رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

علامات استفهام تبحث عن إجابة

بعد ستة أيام من القلق والمتابعة شغل خلالها المصريون، عن كثير من المشاكل التي تؤرق حياتهم اليومية، من انقطاع الكهرباء، إلي الغلاء الطاحن الذي يذل كبرياءهم،ومن قانون الصكوك إلي قرض الصندوق، ومن قانون السلطة القضائية، إلي قانون تنمية إقليم قناة السويس، ومن حركة تمرد، إلي مظاهرة يوم الثامن والعشرين من يونيو التي دعت إليها الحركة للمطالبة بإسقاط النظام، لينحصر كل اهتمامهم بشيء واحد هو متابعة مصير جنود الشرطة الستة وجندي من القوات المسلحة أختطفوا يوم الخميس السادس عشر من مايو الجاري من سيناء اثناء استقلالهم سيارة خاصة تتجه بهم نحو القاهرة.

تابع المصريون الحدث وسط سيل من التحليلات المتضاربة، يتحدث بعضها عن أن العملية جزء من الصراع بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، وأن الهدف منها دفع الجيش لمواجهة مع المدنيين تفقده ما له من رصيد لدي المواطنين، أو إظهاره بمظهر العاجز عن القيام بعمل حاسم لانقاذ هيبة الدولة وصون شرف مؤسساتها الأمنية، وتعددت خلالها الاجتماعات ما بين الرئيس وقادة الجيش والمخابرات والقيادات الدينية وبعض قيادات الاحزاب الاسلامية، وفجأة أعلن في وقت مبكر من صباح الأربعاء أن الجنود السبعة وجدهم أحد المواطنين بطريق «بئر لحفن» في سيناء، وخلال هذه المدة، تراكمت أسئلة المصريين حول هذا الموضوع.
أول هذه الأسئلة هو كيف تم التوصل إلي الاتفاق الذي انتهي بإطلاق سراح الجنود السبعة؟.. ومن هي الجهات التي كانت تتفاوض؟
ما هي الظروف التي تدفع جنودا عائدين من الإجازة لعدم استخدام السيارات العسكرية المخصصة لهم والمتاحة لتنقلهم، وهل يعكس ذلك نوعاً من التسيب وعدم الانضباط؟.. ومن أين جاء للخاطفين أنهم جنود وهم يستقلون عربات غير عسكرية؟
ما هو السبب في تناقض التصريحات التي صدرت عن الرئاسة وتحدثت عن أن توجيهات الرئيس عقب اجتماعه مع الجهات المسئولة أن يكون الهدف من العملية هو تحرير الجنود المخطوفين، مع حقن دماء الخاطفين؟.. وتناقض الأخبار التي تم تداولها حول وجود مفاوضات تجريها الرئاسة مع الخاطفين، ونفي الرئاسة لذلك، وقولها إنها غير مسئولة عن المفاوضات التي تقوم بها أطراف أخري؟.. ومن هي هذه الأطراف؟.. وهل قامت بهذه الوساطة دون علم الدولة، أم بعلمها وتحت إشراف بعض أجهزتها؟
وإذا كان صحيحاً أن الدولة لم تقم بأية مفاوضات، كيف أعلن أن المخابرات الحربية تتفاوض مع المشايخ ورؤساء القبائل في سيناء؟
وما هي طبيعة زيارة الدكتور محمد البلتاجي والدكتور سعد الكتاتني لسجن العقرب، وهو السجن الذي قيل إن حمادة شيتة محبوس به؟.. وهل لذلك علاقة بأن الخطف تم بسبب تعرض شيته لعملية تعذيب أسفرت عن فقده لبصره وأضراراً صحية بالغة؟.. أم أن الزيارة كان لها صلة بالوساطة؟
ولماذا لم يجتمع مجلس الدفاع القومي لمناقشة هذه الأزمة؟.. ولماذا اقتصرت لقاءات الرئيس علي حضور وزير الداخلية ووزير الدفاع الذي حضر معه مديرا المخابرات العامة والحربية, بينما لم يحضر مع وزير الداخلية رئيس جهاز الأمن الوطني، مع أنه الجهاز المختص بمتابعة ملف الجماعات الإرهابية في سيناء؟.. حين كان اسم الجهاز مباحث أمن الدولة، كما لايزال عدد من الضباط الذين يديرون هذا الملف يعملون به حتي الآن؟
كانت تلك هي بعض الأسئلة الي تشغل المصريين، إلي أن فوجئوا بالإعلان عن تحرير المخطوفين، وسط أنباء يصعب القول أنها لم تسرب عمداً إلي الصحف ووسائل الرعلام، تتحدث عن اقتراب ساعة الحسم وساعة الصفر، وأنه تم التعرف علي أسماء الخاطفين، وأماكن تواجدهم، إلي أن فوجئ الجميع بالمعجزة تتحقق، وبالجنود السبعة يطلق سراحهم، ويستقبلهم الرئيس ووزير الدفاع ورئيس الأركان ووزير الداخلية، فضلاً عن رئيس الوزراء في مطار ألماظة العسكري، وسط كاميرات التليفزيون ومراسلي الصحف والإذاعات، وفي خطبته أمام كل هؤلاء لم يقدم الرئيس أية تفاصيل عن الطريقة التي تم بها التوصل إلي هذه النتيجة سوي الفخر بتحرير الرهائن دون أن يصاب أي واحد منهم بأذي، وبتعاون كل أجهزة الدولة للتوصل لهذه النتيجة، لكنه لم يقم بإدانة الإرهاب والإرهابيين أو يتعهد بملاحقتهم، وبعدم إفلاتهم من المساءلة والعقاب!
وبعد ساعات من الفرح شملت المصريين جميعهم، بعد أن كان الغضب قد بلغ مداه، نتيجة لتحليل الموقف الذي كان ينظر إلي أن هذه العملية تستهدف هدم هيبة الدولة، وتدمير سمعة القوات المسلحة، بالإضافة لما أحاط بها من شكوك وريب وهواجس مشروعة، تنبه الجميع أن هناك ثلاثة اسئلة كبري لم يجب عليها أحد:
السؤال الأول: من هم الخاطفون إلي أية جنسية ينتمون؟.. وهل العملية مصرية كاملة أم قام بها فريق من الإرهابيين المصريين يقيمون في سيناء، أم شارك فيها عناصر غير

مصرية جاءت من خارج الحدود عبر الأنفاق أو من الصحراء الغربية؟.. وإلي أي تنظيم بالتحديد ينتمون من بين التنظيمات الجهادية المتعددة الجنسية التي تعمل في سيناء؟.. وهل استعانوا بعناصر إرهابية أو جهادية مصرية تعمل في سيناء أوتعمل في الوادي؟
السؤال الثاني: هو كيف تم التوصل إلي الاتفاق الذي أنتهي بإطلاق سراح الجنود السبعة؟.. ومن هي الجهات التي كانت تتفاوض؟.. وإذا صح القول إن من كان يتفاوض هم قبائل ومشايخ سيناء فمن هي تلك القبائل؟.. ومن هم هؤلاء المشايخ؟.. وفي أي مكان تمت المفاوضات؟.. وهل كان الجنود في داخل سيناء كما أكدت مراراً التصريحات الرسمية أم كانوا قد نقلوا عبر الأنفاق إلي غزة؟.. وهل كانوا موجودين في مكان واحد أم تفرقوا في أكثر من مكان؟.. وهل كان من بين الذين فاوضوا أحد من المنتمين للتيارات والأحزاب الإسلامية ذات الصلة بالموضوع؟.. هل كان من بينهم كما يقال منتمون لتيار السلفية الجهادية أو غيرها من التيارات الأخري عرضت التوسط كان من بينها حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية التي قامت باغتيال السادات؟
السؤال الثالث: ما هو الثمن الذي دفعته الدولة مقابل موافقة الخاطفين علي إطلاق سراح الرهائن؟ وهل تم ذلك لمجرد الاستجابة لوساطة رؤساء القبائل أم أن الادارة المصرية استجابت لمطالب الخاطفين، بالإفراج عن المسجونين الأربعة وعشرين، الذين حكم عليهم في قضايا تفجيرات طابا ونويبع، والهجوم علي قسم شرطة العريش وعلي فرع بنك الإسكندرية بها؟.. أم أن الصفقة اقتصرت علي الإفراج عن بعضهم؟.. وهل تم الإفراج أم أنه سيتم فيما بعد؟.. أم أن هؤلاء تلقوا وعودا بالعفو عنهم بقرارات جمهورية، أو بإحالتهم إلي محكمة مدنية لتعيد محاكمتهم كما كانوا يطالبون؟
هذه هي الأسئلة الرئيسية التي تشغل الرأي العام، وبدون الإجابة عنها تظل الفرحة بإطلاق سراح الجنود ناقصة، ويصبح الحديث عن نصر سياسي إدعاء يفتقد إلي القدر الكافي من الأسانيد، وهي أسئلة تنضم إلي قائمة طويلة من علامات الاستفهام والتعجب التي لم يجب عليها أحد، علي رأسها لماذا توقفت العملية نسر واحد ونسر اثنين؟.. وما مدي النجاح الذي حققته في تصفية خلايا الإرهاب المنتشرة في سيناء، وما هي العقبات التي واجهت هاتين العمليتين، وهل هي عقبات لوجستية تتعلق بجغرافيا المكان، وطبيعة جبل «الحلال» الذي يتحصن به هؤلاء الإرهابيون؟.. أم هي عقبات سياسية تتعلق يما يوصف بأنه الخلاف في وجهات النظر حول التعامل مع هذه العناصر بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية؟.. وهل هناك عوامل سياسية أثرت علي موقف الرئاسة من الأزمة ودفعتها لتفضيل خيار إنهاء الأزمة دون غالب أو مغلوب لضمان أصوات الجماعات الإسلامية المتشددة لصالح حزب «الحرية والعدالة» في الانتخابات القادمة؟
تلك بعض الأسئلة وعلامات الاستفهام والتعجب التي فجرتها عملية تحرير الرهائن السبع تحتاج إلي من يجيب عنها، قبل أن تتراكم الأسئلة التي لا تجد إجابات عما يجري في سيناء، التي أعلن مدير المخابرات الراحل اللواء «عمر سليمان» أنها تكاد تكون قد انفصلت عن مصر منذ 29 يناير 2011!