عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تحت القبة.. شيخ متطرف

فى خطابه الشهرى إلى الأمة ،الثلاثاء الماضى ،جدد الرئيس السيسى دعوته التى يلح عليها حتى  من قبل توليه موقعه رئيسا للجمهورية لتجديد الخطاب الدينى ، قال الرئيس إن الجهود المبذولة  لتجديد الخطاب الدينى ليست على مستوى التحدى المطلوب ،

وأنه لابد من تجديد هذا الخطاب ، لتطهير الدين من الأفكار المغلوطة والمشوشة ،وليس لمكافحة الإرهاب. وأوضح الرئيس أن عشرة شهور جرى خلالها التحرك فى هذا الملف ،لكننا نحتاج سرعة أكبر ، وفاعلية أكبر.
السؤال الذى  قد يتبادر إلى الذهن ،لمن يتوجه الرئيس بدعوته لتجديد الخطاب الدينى؟ الجواب ،بات معروفا ومؤكدا ، إلى المؤسسة الدينية الرسمية فى الأزهر وعلمائه ،وإلى رجال الدين  وشيوخه ،فهل يعقل أن يدعى لتجديد الخطاب الدينى من هم مسئولون عن جموده وتقليديته ومن يشكلون بخطابهم الرجعى المتشدد بيئة حاضنة لظواهر التطرف والعنف والتوحش باسم الدين؟ ما الذى أنجزه هؤلاء خلال العشرة أشهر المذكورة سوى تأثيم العاملين فى فيلم «حلاوة روح» ومنع فيلم «نوح» من العرض فى مصر، برغم انتشار نسخة على وسائل التواصل الاجتماعى ووقف برنامج إسلام بحيرى فى قناة القاهرة والناس وإجبار القناة تحت وطأة الحملة الشرسة التى تعرض لها إسلام بحيرى وبرنامجه والتى وصلت لحد تكفيره، كى  تعلن فى بيان لها وقف البرنامح بسبب ما أسمته إعلاء للمصلحة الوطنية ،واستجابة للإمام الأكبر للأزهر الشريف،ودعوة لعلماء  الدين وعقول الأمة المستنيرة كى تتصدى لقضية تجديد الخطاب الدينى بعيدا عن الإعلام الذى يسعى بطبيعته للإثارة كما قالت القناة ، دون أن تذكر لنا سندا قانونيا واحدا لتدخل  فضيلة شيخ الجامع الأزهر الجليل لوقف برنامج تليفزيونى، وإذا كان « علماء الدين وعقول الأمة المستنيرة « لم يتحملوا اجتهادات إسلام بحيرى ونقده لخرافات وترهات وتفسيرات مسيئة تنسب زورا وتلفيقاً للدين الإسلامى ونبيه الكريم، ولم يسعوا لتنفيذ وصية ديننا الحنيف بمجادلته بالتى هى أحسن، بدلا من مصادرته وملاحقته بتهم التكفير  والتقليل من شأن اجتهاداته برغم انسجامها مع العقل والمنطق والظرف التاريخى لحدوث  وقائعها ، وقبل كل هذا وبعده تناغمها مع الحس  الإنسانى السليم . فما الذى يدفعنا إذن كى نصدق أن بإمكان هؤلاء القيام بمهمة تجديد الخطاب الدينى؟ فضلاعن أن يكونوا قد تحركوا أصلا خلال الأشهر المذكورة لفتح هذا الملف أو إظهار أية إمارات  تدل علي رغبتهم فى فتحه، او التصدى  لمزاعم تيار الإسلام السياسي وفى القلب منه جماعة الإخوان وأذنابها فى وسائل الإعلام فى الداحل والخارج ،لإقران الدعوة لتجديد الخطاب الدينى بالمؤامرة على الدين  وإدخالها طرفا فى صراعها الدموى المقضى عليه بالفشل، من أجل العودة إلى السلطة ، فى سياق ألاعيبها المعروفة فى ترويج الأكاذيب  وطمس الحقائق وإنكارها وتجاهل  وصايا، الرسول الكريم «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة ، من يجدد لها دينها»!
هل يجدد الخطاب الدينى وكيل الأزهر الذى يصف العلمانيين و العلمانية الداعية لفصل الدين عن السياسة  وإعادته إلى المجال الذاتى ، وإبعاده عن الشئون العامة ،بالكفر ، ويصف  الداعين لدولة مدنية «بزمرة التنوريين» الساعين لتغريب أمور لا أصول إسلامية لها، ويصم المشرفين على مجلات وزارة الثقافة بالسير فى دروب الغلو اللادينى؟! وهل يصلح هؤلاء الذين يدعون إلى وقف التفكير العلمى العقلانى وإحياء التكفير والتبشير بقيم القرون الوسطى، أن يكونوا طرفا فى تطوير المناهج التعليمية ، وأن يضموا للعمل فى لجانها؟
هل يجدد الخطاب الدينى بعض رجال الدين المحسوبين على المؤسسات الرسمية ، الذين لا يترددون فى رجم المرأة السافرة بالكفر ، وشن هجوم ضار على المثقفين المصريين لنقدهم تردد الأزهر فى تجديد خطابه الدينى وإدانتهم ووصفهم بالمارقين الساعين لهدم

الإسلام،ونشر رؤاهم الموغلة فى التخلف باعتبار التماثيل أصناما ورؤيتها واقتناؤها حراما، واضفائهم حصانة على ذواتهم وعصمة على مؤسسات تخضع لسلطة القانون المدنى، تمنحهم الحق فى قول كل شيء وأى شىء، لمجرد أنهم رجال دين ، وهى حالة تزيد الفجوة بينهم وبين أى تجديد ، وتتناغم فى واقع الحال مع هلوسة الحركات السلفية وأحزابها التى تعتبر مصر دولة دينية طبقا لتفسيرهم الحزبى للمادة الثانية من الدستور؟!
واقع الأمر أن دعوات الرجاء والأمل التى يحملها الخطاب الرئاسى  لتجديد الخطاب الدينى تذهب فى الاتجاه الخاطئ، إذ تلقى  بالمسئولية عن ذلك على عاتق المؤسسة الدينية الرسمية ،على الرغم من أن التجارب اليومية تثبت أنها موغلة فى التمسك بأفكارها التقليدية الجامدة والمغلقة ، التى لم تخضع لأى مراجعة أو تحديث يعقد مصالحة مع قيم العصر، او يقدم تفسيرا للنصوص يظهر الوجه الساطع للحضارة الإسلامية التى استطاعت فى وقت من الأوقات أن تنقذ أوروبا من ظلام العصور الوسطى،ويبشر بمبادئ الدين  السامية فى الدفاع عن الحرية والمساوة والكرامة الإنسانية والعدل الذى قال عنه العالم الإسلامى « ابن القيم»:إذا ظهرت أمارات العدل ،وأسفر وجهه بأى طريق ،كان ثمة شرع الله ودينه.
ولكى تأخذ الدعوة لتجديد الخطاب الدينى الطريق الصحيح ،فعلينا ألا ننسى أبدا أن أحد الاسباب الرئيسية  لثورة 30 يونيو ، هو الرفض القاطع للشعب المصرى لفكرة الدولة الدينية، ونفورهم المطلق من التوظيف السياسى للدين، واحتقارهم لحالات الاستعلاء لمن يتاجرون به فى صراعهم السياسى، وفضحهم لمن يروجون لخطاب تيار الإسلام السياسى الذى يشكل بيئة حاضنة للتطرف ويقدم تبريرا لعمليات الإرهاب ، وبالتالى لايصلح أن يكون أى من هؤلاء مدعوا لتجديد الخطاب الدينى إذ إنه بات طرفا فى إبقاء الحال على ما هوعليه حفاظا على المصالح الناجمة عنه!
يبدأ تجديد الخطاب الدينى بتحديث وتطوير  المناهج التعليمية فى مراحل التعليم الأولى ، ومناهج التعليم فى المعاهد الأزهرية التى تخرج دعاة ومعلمين وتنطوى مناهجها على كوارث تعلى من القيم الطائفية بمقارنتها الجاهلة والسقيمة بين الأديان، فضلا عن تكريس السياسات التى تدعم دولة  المؤسسات والحق والقانون والعدل وتكافؤ الفرص بين مواطنيها ، وإعادة المؤسسة الدينية الرسمية إلى دورها الطبيعى فى الوعظ والإرشاد  والنصح وإبداء الرأى طبقا لقاعدة  أنه لاسلطة دينية فى الإسلام وأن رأيها صواب يحتمل الخطأ ورأى سواها خطأ يحتمل الصواب ، وأن لا أحد معصوم وفوق النقد فى دولة القانون والمؤسسات.