رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو مفوضية عليا لشئون النساء

حينما أعلن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، أن النية تتجه لعمل مفوضية للمرأة تتبع مجلس الوزراء فإن المنطقي أن يكون هذا الإعلان منطويا علي قرار آخر لم يعلن عنه بعد، هو حل المجلس القومي للمرأة، ومعني الكلام أن الحكومة تدرس إنشاء هيئة مختصة تفوض بإدارة شأن المرأة ومتابعة قضاياها، بما يفهم منه، أن تكون تلك الهيئة بديلا للمجلس القومي للمرأة، تأخذ مهامه، وتكون هذه المرة تابعة لمجلس الوزراء بدلا من تبعية المجلس السابقة لرئاسة الجمهورية، والمشترك بين الاثنين، المفوضية والمجلس القومي أننا أمام هيئة تتولي القضايا المتعلقة بالمرأة، وتكون تابعة لإحدي السلطات العليا في الدولة، ولكي لا يكون التغيير هنا هو مجرد تغيير في الاسم، فالمطلوب أيضا التغيير في التشكيل والمضمون، أي أن تكون المفوضية بتشكيل مختلف واختصاصات مختلفة ورؤية مختلفة

ولكي يكون الطريق نحو ذلك ميسرا فالمراجعة هنا مطلوبة للدورالذي قام به المجلس القومي للمرأة، فقد أنشئ المجلس طبقا للقرار الجمهوري رقم 90 لعام 2000،وتمحورت اختصاصاته التي حددها له القرار في اقتراح السياسة العامة للمجتمع، ومؤسساته الدستورية لتنمية شئون المرأة وتمكينها من أداء دور اقتصادي واجتماعي يدمجها في برامج التنمية وتقييم السياسة العامة في مجال المرأة، وتقديم اقتراحات وإبداء ملاحظات للجهات المختصة بتنفيذها، واقتراح مشروعات قوانين وقرارات للنهوض بأوضاع المرأة وإبداء الرأي في مشروعات القوانين والقرارات في نفس السياق قبل عرضها علي الجهات المختصة وسماع رأيه في جميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة، وتمثيل المرأة في المحافل والمنظمات الدولية المعنية بشئون النساء فضلا عن إنشاء مركز لجمع المعلومات والبيانات، وإعداد الدراسات المتعلقة بقضايا المرأة وعقد المؤتمرات والندوات وإصدار النشرات والمطبوعات وتنظيم الدورات للتوعية بدور المرأة وحقوقها وواجباتها وإنشاء مركز للتأهيل السياسي لتدريب النساء علي المشاركة السياسية، وتأهيلهن لخوض الانتخابات البرلمانية والمحلية وبصرف النظر عن مدي تنفيذ المجلس القومي للمرأة تلك الأهداف من عدمه، ومن التضارب في الاختصاص بينه وبين المجلس القومي للأمومة والطفولة، ومن تصرفه في كثير من الأحيان كمنظمة ملحقة بالحزب الوطني الحاكم، وبالتحديد في أثناء الانتخابات العامة، فمن الإنصاف القول إنه لعب دورا مهما في تحويل عدد من مطالب بعض الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية النسوية العاملة في المجتمع المدني علي امتداد نحو عقد قبل إنشائه الي قوانين وقرارات بحكم قرب قيادة المجلس من السلطة التنفيذية ومؤسسة الرئاسة، وقدرتها علي التأثير فيهما، وفي هذا السياق لعب المجلس القومي للمرأة دورا بارزا في إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 الخاص بتنظيم إجراءات التقاضي في قضايا الأحوال الشخصية، وتقليل تكاليفه المالية، وتخفيض مدده وتسهيل إجراءاته، بما انتهي بتقنين حق الخلع للمرأة في مقابل التنازل عن كل حقوقها الشرعية من مهر ومؤخر صداق وغيرهما، فضلاً عن الحق في الطلاق من زواج عرفي، وكان المجلس وراء صدور القرار الجمهوري بتعيين أول امرأة قاضية في يناير عام 2003، وصدور قانون محكمة الأسرة رقم 10 لسنة 2004 الذي يسر إجراءات التقاضي في الأحوال الشخصية وفي تطبيق أحكامها، وصدور قانون رقم 11 لسنة 2004 الخاص بإنشاء صندوق تأمين الأسرة، لضمان تنفيذ أحكام النفقة، وتعديل المادة الثانية من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975، لمنح أبناء الأم المتزوجة من أجنبي الجنسية، بعد أن كان منح الجنسية مقصوراً علي الأب فقط، ليصبح مصرياً كل من ولد لأب مصري أو لأم مصرية

في قانون الجنسية الجديد رقم 154 لسنة 2004. كما خاض المجلسان القومي للأمومة والطفولة والقومي للمرأة معركة ضارية لتمرير قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، والذي عارضه بضراوة نواب جماعة الإخوان المسلمين داخل البرلمان وخارجه، فضلاً عن عدد لا بأس به من نواب الحزب الوطني، لما انطوي عليه القانون من مواد تجرم ختان الإناث، وترفع سن توثيق الزواج إلي 18 عاماً، وتمنح المرأة الحق في نسب طفلها مجهول النسب إليها، وتشدد العقوبة بحق مرتكبي العنف البدني والنفسي ضد الأطفال.

لكن ذلك لم يمنع الطابع الاحتفالي والدعائي في عمل المجلس القومي للمرأة، فضلاً عن الانفاق السفيه في تأثيث مقاره، وعلي الوفود المسافرة منه إلي الخارج، وعلي المؤتمرات والاحتفالات التي لا تسفر في الغالب عن أي شيء ذي قيمة، كما أن المجلس لا يحظي بميزانيات مفتوحة غير خاضعة لأي جهة رقابية، بالإضافة لتلقيه النصيب الأعظم من التمويل الأجنبي والتبرعات، والأهم من هذا وذاك أنه بدا وكأنه منظمة سلطوية، مما أتاح الفرصة لبعض الشخصيات لاستغلال عضويتها به للتقرب إلي الطبقة الحاكمة ومؤسسة الرئاسة لتحقيق طموحات نيابية ووزارية ومهنية لا علاقة لها بالدفاع عن قضايا المرأة!

وعلي مجلس الوزراء وهو يتجه إلي تشكيل مفوضية لشئون المرأة، أن يتدارك تلك الأخطاء، وأن يسعي كي تكون المفوضية، هيئة حقوقية تدرس التشريعات وتقترح تعديلها، وأن يتشكل من ممثلين من الرجال والنساء للمنظمات النسائية الحقوقية، ومن النساء المنتخبات في النقابات العمالية والمهنية، وعدد من المثقفات البارزات في مجال الإبداع الأدبي والفني، وعدد من الإعلاميات اللائي يدرن قضايا النساء في الإدارات الحكومية والداعيات في المجال الديني الإسلامي والمسيحي، علي أن تصدر قراراته بشكل ديمقراطي، وبتوافق وطني يسعي للاقتناع وليس الفرض والإكراه، علي أن ترأسه شخصية تحظي بالقبول العام، وذات سمعة طيبة ودراية بطبيعة الحال بقضايا المرأة، من منظور تحرري، علي أن تهيئ الظروف لكي تلعب تلك المفوضية دورها، بقدر كبير من الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وربما تكون السفيرة ووزيرة التأمينات الاجتماعية السابقة الدكتورة »ميرفت التلاوي« واحدة من أبرز الشخصيات التي تنطبق عليها تلك المواصفات لا سيما وقد كانت أمينا ناجحا للمجلس القومي للمرأة مشهودا لها بالكفاءة والنزاهة فضلا عن مستوي رفيع الفهم والأداء.