رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مغالطات إخوانية حول وثيقة نبذ العنف ضد المرأة

أقامت جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من التيار الإسلامي، داخل أروقة الحكم وخارجه، الدنيا ولم يقعدوها، ضد وثيقة «إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات» التي وافقت عليها مصر والدول المشاركة في أعمال الدورة 57 للجنة المرأة بهيئة الأمم المتحدة، في الخامس عشر من مارس الجارى، وبينها 45 دولة إسلامية

، بعد مناقشات استمرت اثنى عشر يوماً وسوف يجري عرضها علي الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقرارها بشكل نهائى خلال أسابيع، كي تلزم الدول الموقعة عليها، بتنفيذ بنودها طبقاً للقوانين الوضيعة لكل دولة، ومراعاة للتقاليد المتنوعة للمجتمعات، وهو الشرط الذي تمسكت به السفيرة «ميرفت التلاوى»، رئيس المجلس القومى للمرأة للقبول المصرى بالوثيقة. والمثير للدهشة والسخرية في آن واحد هو حملة التشويه الاستباقية المتعمدة التي قادها التيار الإسلامي بكل فصائله، وفي القلب منه أقطاب جماعة الإخوان المسلمين لتلويث سمعة الوثيقة وإلصاق بها كل ما هو ليس فيها، حتي قبل مناقشتها وصدورها، علي طريقة اكذب.. اكذب.. اكذب حتي تصدق نفسك، فيمكن أن يصدقك الآخرون، وهي السياسة التي تدار بها شئون البلاد والعباد في الوقت الحالى، للتعمية علي الفشل والإخفاق المدوى في مختلف المجالات، وللتغطية علي موقفهم المبدئى من العداء لحقوق المرأة وتبرير العنف ضدها بترويجهم لفهم قاصر وانتقائى ومشوه للنص الدينى وللشريعة الإسلامية، وسعيهم للانقضاض علي المكتسبات التي حصلت عليها بعد كفاح مرير عبر نحو قرن، ولإخراج المرأة من مجالات المشاركة في القضايا العامة في المجتمع، أو السيطرة عليها داخل أطر المساحة التقليدية المحددة، التي ينسبونها زوراً وبهتاناً إلي الشريعة.
ففي أواخر فبراير الماضى، وقبل خمسة أيام من بدء دورة الأمم المتحدة، وقبل أن تعرض الوثيقة علي الدول المشاركة في أعمال هذه الدورة، أصدر الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور «يوسف القرضاوى» وتولي منصب أمينه العام لفترة الدكتور «محمد سليم العوا» أحد المقربين من مؤسسة الرئاسة، والمنظرين لسياستها، والمبررين لأخطائها، بياناً اعترض فيه علي الوثيقة التي لم يقرأ بُعد بنودها، وأعلن رفضه لها، انطلاقاً من زعمه أن المؤتمرات الأممية تتجه في بعض الأحيان إلي ما يؤدى إلى «تفكيك الأسرة» والإضرار بها، ثم تصبح مقرراتها وثائق دولية، مثل اتفاقية سيداو ووثيقة بكين، وتمارس الضغوط الاقتصادية والسياسية علي بعض الحكومات الإسلامية للتوقيع عليها، مع أنها تتعارض، مع عقيدة شعوبها وقيمها، وشرائعها الإسلامية العظيمة!!
أما مبررات الرفض التي ساقها بيان المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين، وتبناها بعد ذلك حرفياً بيان جماعة الإخوان المسلمين والتي زعم أن الوثيقة تنطوى عليها، فهي أنها تروج لمنح الشرعية لأبناء الزنا، وللشذوذ الجنسى، وتساوي بين الزوجة والزانية، وتعترض علي القيود المفروضة علي الحريات الجنسية للمرأة والفتاة، وتدعو لتوفير وسائل منع الحمل للفتيات الصغيرات، وتقنن الإجهاض غير المرغوب فيه، وتعتبر قوامة الرجل علي المرأة عنفاً ضدها، وتدعو إلي المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث والحق في الطلاق وسحب سلطة التطليق من الزوج ومنحها للقضاء، والسماح للمسلمة بالزواج من غير المسلم، وينهي البيان قراءته المشوهة لما يزعم أنه الوثيقة الأممية، بمطالبة الأمم المتحدة، بالحفاظ على القيم والأخلاق والقوانين التي جاءت بها الرسالات السماوية «والتي خاتمتها الإسلام» حفظاً على ما سماه «الأمن والسلام الدوليين» وزاد الإخوان علي ذلك بقولهم إن الوثيقة تدمر المجتمع وتنافى الشريعة والإسلام، لأنها تمنح المرأة حقوقاً تسمح لها بالسفر والعمل واستخدام وسائل منع الحمل دون إذن زوجها، ولأن التضليل صار سياسة رسمية، وقول الشيء وعكسه أصبح عقيدة ثابتة لدي الإخوان وأنصارهم، والكذب والافتراء واللوع، بات هو الأيقونة التي يواصلون الحكم بها، فإن كل

تلك المبررات مزاعم يتوارى خلفها التيار الإسلامى لتأييد العنف ضد المرأة، برغم أن الشريعة طبقاً لمفهومهم، تبيحه وواقع الحال، أن كل الدول الإسلامية والغربية، قد نجحت في التوصل إلي مشتركات فيما بينها للاتفاق علي بنود تلك الوثيقة واعترافهم بأنها وثيقة تاريخية من المنظمة الدولية، فهي تتضمن حث الدول دون إلزام علي تعديل تشريعاتها الوطنية لمكافحة العنف البدنى والتشريعي والعرفى ضد النساء، بعد عشر سنوات من فشل الأمم المتحدة لإقرار وثيقة مماثلة في العام 2003، هذا فضلاً عن أنها لا تروج لهذه الترهات التي يشيعها المعارضون لها، فالوثيقة قدمت تعريفاً للعنف بأنه ما ينتج عن، أو يحتمل أن ينتج عنه ضرر نفسي أو جسماني أو جنسي علي المرأة والفتاة، واعتبرت العنف الجنسي والختان والزواج المبكر وجرائم الشرف، والتحرش الجنسي في أماكن العمل والساحات العامة والزواج بالإكراه، عنفاً مؤكداً ضد المرأة، وهي أمور يرفض التيار الإسلامي بمجمله الاعتراف بها، لأن الوثيقة تدعو الدول الموافقة عليها وبينها مصر، لتفعيل التشريعات الوطنية لمكافحة العنف ضد النساء، وملاحقة المعوقات التي تحول دون ذلك، وتقديم خدمات فاعلة لضحاياه، ولا علاقة لها بما يروجون له عن العلاقات المثلية والشذوذ، والمساواة في الإرث، وغيرها من المزاعم والأكاذيب التي يخدعون بها السذج والبسطاء، بمعابثة مشاعرهم الدينية الراسخة.
الحملة التي يقودها التيار الإسلامي ضد هذه الوثيقة تستهدف من بين ما تستهدف سحب الموافقة المصرية السابقة علي اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم «السيداو» وعرقلة التصديق النهائى في الجمعية العامة للأمم المتحدة علي وثيقة مكافحة العنف ضد النساء، ومواصلة الحملة علي المجلس القومي للمرأة الذي قاد وفده بمهارة المناقشات من أجل إقرارها، بهدف إعادة تشكيله من التيار الإسلامي بمفرده، لكن علي الحزب الحاكم وهو يتسول من أنحاء العالم لسد العجز في الموازنة، أن يدرك أنه ملزم بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر بشأن حقوق المرأة، وحظر التمييز ضدها، وصد كل أشكال العنف عنها، وأن المجلس القومى للمرأة يلعب دوراً مهماً في رفع الحرج عن المؤسسة الحاكمة، أمام الدول الغربية والمنظمات الدولية، التي لم تعد تعترف بأن احترام حقوق الإنسان، هو شأن داخلى للدول، وها هو البرلمان الأوروبى يصدر توصية بوقف المساعدات للحكومة المصرية بسبب عدم احترامها لحقوق الإنسان، ولازدياد العنف ضد النساء في العامين الأخيرين، فما هو رأيكم دام فضلكم؟!