سماعها سوى 30 يوما من كل عام، كما أن جملة "مدفع الإفطار.. إضرب" هي أكثر الجمل المحببة - لي كمسيحية- طوال شهر رمضان، سواء أن كان مصدرها مآذن الجوامع أو الراديو، فصوت المدفع يأتي مناديا على الجميع لتتجلى معه صفة "الإيثار" التي لا أراها كثيراً باقي أيام العام، والتي تتمثل في.. * مطاردات التمر والمياه

من أسعد وأقوى اللحظات تأثيراً، هي تلك الدقائق التي تتبع صوت المدفع، حيث تجد الناس تهرول في الشوارع وعلى الطرق لتُعطي المارة والمسافرين وغيرهم من التمر والماء والعصائر ما يكفيهم ويفيض، ويرتمي الشباب والرجال أمام السيارات والأتوبيسات غير عابئين بسرعتها وصوت فرملتها المخيف، وذلك فقط لإعطاء المسافرين والركاب من هذه الخيرات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمر سيارة دون أن تأخذ، حيث يركض وراءها الشاب ليجبر سائقها على التوقف.

 لا يمكن أن أنسى هذه المرة التي كنا فيها في رحلة لأديرة الصعيد خلال شهر رمضان، وفي وقت الإفطار أوقف أتوبيسنا مجموعة من شباب الفلاحين وأجبروا الشباب والقسيس على النزول لتناول وجبة الإفطار فى الغيطان معهم وإرسال طعام ومشروبات للفتيات، وكان كرم هؤلاء الشباب أقوى من أي رفض، وظللنا طوال الطريق نحكي عن تلك الخيرات التي جاءت لنا من السماء دون أن نعلم، خاصة وأن طوال الطريق لم يكن هناك أي أماكن تقدم طعاما طوال فترة النهار.  

بالإضافة إلي عشرات المرات التي نكون بها في الشارع فيستوقفنا الصائمون لشرب عصائر وتناول تمر، ومهما قدمنا من شكر واعتذرنا مبررين أن الصائمين أولى، إلا أن كل هذه المحاولات تفشل، فصوت المدفع هو إذن للجميع بأن يتناولوا ويتقاسموا الخيرات سويا سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين.

* الصيام الإختياري

ليست كل أماكن العمل ينصرف العاملون بها قبل ساعة الإفطار، وبالتالي هناك من يفطر في العمل، وهي المناسبة التي يشارك فيها

المسيحي أخاه المسلم صيامه وإفطاره، قد لا تكون قاعدة عامة، وبالطبع هناك من يشذ عنها، ولكن إحترام مشاعر الصائمين "خُلق" قبل أن يكون "واجب"، لذلك يصبح صيام نهار رمضان مشاركة إختيارية يقدمها المسيحي طواعية، لذلك يأتي وقت الإفطار مهماً له بنفس قدر الأهمية لأخوه المسلم، ولا يمكن أن يشعر المسيحي بلذة الطعام سوى بمشاركته بنفس جائعة وليس مجرد مجاملة وشكليات.

 أفضل أيام العمل هي تلك التي أفطر فيها مع زملائي وزميلاتي المسلمين، خاصة عندما نتقاسم فيها الأدوار، فهناك المسئول عن طلب الطعام، وهناك المسئول عن شراء العصائر، وآخر مسئول عن تجهيزه على المائدة الكبيرة التي تجمعنا، ولأن مهمة فك لفائف الطعام قبل أذان المغرب صعبة وشاقة على الزميل المسلم – حيث تفوح رائحة الأكل أو لأن رؤية الطعام تتسبب في الشعور بطول الوقت والجوع حتى وإن كان هناك لحظات متبقية- فعادة ما توكل المهمة للزميل المسيحي.

وفي المقابل تُترك مهمة جمع وتنظيف المائدة للزميل المسلم والتي تصبح أشق بسبب حالة الكسل التي تعقب الطعام مباشرة، وتبدأ المساومات على من يقوم بهذه المهمة الشاقة على أن يتم تعويضها له في مهمة أخرى، وهو ما كان يخلق جوا من المحبة والمتعة بل والضحك لا يسود مكان العمل باقي أيام العام.