تقرير رابعة ووقاحة التجنى
ولأن ليس كل الظن إثماً، بل بعضه فقط كما يوصى النص القرآنى الكريم ، فغير بعيد عن الظن ،أن يكون التقرير الوقح الذى أصدرته منظمة «هيومن رايتس وواتش» تحت عنوان «مذبحة رابعة وعمليات القتل الجماعى للمتظاهرين فى مصر «قد تمت كتاباته فى أحد مقرات التنظيم الدولى للإخوان ، وبتمويله بطبيعة الحال، وهى أمور تقتضى المجاملة ، ورد التحية بأحسن منها. فالتقرير لا يمتلئ فقط بالاكاذيب والمخالفات المهنية والحرفية ، والمغالطات والافتراءات
والتحيزات السياسية الصارخة، بل أيضا بالتناقضات الفاضحة فى الجملة الواحدة وفى الاستدلالات، وفى الإسناد إلى مواطنين مجهولين ومصادر مجهولة الهوية من أطباء وحقوقيين وحتى رجال أعمال، لاشك أن معظمهم من جماعة الإخوان ،الذين لم يكتفوا بالتجارة بالدين بل يعمل كثيرون من قادتهم وكبار أعضائهم فى الاستثمار التجارى والمالى !
وقبل التطرق لمضمون التقرير، من المفيد أن نعرف ،أن هذه المنظمة ، التى تصف نفسها بأنها منظمة دولية ، غير حكومية ، معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها وتتخذ من مدينة نيويورك مقرا دائما ، قد انشئت فى العام 1978 فى غمرة الصراع بين القطبين الدوليين الكبيرين، الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف سياسي معلن ومعروف ، هو مراقبة قضايا حقوق الإنسان فى دول المعسكر الإشتراكى، وفى القلب منه بطبيعة الحال الاتحادالسوفيتى، لتصبح بذلك أداة فى الصراع الدولى وفى الحرب الباردة الناشبة آنذاك، إنحيازا لصالح أحد الطرفين وهو المعسكر الرأسمالى الذى تتزعمه واشنطن، تماما كما فعلت فى تقريرها عن أحداث رابعة ،الذى شاءت أن تعلنه بشكل متعمد ، فى مشهد مسرحى فاشل معد سلفا ، قام بتمثيله مديرها التنفيذى ومسئولة قسم الشرق الأوسط فى المنظمة ، حين وصل الاثنان قبل أيام إلى مطار القاهرة وهما يعلمان أنهما سيمنعان من دخول مصر، لعدم حصولهما على تأشيرة مسبقة ، ولتجاهلهما رد السلطات المصرية على طلب المنظمة زيارة وفدها إلى مصر فى هذا التوقيت غير البرىء، الذى يتزامن مع حلول الذكرى الأولى لفض اعتصامى رابعة والنهضة، بتأجيل الزيارة إلى شهر سبتمبر. ولأن الغرض مرض كما يقول المثل الشعبي، فقد تعمدوفد المنظمة المجىء إلى القاهرة فى الوقت الذى حددته المنظمة لنفسها ورفضته السلطات المصرية، وبغير الحصول على التأشيرات اللازمة لذلك كى تعلن فى مؤتمر صحفى تقرير رابعة فى يوم ذكراها، فيما يعد عملا تحريضيا متكامل الأركان،برغم انها لا تمتلك أى سند قانونى يسمح لأعضائها لا بالدخول، ولا بممارسة العمل داخل مصر ، بعد أن سحبت الطلب الذى سبق أن تقدمت به إلى السلطات المصرية لمنحها ترخيصا بالعمل داخل البلاد.
وكما كان متوقعا منعت سلطات المطار الوفد من الدخول،ليغادر إلى بيروت ليقيم الدنيا ويقعدها لعدم سماح السلطات المصرية لهابالدخول وعرقلة صدور التقرير، قبل أن يعلن من هناك تقريره الفضيحة.!
ذكر تقرير المنظمة أنه اعتمد على مقابلات نحو 200 شاهد من متظاهرين واطباء وسكان المنطقة وصحفيين مستقلين لم تذكر اسماءهم ومن ذكرت اسمه خرج لوسائل الإعلام ليؤكد أن التقرير زور شهادته ونسب إليه مالم يقله ، ولم يذكر ما قاله لهم أن أول القتلى كان شهيدا من أفراد الشرطة، وهى شهادة تنسف مصداقية التقرير من أوله لآخره. من المتنا قضات المضحكات المبكيات الواردة فى التقرير أن قوات الأمن وضعت خطة تتسبب فى قتلى لعدة آلاف، ثم عاد ليقول إن عدد القتلى من 5 يوليو إلى 17 أغسطس 2013 وصل إلى 1150 فردا ثم تراجع عن هذا الرقم لينقصه إلى 817 قتيلا ، وبرغم اعتراف التقرير بأن بعض المتظاهرين كانوا يستخدمون الأسلحة النارية، إلا أنه لم يخجل من وصف تلك المظاهرات بالسلمية. وبرغم ذكره أن وفودا من منظمته كانت متواجدة أثناء فض الاعتصام، فقد زيف الحقائق التى شهدها بعينه، حين زعم أن الشرطة لم توفر ممرات آمنة لمن يريد الخروج من من الاعتصام، وغير ذلك كثير من الافتراءات الصارخة التى يعززها روح التقرير ولغته التى تتبنى دون لبس رؤى جماعة الإخوان ، با ستخدام العبارات التى يتاجرون بها فى خطابهم الدعائى ضد مصر حين يقول « خلع الجيش فى 3 يوليو محمد مرسى ، أول رئيس مدنى فى مصر» وهو ما يعزز الاعتقاد بأن التقرير تمت صياغته فى مقر فخيم للتنظيم الدولى للإخوان،لاسيما وتقرير المنظمة يرفع مطالبه بوصف فض الاعتصام بأنه جرائم ضد الإنسانية ويطلب بتقديم المسئوليين عنه لمحكمة دولية، ويحض الغرب على تعليق المساعدات العسكرية لمصر، مع أنه ليس من اختصاص تقارير تقصى الحقائق الخوض فى تحديد عقوبات!
تجاهل التقرير كل ما يخالف رؤية جماعة الإخوان لما جرى . فمن المعروف أن الحكومة المصرية ظلت مترددة فى فض الاعتصامين نحو 6 أسابع من 30 يونية وحتى 14 أغسطس، وخلال هذه الفترة وجهت
قدرت وزارة الداخلية أن فض الاعتصام بالقوة سوف يسفر عن سقوط 500 ضحية من الجانبين ،نظرا للسلاح المكدس فى الميدانين، وكان ذلك أحد الأسباب التى دفعت الداخلية للتردد فى بدء الاقتحام، وحين بدأ استعدت قوات الأمن بعض المنظمات الحقوقية لتراقب فض الاعتصام، واتبعت القوات المعايير الدولية لفض الاعتصامات المسلحة، فخصصت طرقا آمنة لمن يريد الخروج، وناشدت المعتصمين عبر مكبرات الصوت الانصراف ،مع التعهد بعدم التعرض لهم أو ملاحقتهم ، لكنهم لم يستخدموها إلا عندما بدأ الاشتباك،باستخدام خراطيم المياه، إلى أن فوجئت الشرطة بوجود مبنى تحت الإنشاء، احتل عدداً من طوابقه قناصة يطلقون الرصاص، ضد أفرادها فكان لامفر أمامها من استخدام الرصاص للدفاع عن النفس. لم يلتفت كتبة التقرير إلي أنه فى اللحظة التى بدأ فيها فض الاعتصام بدأ تنفيذ مخطط مرسوم سلفا،هو الهجوم على مديريات الأمن، وقتل ضباط الشرطة، والتمثيل بجثثهم، وحرق الكنائس،فيما بدا أنه حرب أهلية تخوضها جماعة مسلحة لفرض إرادتها على الشعب المصرى.
كشف تقرير المنظمة أن عدد الضحايا لايزيد علي 800 وهو رقم يقترب من عدد 629 الذى حددته السلطات المصرية، وهو رد على الأكاذيب التى يروجها المتباكون على قتلى رابعة الذين يصل عددهم عندهم إلى خمسة آلاف، ومع ذلك فهو عدد كبير يستدعى الحزن والأسف، لكن السؤال يظل هو،على من تقع مسئولية قتلهم ؟على السلطات المصرية التى نفد صبرها على امتداد أكثر من 45 يوما، أم على قادة الجماعة الذين يريدون قهر إرادة 80مليون مصرى من أجل فرض رئيس عليهم لا يردونه ،والذين تسللوا هربا من الاعتصامين بأشكال مخجلة،بعد ترك من حرضوهم لمصيرهم،ولماذا يصمت تقرير المنظمة عن شهداء الشرطة والجيش ، وكأنهم لاحقوق انسان لهم تدافع عنها المنظمة الأمريكية فيما «إتشحتف»تقريرها على هؤلاء الذين مازالوا يخوضون حربا ،خاسرة لا محالة مع الدولة والمجتمع والشعب المصرى،الذى لفظهم هم وأعوانهم فى الداخل والخارج ، ليتفرغ للتنمية والبناء لتحيا مصر.
أمينة النقاش