رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذا الذي جري

اعتادت شعوب من ثقافات مختلفة أن تتشائم من الرقم ثلاثة عشر لاعتقاد شائع بأنه رقم مرادف لسوء الحظ ولجلب النحس، ولأنه قرين للخطيئة والمجاعة والشيطان

 

و أيضا التمرد علي إرادة الله ـ كما يشير الكتاب المقدس ـ  اما انا فقد كرهت الرقم 90 ومتتالياته من فرط ما نسب اليه من انتصارات ونجاحات وأمجاد زائفة في المجالين السياسي والاقتصادي في بلادنا وفي كل بلاد ما يسمي بالعالم الثالث الذي نهبت ثروات شعوبه تحت وطأة الفساد  والجشع والاستبداد، وناهبوه يرفعون رايات ديمقراطية تستند الي صندوق اقتراع مطعون في نزاهته، فقد عاصرت العهد الجمهوري في مصر في مراحله الثلاث، حيث كانت كل الانجازات تتم في هذا العهد بنسبة 99٪ كما انها النسبة التي مرت بها استفتاءات الرئاسة والقوانين المقيدة لحريات المواطنين السياسية والاجتماعية وتعديلات دستورية تمدد بقاء الرئيس مدي الحياة، واخري تغازل تيار الاسلام السياسي، لتهزم المعارضة المدنية الديمقراطية، دون الاخذ بعين الاعتبار ان يكون الخاسر الاعظم في تلك المنازلة هو الوطن نفسه..

اما الهزائم التي تمت بنسبة100٪ فكانت ومازالت تكتسي اسماء تموه علي حقيقتها لتحيل الهزيمة الي نصر والقبح الي جمال، ولامعني لأن يصف الامين العام للحزب الوطني الحاكم هذا الذي جري يوم الاحد الماضي بأنه عرس للديمقراطية، الا اذا كان يعتبر مجلس الشعب بلا معارضة او بتمثيل رمزي لها، فيما يحوز الحزب الوطني اكثر من95٪ من مقاعده، هو العرس بعينه!

اثبتت انتخابات الاحد الماضي صحة كل ما دعت احزاب المعارضة الي الاخذ به او تجنبه.. فاللجنة العليا للانتخابات بدت بلا اختصاصات، وهي لجنة قضائية غير مستقلة لان الحكومة هي التي تختار قضاتها، وجداول انتخابية مرتبكة تعج بالاخطاء والتكرار مما يسهل التلاعب في اسمائها وسط اصرار حكومي علي رفض مطالب المعارضة بتنقيتها، وإعادة كتابتها وفقا لبطاقة الرقم القومي ،علي ان يجري التصويت بها وليس بالبطاقة الحمراء، الذي تبين وقت التصويت ان الفرد الواحد يحمل لأكثر من بطاقة منها، مما جعل عمليات التلاعب في صناديق الاقتراع أكثر من يسيرة.كما سري في انحاء القاهرة علي سبيل المثال تجار الانتخابات لشراء صور من بطاقات الرقم القومي مقابل مائة جنيه لمن يقبل بذلك، وهذه الحيلة المنكرة فيما اظن ذات صلة وثيقة بالبطاقات الانتخابية الحمراء التي يجري استخدامها بدلا من الذين يتخلفون عن الادلاء بأصواتهم، هذا بجانب بطاقة التصويت الدوارة التي تعد واحدة من اشهر اساليب التلاعب والغش الانتخابي..

لا أستطيع ان ألوم  مواطنين عاطلين وجوعي ومرضي وفقراء لموافقتهم علي المشاركة في ألاعيب الانتخابات وبيع أصواتهم، بل اللوم يعود وحده الي السياسات البائسة التي أوصلتهم الي هذ المصير، وأدخلت في روعهم ان الاشتغال بالسياسة يؤدي الي التهلكة، وأنها ـ أي الساسية ـ مقصورة علي شراء اصواتهم وقت الانتخابات!

والضجة التي اثارثها الحكومة حول الرقابة الدولية للانتخابات احدثت من الفضائح، ربما اكثر من النتائج التي اسفرت عنها، لاسيما وقد ترافقت مع العراقيل الادارية والشكلية التي وضعتها امام منظمات المجتمع المدني الوطنية للقيام بهذا الدور، وبدت قضية السيادة الوطنية واهية إذا ما عرفنا ان الادارة المصرية سبق ان شاركت في مراقبة الانتخابات في اليمن وجنوب افريقيا  وفلسطين ودول اخري، وأن الرقابة الدولية لا تشمل دولا، بل منظمات غير حكومية في تلك الدول، مما يجعل مسألة السيادة الوطنية خارج نطاق أية مناقشة، حيث بدت حجة فاشلة للتلاعب في

نتائج الانتخابات!

برزت في هذه الانتخابات بشكل غير مسبوق عيوب نظام الانتخاب الفردي حيث علت قيم القبائل والاسر والنفوذ المالي والجهوي، ولم تستطع لا اللجنة العليا للانتخابات ولا غيرها من الجهات التنفيذية ان تلزم المرشحين بأن يكون سقف الانفاق المالي لكل  منهم مائتي ألف جنيه، او تمنع عشرات الملايين من الجنيهات من التدفق في مجري العملية الانتخابية،اما اخطر ما اسفرت عنه من نتائج فهو اليأس الذي أشاعته وسط اعضاء وقيادات الاحزاب الرئيسية الوفد والتجمع والناصري، من إمكانيات حدوث تطور سلمي ديقراطي في هذا الوطن طالما بقيت الاوضاع الراهنة علي ما هي عليه.

فقد ساهمت تلك الاوضاع في استمرار الثنائية التي تتجاذب الحياة السياسية بين جماعة الاخوان المسلمين والحزب الوطني، وهي الثنائية التي تم تحت وطأتها إضعاف أحزاب المعارضة المدنية ومحاصرتها،. وكانت هي وراء الخطة التي وضعها قادة الحزب الوطني، وهي الخطة التي اعلنها في المؤتمرالصحفي يوم الاربعاء امين التنظيم في الحزب »أحمد عز« والتي قامت علي قاعدة تفتيت الاصوات في نحو 44 دائرة مما سميت بالدوائر المفتوحة التي يتنافس فيها اكثر من عضو للحزب الوطني في مواجهة مرشحي الاخوان، بحيث لاح للجماعة ان الفروق بين مرشحيهم ومرشحي الوطني في عدد الاصوات لن تسمح مع عوامل تدخلات ادارية اخري لاي منهم بالفوز فقررت الانسحاب من الجولة الثانية للانتخابات..

لكن خطة تفتيت الاصوات تلك وهي تنجح في محاصرة مرشحي الاخوان، قد طالت بدورها مرشحي احزاب المعارضة الرئيسية، ليصبح برلمان 2010 حكرا خالصا لنواب الحزب الوطني الحاكم مع عدد هامشي محدود من ممثلي المعارضة وبعض المستقلين، ليخسر الوطن فرصة حقيقية للتغيير السلمي الديقراطي، الذي لايمكن ضمانته الا بحياة سياسية متوازنة، تمثل كل اطراف المعادلة السياسية..

يجب ألا يأنس الحزب الوطني الي وهم ان هذه النتيجة المصنوعة هي تجسيد لتعبيره عن الارادة الشعبية، كما ان من شأنها ان تشكل مواجهة صحية لجماعة الاخوان المسلمين ولتيار الاسلام السياسي، إذ ان الخيار الديمقراطي الحقيقي الذي يكفل حرية المنافسة السياسية دون قيود او شروط تعجيزية،والذي يحفظ الحقوق ويقود مشروعا تنمويا يكافح الفقر ويضمن لكل مواطن حياة كريمة  وينهي من الحياة السياسية نسب النجاح بـ 90٪ وما فوق، هو الخطوة الاولي لنجاح تلك المواجهة.