رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضد القانون أم ضد الدولة؟

أصبح واضحاً الآن لكل ذى عينين، أن الحكومة لن تتراجع عن تنفيذ قانون التظاهر الذى صدر بناء على إلحاح شعبى، فى أعقاب الفوضى التى سادت أنحاء البلاد، من المظاهرات الهزلية شبه اليومية، غير السلمية، لجماعة الإخوان وأنصارها، والتى أمعنت فى قطع الطرق وإغلاق الكبارى وتحطيم المبانى والمنشآت العامة، وتعطيل الجامعات، والاعتداء على أساتذتها، فضلاً عن وقف الحال وقطع الأرزاق، وتعطيل حياة الناس وإعاقة معظم الأنشطة الاقتصادية والسياحية والتجارية.

والبيان الذى أصدره مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي، ردا على المظاهرات المتوقعة المعارضة لصدور القانون ممن يسمون أنفسهم بالقوى الثورية، التى تنفذ أجندة جماعة الإخوان بامتياز، يؤكد «أن الحكومة لن تسمح بتراجع الدولة أمام قوى الإرهاب» وهو الأمر الذى قطع به الدكتور حسام عيسى نائب رئيس الوزراء بقوله إنه ليس هناك تفكير فى تعديل القانون بأى شكل كان، ووصفه عن حق بأنه أكثر تحرراً من القانونين البريطانى والسويسرى، لأن الآخرين يطلبان تصريحاً، فيما القانون المصرى يقر المظاهرة بالإخطار فقط.
ولأن تعديل القانون أو حتى إلغاءه، لم يكن الهدف، فقد خرجت المظاهرات المحدودة والمفتعلة تحت زعم الاعتراض على صدوره، لتحدى الدولة وإضعاف مؤسساتها وهز هيبتها سواء برفض تنفيذ القانون، بإخطار قسم أو مركز الشرطة الذى يقع فى نطاقه مكان المظاهرة، وتحديد موعد بدئها وانتهائها، والشعارات التى ترفعها والجهة المسئولة عنها، كما يحدث فى كل قوانين التظاهر فى معظم بلدان العالم، أو بالسباب الهابط والبذاءات والتصرفات القبيحة المنافية للذوق والآداب العامة ضد قوات الأمن، وإلقاء الحجارة ومواد البناء على أفراد الشرطة الذين أصروا على تطبيق القانون بتحذير المتظاهرين عبر مكبرات الصوت، وبخراطيم المياه وبالقنابل المسيلة للدموع، قبل إلقاء القبض على عدد منهم، وملء الدنيا صياحاً عن قمع المظاهرات السلمية أو استدعاء هيئة الأمم المتحدة فى واقعة مثيرة للدهشة والغرابة، ولعلها غير مسبوقة، لكى يعترض المتحدث باسم أمينها العام على قانون التظاهر المصرى ويصفه بالمعيب لأنه، كما يزعم، يقيد الحق فى التظاهر وينتهك الحق فى التجمع السلمى، وهو ما حدث بعد أن تم توزيع فيديوهات الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين بطبيعة الحال، على قنوات «الجزيرة» والـ «سى إن إن» والـ «بى بى سى» وغيرها.. وغيرها من القنوات والصحف التى يغدق عليها التنظيم الدولى للإخوان من ثرواته!
لم تكن مصادفة أن تذهب المظاهرة المفتعلة التى تهتف ضد الشرطة وما تسميه حكم العسكر، إلى مجلس الشورى كى تهتف أيضاً ضد لجنة الخمسين المجتمعة بداخله وضد الدستور الذى لم نتسلم حتى الآن نسخته النهائية، بزعم أنه ينطوى على نص يبيح محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، مع أن النص وفقاً لما هو متداول أفضل بكثير مما تضمنه دستور 2012 الإخوانى الذى أباح محاكمة المدنيين، أما القضاء العسكرى فى الجرائم التى أشار اليها بشكل يتسم بالعمومية بأنها «تضر القوات المسلحة» بينما يحصر النص المتداول فى الدستور الجديد أنواع تلك الجرائم ويحددها، ويشترط أن تقع مباشرة على القوات المسلحة، مع تأكيده أنه لا يجوز محاكمة مدنى أمام المحاكم العسكرية.
كان على العدد القليل الذى انسحب من اجتماع لجنة الخمسين وغيرهم ممن أعلن تجميد عضويته أن يعودوا أولاً إلى الجهات التى دفعت بهم كى يمثلوها فى اللجنة، قبل اتخاذ هذا القرار، واللف على الفضائيات لإعلانه، لما يتصف به ذلك السلوك من تجاهل أنهم لا يمثلون أنفسهم، ولما يحمله من قلة إدراك لحساسية اللحظة التى يعملون فيها!
قدمت حركات 6 أبريل والاشتراكين الثوريين وحلفاؤهم من الحركات الشبابية التى يحيط بها الغموض وعلامات استفهام دون إجابات واضحة،

ويجمع بينها مشترك واحد هو العداء لثورة 30 يونية، قبلة الحياة لما يسمى تحالف دعم الشرعية، الذى فشل على امتداد أسابيع فى حشد متظاهرين «ضد الانقلاب» بعد أن نجحت قوات الأمن فى تطويق أعمالهم التخريبية، فخرج الجناح الثورى للإخوان لينوب عنهم فى مهمتهم المقدسة.. إسقاط هيبة الدولة!
مشترك واحد أيضاً يجمع معظم من يعارضون القانون الجديد الذى ينظم الحق فى التظاهر، هو معاداة ثورة يونية وما أسفر عنها من خارطة للمستقبل دخلت أهم  خطواتها مرحلة التنفيذ، وهو ما يدفع الجماعة وحلفاءها من اليمين واليسار لاختلاق مواجهات لعرقلة المضى قدما فى إنجاز بقية مراحلها، وإبقاء البلد محلك سر.
الذين يعارضون القانون يتجاهلون أنه قانون مؤقت يمكن تعديله أو إلغاؤه حين يتشكل البرلمان الجديد، وأنه يصدر فى ظرف استثنائى تخوض فيه كل مؤسسات الدولة حرباً منظمة ضد الإرهاب الذى يستهدف أول ما يستهدف إسقاطها، وتفكيك جيشها، وإضعاف أجهزتها الأمنية التى باتت، رغم جسامة التضحيات التى تقدمها، تحرز انتصارات مؤكدة فى مختلف المواقع، ونجاحات تمهد لسلامة المجتمع وأمنه، فضلاً عن أن المظاهرات التى يقودها الإخوان وأعوانهم لا علاقة لها بالسلمية من قريب أو بعيد.. ومن يشيعون أن قانون العقوبات به ما يكفى من مواد لمواجهة هذه الفوضى المنظمة التى تسعى لعرقلة حياة الشعب المصرى تحت دعوى التظاهر، يتغافلون عن عمد أن المادة 86 وتعديلاتها المختلفة منه قد تصلح بديلاً لقانون الإرهاب الذى ينطوى على عقوبات تصل لحد الإعدام لمن يلحق الضرر بالبيئة أو الاتصالات أو المواصلات أو الأموال أو المبانى أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو منع عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم.. إلخ، لكنها لا تصلح بديلاً لقانون ينظم الحق فى التظاهر، لأن قانون العقوبات لا يمنح الشرطة الحق فى العلم بمسار وبموعد المظاهرة ولا يمكنها من حمايتها إذا ما انقلبت من مظاهرة سلمية إلى أخرى مسلحة أو عنيفة، أو من تغيير خطوط سير المواصلات إذا لزم الأمر حفاظاً على المتظاهرين، وغيرها من التفاصيل التى يشملها قانون التظاهر الجديد، بعد أن بات واضحاً أن بعض من يعارضونه، هم جماعات فوضوية لا هم لها سوى هدم الدولة المصرية!
والرد الوحيد المقبول على دعاة الفوضى والدمار هو ما تم بالفعل، تمسك الحكومة بدولة القانون، ومعاقبة كل من يخرج عليها.