عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعظيم سلام للشرطة المصرية

لأول مرة منذ 28 يناير 2011 يشعر كثير من المصريين أنهم يعيشون فى دولة بها قانون، ومؤسسات تسعى إلى تطبيقه، مهما كلفها ذلك من خسائر  وتضحيات، خاصة بعد أن تبين لهم على امتداد أكثر من عامين الجهد الدءوب الذى بذلته جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها فى الداخل والخارج من غزة إلى تركيا مرورا بحزب الله لتفكيك أواصر الدولة المصرية

، وهدم مؤسساتها واستباحتها ومحاولات الايقاع فيما بينها، واقتحام السجون والاستيلاء على ملفاتها وقتل ضباطها وجنودها وحراسها وتهريب مسجونيها، وحرق مقار مباحث أمن الدولة فى كل أنحاء الجمهورية فى توقيت واحد ليصعد أحد المتهمين فى تلك الحوادث فى صدفة بائسة إلى سدة الرئاسة فيواصل صدامه مع بقية مؤسسات الدولة تمهيداً لإعلان دولة الخلافة التى يبشرون بها،ثم يصدر بعد ذلك قرارات جمهورية بالإفراج عن قتلة ومجرمين جنائين وتجار مخدرات ويفتح سيناء لتصبح موطنا للقاعدة وعصابات الإرهاب الدولى لتسانده فى إتمام ما يزعم أنه المشروع الإسلامى!
أكثر من عشر ساعات عاشها معظم المصريين يوم الأربعاء الماضى بين الأمل والرجاء والخوف، والشرطة تبدأ فى السادسة والنصف صباح اليوم تنفيذ خطة فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة. الأمل ألا تطول أيام فض الاعتصام، والرجاء أن تقل الخسائر التى ستنجم عنه، والخوف من ردود الفعل غير المسئولة لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الذى تثبت التجارب أنه لا حدود لتهوره وغبائه وعدم إيمانه بالدولة الوطنية. ثمانية أسابيع من اعتصام مسلح بأسلحة نارية وخرطوش وزجاجات مولوتوف وصواريخ «آر بى جى» تم خلالها بناء مستوطنتين فى رابعة العدوية والنهضة تسرق كهرباء الدولة ومياهها وتنفق أموالا طائلة لاستئجار أطفال شوارع واطفال ملاجئ ليزيدوا بهم اعداد المعتصمين، وهى أموال غير معلومة المصدر بطبيعة الحال، توظف لشراء ولاءات عاطلين من الرجال والنساء واستغلال فقرهم وحاجتهم، وجلبهم من القرى والأحياء الشعبية. بدأ فض الاعتصام بعد أن قامت الدولة المصرية كل ما فى وسعها ان تفعله لفض اعتصام غير سلمى بطريقة سلمية وودية فدعت قادة التحريض على الفوضى والعنف إلى المشاركة فى الحكومة وفى لجنة تعديل الدستور وفى الفترة الانتقالية لتنفيذ خارطة المستقبل فرفضوا، وحرضوا المجتمع الدولى على الحكومة المصرية التى اضطرت تحت وطأة نزع الذرائع أن تفتح أبواب الدولة المصرية أمام التفتيش الدولى لممثلى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والدول العربية للتأكد أن ما تم فى مصر ليس انقلابا وأن ما يجرى فى رابعة ليس اعتصاما سلميا وأن المؤسسة العسكرية سوف ترعى، كما طالبها الشعب بذلك،تنفيذ مراحل تلك الخارطة من تعديل الدستور إلى اجراء الانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية، انطلاقا من قاعدة ثابتة هى أنه لا يمكن العودة إلى ما قبل 30 يونية الذى عبرت فيه أغلبية شعبية كاسحة عن رفضها الواضح لأسلوب الحكم الذى أدار به الإخوان المسلمون شئون البلاد، والذى نم عن الفشل وانعدام الكفاءة وقصر النظر وأيضا غيبة الضمير!
ينوح النائحون الآن من فوق منبر الجزيرة وأخواتها والبى بى سى والسى إن إن والجارديان وكل وسائل الإعلام التى مد التنظيم الدولى للإخوان إليها نفوذه –معظمهم مصريون- عن المجازر التى طالت المعتصمين السلميين. لم يشأ أحدهم أن يرى التوابيت الخشبية الجديدة التى استخدمت للتمويه لتكديس الأسلحة فى ساحة مسجد رابعة العدوية، ولا الجثث المحترقة التى القيت على جنباته وبها آثار تعذيب وحشى، لم يسمع أحدهم استغاثات الأهالى التى تقطن فى العمارات المجاورة للاعتصام التى تعطلت حياتهم تماما طوال هذه المدة، لم يشاهد قطع الطرق وتعطيل الكبارى وايقاف القطارات والهجوم على المبانى الرسمية، فضلا عن

خطاب تحريضى يحض على العنف وعلى الفتن الطائفية البغيضة وعلى القتل.
المجازر ارتكبها الإخوان وانصارهم بعد فض الاعتصام حيث أحرقوا 21 قسم شرطة ومركزاً و17 كنيسة فى أنحاء الجمهورية، ومثلوا بجثث الضباط والجنود ورعاة الكنائس. وحين بدأت الشرطة فى فض الاعتصام راعت كل المعايير الدولية المتعارف عليها لفض الاعتصامات السلمية، ومع أن هذا الاعتصام لم يكن سلميا فقد التزمت الشرطة بأقصى درجات ضبط النفس، فناشدت المعتصمين بالخروج الآمن، وفتحت لهم منافذ لذلك، وأطالت فترة الحصار، وألقت عليهم بمنشورات تتعهد لهم بعدم ملاحقة من ينصرف منهم، واستخدمت مكبرات الصوت لحث النساء والأطفال على الانصراف، ثم بدأت فى استخدام خراطيم المياه فى أعقاب استخدام المستوطنين فى رابعة للأسلحة النارية التى بدت صناديق مكدسة منها على كل الشاشات ما عدا الجزيرة وأخواتها طبعا.
بحرفية عالية فاقت كل التوقعات أدارت الشرطة المصرية خطة فض الاعتصامين وفى وقت قياسى فى يوم واحد، وفى فترة لم تتجاوز عشر ساعات إلا قليلا، وبخسائر مهما كانت فداحتها فهى محتملة، لأنها كانت ثمنا كى تستعيد الدولة المصرية هيبتها، وتستعيد الشرطة المصرية مكانتها. فطبقا لما أعلنته وزارة الصحة فإن حصيلة الاشتباكات فى القاهرة والمحافظات هى 327 قتيلا و2926 مصابا بينهم 43 شهيدا من ضباط الشرطة، وهى خسائر كبيرة لكن الذى يتحمل المسئولية الأولى عنها هم جماعة الإخوان التى رفضت كل الحلول التى تم عرضها لفض الاعتصام بشكل سلمى رافعة شعار: أنا فى الحكم أو الفوضى والدمار!!
إذا كان للكوارث جوانب إيجابية فإن أهم الجوانب الايجابية لما حدث فى الساعات العشر الحاسمة فى تاريخ مصر أن الشعب المصرى عرف بشكل قاطع الطبيعة الإرهابية لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الذى غافلهم فى لحظة فارقة فى تاريخهم وتمكن من حكمهم لمدة عامين، ولأنه تنظيم طالب سلطة من تجار الدين، فلن يكف عن معاودة المحاولة، وعلى قوى الشعب المصرى السياسية أن تستعد لهذه المواجهة التى ربما تبدأ فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
الجانب الإيجابى الاهم هو أن الشرطة التى جرى التآمر على محوها تماما بعد ثورة يناير لأسباب حزبية معروفة أفقدت أفرادها ضمن عوامل أخرى الثقة فى أنفسهم، تستعيد ليس فحسب كامل كفاءتها، بل أيضا ثقة المواطنين فى أهليتها للتصدى للمهمات الثقيلة الملقاة على عاتقها فى حماية الأمن الداخلى للوطن وحماية مصالح شعبه. تعظيم سلام للشرطة المصرية الباسلة.