رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كـلمـات غير مأثورة

احتار وحيرنا معه الأستاذ «حمدين صباحى»، كلما تكلم ازدادت الأسئلة التى لا اجابة لها، واتسع التناقض فى المواقف التى يبدو لكثيرين،من فرط تكراره، أن لا معنى له، سوى أنه لم يعد يرى  لنفسه أى دور خارج قصر الرئاسة. وفى  الحديث الذى أجراه معه الإعلامى  البارز  «عمرو عبد الحميد»، فى فضائية الحياة الثلاثاء الماضى، تأويل غير دقيق و مجانب لكثير  من الحقيقة مما  جرى ويجرى فى المشهد السياسى المصرى, وبه كثير من اسلوب الإثارة  والتهييج  والنفخ فى الأخطاء الذى اكتسبه حمدين  من خبرته فى الحركة الطلابية فى سبعينيات القرن الماضى، ومبالغة فى الاستنتاج تبعث برسائل للغاضبين والحانقين على هذا المشهد، كما للمتربصين به،مضمونها أن واصلوا الغضب والحنق والتربص، فلا شىء تغير ولاثورة قامت،ولاعدل تحقق، وإصلاح الحال بات ضربا من الأمانى صعبة المنال!

بدا «حمدين صباحى» فى حديثه مفرطا فى الثقة بالنفس، ولأن الإفراط فى أى شىء، مهما كان طيبا،ليس من الفضائل،فقد شاب روايته للأحداث، وقراءته للواقع كثير من التجنى،وإطلاق سهام طائشة فى كل اتجاه.
وفى الحوار قال «حمدين صباحى»   كلماته المأثورة، المكررة، إن الدولة تسمح لفاسدى نظام مبارك أن يكونوا أحرارا، بينما تسجن الشباب الذين صنعوا الثورتين، ما أدى لغضب هؤلاء الشباب،وهوأمر لايمكن قبوله، وأن قانون التظاهر به غباء سياسى  ويجب تعديله، وقال إن مكافحة الإرهاب تحتاج  إلى رؤية شاملة، لاتقتصر على الرؤية الأمنية فقط،ولا يمكن القبول بعودة الدولة الأمنية بعضلاتها من جديد، وقال إنه كانت هناك أجهزة فى الدولة تغذى غضب الناس ضد حكم الإخوان، لكن دون أن تظهر فى الصورة، وتمنى للرئيس السيسى النجاح فى حال «إذا تبنى مشروع الثورة» وحقق «ما حلم به المواطن فى 25 يناير و30 يونية»!
وبداية فإن سجل الأستاذ حمدين صباحى فى الدفاع عن الحريا ت الديمقراطية ومساندة انظمة الاستبداد، سجل مثقل بالالتباس و بالادانة،فقد نجح فى الانتخابات البرلمانية التى جرت عام 2005 بمساندة ودعم من جماعة الإخوان،وفى انتخابات مجلس الشعب التى جرت بعد ثورة 25 يناير 2011-2012،كان حزب الكرامة الذى أسسه  حمدين  عام 1997 بعد الانشقاق الذى قاده على الحزب الناصرى فى قلب التحالف الذى أطلق على نفسه التحالف الديمقراطى من أجل مصر،الذى تزعمه باسم الجماعة، حزب الحرية والعدالة، وحصل على أغلبية المقاعد- 235 من بين 498- كان لحزب الكرامة من بينها 6 مقاعد، وكان أنصاره فى قلب المظاهرات التى دبرها  وخطط لها  الإخوان وهى تهتف دون  حياء او خجل «يسقط حكم العسكر» ومارست ضغوطا غير محتملة على المجلس العسكرى كى يختصر الفترة الانتقالية  ويعجل بالانتخابات الرئاسية، ويسلم السلطة لرئيس منتخب، فى ظل مناخ  يعلم فيه القاصى والدانى أن  التيار المتاجر بالدين،  يسيطر على عواطف الناس، ويستميل  مشاعرهم الدينية التلقائية. وفى هذه الأثناء كان حمدين صباحى  يتحدث عن الإخوان باعتبارهم «شركاء الثورة فى الميدان  وفى البرلمان»!
وبينما كانت جماعة الإخوان شريكته فى الثورة وفى الميدان وفى البرلمان، فقد كان خصومه هم الأحزاب التقليدية القديمة، وفى الاجتماع الأول الذى عقده ممثلون عن المجلس العسكرى،مع ممثلى أحزاب المعارضة ،فى أعقاب ثورة يناير، اشهر حمدين صباحى وجهه «الديمقراطى الأصيل» حين طالب المجلس فى مداخلته المأثورة المليئة بتزوير للحقائق، بحل هذه الأحزاب ومصادرة مقارها وأموالها، بزعم أنها جزء من نظام مبارك الذى سقط، ولم يكن يقصد بذلك سوى حزبى التجمع والوفد، اللذين صاغا ميراثا  نظريا مشهودا له بالجدارة من  قبل المنصفين، للدفاع عن الحريات الديمقراطية واستقلال الارادة الوطنية على امتداد ثلاثة عقود، داخل مجلس الشعب وخارجه، كان اساسا لكل خطوة وسعت من نطاق هذه الحريات، ومهدت الأرض للحركة الحقوقية فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وكانت ملهمة لكل الشعارات التى رفعها المتظاهرون فى ثورة 25 يناير

فيما بعد،فضلا عن التضحيات  التى قدمها الحزبان فى مراحل صدامهما مع كل من نظامى السادات ومبارك، لتزداد صعوبة فهم موقفه الديمقراطى، الذى ربما لا يبعد  كثيرا عن قول الشاعر «عين الرضا عن كل عيب كليلة، ولكن عين السخط تبدى المساويا»!
لاحظ الإعلامى البارع «عمرو عبد الحميد» أن  حمدين صباحى لم يذكر فى حديثه أى كلمة عن الحرب التى تخوضها البلاد ضد الإرهاب،فاستدرك حمدين بما سبق أن قاله،من أن مواجهة الإرهاب لايجب أن تقتصر على الرؤية الأمنية فقط، وعن رفض عودة الدولة الأمنية التى تمددت عضلاتها من جديد. وهذا نوع مما يصفه الإخوة السودانيون بالكلام الساكت أى الذى لامعنى له،فضلا عن مجافاته لما يجرى على أرض الواقع وافتقاده المسئولية والإنصاف، فالذى تمدد وفرض عضلاته هم الإرهابيون الذين يرفعون السلاح فى وجه الدولة والمجتمع،واستعادة القوى الأمنية لعافيتها بعد الدمار الذى لحق بها، ليس عودة للدولة الأمنية، بل قيام بواجب وطنى جسور وشجاع، يفتدى فيه أفراد الشرطة والجيش الوطن وابناءه بأرواحهم، لكن الشعبوية، ومخاطبة العواطف والمشاعر البدائية، تعلو هنا على التحلى بالمسئولية، وعلى الرغبة فى الإنصاف!
حمل كلام حمدين فى هذا الحوار رغبة فى الثأر من مجهول لم يذكره، وربما يصدق ذلك على أغرب ما ورد فى حديثه، وانطوى على تكرار لما يردده قادة جماعة الإخوان أثناء، وبعد حكمهم الفاشل الذريع،حيث كانوا يشتكون لزوارهم من صحفيين ومسئولين أجانب،ما ذكره فى حديثه بالحرف الواحد «كانت هناك أجهزة ومؤسسات فى الدولة  تغذى غضب الناس ضد حكم الإخوان». وما لم يقله حمدين صباحى فى حديثه، إنه كان فى مؤسسات الدولة إخوان يحرضون على الجيش والشرطة والقضاء، والإعلام، وأن الإخوان نجحوا خلال العام الذى استولوا فيه على  مقاليد الحكم، فى حشد اعضائهم وأنصارهم فى تلك المؤسسات كى يستخدموها ضد خصومهم السياسيين، وحتى فى الاتصال بالسفارات الأجنبية كما تكشف ذلك فيما  بعد، وللتفريط فى مصالح عليا لهذا الوطن. وما أود أن أقوله للصديق حمدين صباحى، إن الدولة لم تحرر فاسدى نظام مبارك، بل هو القضاء الذى تطالب باستقلاله هو من أفرج عنهم، وبرأهم، وأن الدولة لم تسجن الشباب الثورى، بل هو القضاء الذى يحاكمهم على جرائم جنائية، وليس على آرائهم السياسية، ولأنهم يصرون على تحدى القانون الذى لا سبيل لتغييره، بالفوضى  والتحريض على العنف، ومخاطبة المشاعر والعواطف، لا الضمائر والعقول، فأمامك وأمامهم البرلمان القادم للسعى لتعديله، وحتى ذلك الحين، فليحترم القانون،إذ بدون، ذلك لن تكون هناك دولة.