عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علي هامش الحالة السياسية!

بعيداً عن الصداع الذي يخلفه بشكل يومي المشهد السياسي الذي تنقض فيه الوعود الرئاسية واحداً بعد آخر، بحيث أصبح من المتوقع بين الفينة والأخري، أن يساق قادة الجيش الذين اقيلوا مؤخراً إلي التحقيق القضائي طبقاً لتصريحات قادة جماعة الإخوان في حزب الحرية والعدالة التي تقول إن الأوسمة الرئاسية التي حصلوا عليها فور إقالتهم من مناصبهم لا تعفي من مساءلتهم قضائياً، بعد أن كان الرئيس مرسي قد وعد بإدراجهم هم والدكتور كمال الجنزوري في الفريق الرئاسي.

بعيداً عن الصداع الإعلامي الذي تحولت فيه بسرعة البرق أجهزة الإعلام الرسمية من صحف وإعلام فضائي وإذاعي، بعد اختيار قياداته طبقاً لشروط مكتب الإرشاد، إلي أبواق ركيكة لتملق مؤسسة الرئاسة، والسعي بترديد الأكاذيب لتشويه المعارضين والترخص في استخدام السباب والترويع لتحصين مؤسسة الرئاسة من النقد المشروع والمباح، والترويج لقادة جماعة الإخوان المسلمين في حزب الحرية والعدالة، الحزب الحاكم الجديد لتستعيد الساحة السياسية بذلك نسخة كربونية مشوهة من الخطاب الإعلامي البائس الذي قاد الحزب الوطني المنحل إلي حتفه، ولتخسر بذلك النسبة العالية من القراء والمشاهدين الذين التفوا حولها بعد أيام قليلة من ثورة يناير بسبب سقف الحرية غير المسبوق الذي تمتعت به في ظل «حكم العسكر» المغضوب عليه، ليكسب هذه النسبة من القراء والمشاهدين مرة أخري الإعلام الخاص بأشكاله المختلفة، بفضل السياسة الإعلامية الرشيدة لوزير الإعلام الجديد الزميل «صلاح عبدالمقصود» وبسبب تواضع الخبرة الإعلامية والصحفية لقادة الإعلام القومي الجدد!
بعيداً عن المفاجأة التي ساقها حزب الوفد بإعلانه عن تشكيل جبهة جديدة من شخصيات وطنية، بعد أن  تطلعت قوي سياسية عديدة لأن يتقدم رئيسه الدكتور «السيد البدوي» ليقود باسم أكبر الأحزاب المصرية وأكثرها عراقة في سياق النضال الدستوري والديمقراطي «جبهة وطنية» لا تتشكل في دولة نظامها السياسي تعددي، إلا من الأحزاب والقوي السياسية، ولا تقتصر علي الشخصيات الوطنية، تصدياً للمسعي الدءوب لحزب الحرية العدالة لأخونة الدولة المصرية، وإصدار دستور جديد علي مقاس تيار الإسلام السياسي، الذي تهيمن أغلبيته علي تشكيل الجمعية التأسيسية، التي نقض رئيس الجمهورية وعده بإعادة تشكيلها، لتتوازن فيه تمثيل كل القوي السياسية، إذا ماكان الهدف، بناء مجتمع حديث ودولة عصرية.
بعيداً عن كل تلك الأوجاع والآلام، وربما هرباً منها، شغلت بالقراءة عن أضرحة أولياء الله الصالحين، بعد مشاهدتي لمسلسل «الخواجة عبدالقادر» ذلك المهندس البريطاني المثقف الذي هرب من بشاعة الحرب العالمية الثانية، ومن زوجة جشعة خائنة إلي إدمان الخمر وعشق الموسيقي، وإتقان عمله، وساعده ذلك علي أن يهجر وطنه بسهولة ليعيش في المجتمعين السوداني والمصري، وبفعل الحب وقوته الوجدانية التي ملأت روحه، اعتنق الإسلام، وحض مواطنيه في البلدين علي التعلم ونيل المعرفة، بطريقته المنطقية في طرح الأمور ومعالجتها بتسامح ومودة، فالتف الناس حوله، وصدقوه وأحبوه، وأصبح لديهم وهم أنه يمتلك قوي خفية خارقة تجعله ينجح في التصدي لكل المكائد التي تستهدف موته، والنيل من أحبائه، فنسبوا إليه كرامات، لم يقم بها، أقاموا له مقامين بعد وفاته، أحدهما في السودان والآخر في صعيد مصر، لتصبح زيارة المقامين لوناً من التبرك بتلك الكرامات، وشوقاً للمحبة والتسامح، وأجواء التصافي التي سكبتها هذه الروح الصوفية

علي أبناء المجتمعين، ولعب أداء الممثل الكبير «يحيي الفخراني» التلقائي البسيط، ووجهه الطفولي الذي اكتسي بالبراءة والعفوية والصدق، وتلعثمه المحبب في نطق العامية الصعيدية، إمعاناً في الإيحاء برغبته العارمة في الاندماج في البيئة التي وفد إليها، لعب دوراً بارزاً، في إشاعة هذه الروح التي تجعل المحبة طريقاً مأموناً لصد الشرور، وإبراز الجانب الإيجابي للمقامات والأضرحة.
وفي مختلف القري ومعظم المدن المصرية تنتشر عشرات المئات من المقامات لأولياء الله الصالحين وللقساوسة والقديسين، تضم تحت قبابها شخصيات معلومة وأخري مجهولة، بعضها كان من قطاع الطرق، والبلطجية، ومن البغايا، اللائي تبن عن ممارسة الحرام، صنعها الخيال الشعبي، عبر قرون من الامتزاج الثقافي مع الحضارات الرومانية واليونانية والفرعونية والمسيحية والإسلامية، ليبحث عبرها عن قيم العدالة والحب والتسامح والخير، ولتصبح منبراً لطالبي الرحمة والعون والمغفرة، ولشكاوي الفقراء والمظلومين والمحرومين والمقهورين والعاجزين عبر الطرق التقليدية عن نيل حقوقهم الشخصية أو الوطنية.
وفي كتابه الشهير «رسائل إلي الإمام الشافعي» أورد عالم الاجتماع الكبير الدكتور «سيد عويس» نص رسالة أودعها أحد المواطنين ضريح الإمام الشافعي في أكتوبر 1955، يطلب فيها إلي الإمام «عقد جلسة شريفة يحضر فيها معه سيدنا الحسين وسيدنا الحسن، والست زينب أم هاشم وجميع أهل بيت النبي، ويطلبون من الله مسح إسرائيل اليهود، وإزالتها من الأرض المقدسة»!
وكما هو الحال مع ثورة يناير في مصر حيث أنقض السلفيون علي أضرحة ومقامات لأولياء الله الصالحين وهدموها برغم أن بعضها يشكل أثراً تاريخياً، قام سلفيو ليبيا قبل أيام بهدم وحرق وإتلاف مقامات لأولياء مسلمين، بزعم أن القبور محرمة شرعاً، برغم تأكيد السلطات الليبية، أن الحرق والتخريب والهدم قد طال عدداً لا يستهان به من ممتلكات الأوقاف، والوثائق والمخطوطات ذات الصبغة التاريخية والعلمية والثقافية.
تتشابه مصائر الشعوب في مناطق الربيع العربي: تغول التيار الإسلامي الذي اختصر الديمقراطية  في إجراء الانتخابات، وتداول شكلي للسلطة، وقمع لحريات الصحافة  والإعلام، واعتداء علي حريات المرأة وتحجيم لدورها، فإذا كان هذا هو الربيع فما هو ياتري شكل الخريف؟.. هذا ليس سؤالاً.. إنه صرخة استغاثة أرفعها إلي مقامات أولياء الله الصالحين!