رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا الآن؟

هذا هو السؤال الكبير الذي تطرحه هبة جماعة الإخوان المسلمين الكبري وأنصارها داخل البرلمان وخارجه، لمساندة مشروع قانون العزل السياسي، الذي تقدم به نائب حزب الوسط «عصام سلطان». لكن عصام سلطان مقدم المشروع لم يشأ أن يترك لأحد فرصة للتفكير

في إجابة السؤال، إذ قال صراحة إن المشروع يستهدف منع اللواء «عمر سليمان» من الترشح في انتخابات الرئاسة، حماية للشعب - كما يقول - من رموز النظام السابق، ولذلك فالمشروع ينص علي أنه: لا يجوز لمن عمل خلال السنوات العشر السابقة علي 11 فبراير 2011 في أي وظيفة قيادية في مؤسسة رئاسة الجمهورية أو الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، أن يتولي منصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس الوزراء لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار إليه.
من المعروف ان مشروع القانون كان يقصر سنوات العزل السياسي علي خمس سنوات فقط، لكنها ارتفعت إلي عشر باقتراح قدمه وتحمس له النائب «عمرو حمزاوي». ومع أن مقدم الاقتراح الأصلي «عصام سلطان» هو من رجال القانون المرموقين، الذين يعرفون أكثر من غيرهم أن «شخصنة» القوانين أمر غير جائز إلا في ظل النظم الاستبدادية وحدها، فقد دافع عن مشروعه ببسالة داخل البرلمان وخارجه، وهو أول من يعلم أن الطعن عليه بعدم الدستورية لا تشوبه أية شائبة وهو أمر حتمي لا محالة، وإلا لما كان بنفس السرعة التي قدم بها مشروعه، وقد وافق علي الاقتراح الجديد الذي تقدم به الدكتور عمرو حمزاوي لمنع أنصار النظام السابق من الترشح لرئاسة الجمهورية تفاديا للطعن بعدم الدستورية. وكان الدكتور جاد نصار أستاذ القانون الدستوري قد كشف في أحد البرامج الفضائية، أنه هو الذي أوحي إلي «حمزاوي» بفكرة هذا الاقتراح الجديد الذي يقضي بإضافة مادة إلي القانون 73 لعام 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية تنص علي أن «يحرم من مباشرة الحقوق السياسية لمدة عشر سنوات تحتسب من 11 فبراير 2011، كل من عمل خلال العشر سنوات السابقة علي التاريخ المشار إليه رئيسا للجمهورية أو نائبا لرئيس الجمهورية، أو رئيسا للوزراء، أو رئيساً للحزب الوطني الديمقراطي المنحل أو أمينا عاما له أو كان عضوا بمكتبه السياسي أو أمانته العامة».
وليس صحيحا أو مؤكدا أن التعديل الجديد المقترح محصن ضد الطعن بعدم الدستورية، فالمادة 2 من القانون رقم 73 لسنة 1956 تحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم عليه في جناية، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، ومن فرضت الحراسة علي أمواله بحكم قضائي طبقا للقانون وذلك طوال مدة فرضها، وفي حالة الحكم بالمصادرة يكون الحرمان لمدة خمس سنوات من تاريخ هذا الحكم، والمحكوم عليه بعقوبة الحبس في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قوانين الإصلاح الزراعي أو قوانين التموين أو التسعيرة أو في جريمة من جرائم تهريب النقد أو الأموال أو التهريب الجمركي، وذلك ما لم يكن الحكم موقوفا تنفيذه أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره، والمحكوم عليه بعقوبة الحبس في سرقة أو نصب أو إعطاء شيك بلا رصيد أو هتك عرض .. أو ارتكاب جريمة للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية.. والمحكوم عليه بالحبس في إحدي الجرائم الانتخابية.. ومن سبق فصله من العاملين في الدولة أو القطاع العام لأسباب مخلة بالشرف، ما لم تنقض خمس سنوات من تاريخ الفصل، إلا إذا كان قد صدر لصالحه حكم نهائي بإلغاء قرار الفصل أو

التعويض عنه. كما أن القانون يحظر علي المحجور عليهم مدة الحجر، والمصابين بأمراض عقلية المحجوزين مدة حجزهم، والذين اشهر إفلاسهم مدة خمس سنوات من تاريخ إشهار إفلاسهم، ما لم يرد إليهم الاعتبار قبل ذلك.
والمتأمل بدقة لنصوص المادة السابقة سيكتشف بسهولة، أن المشرع قد تعمد ان تكون كل الأعمال التي تمنع الفرد من ممارسة حقوقه السياسية، قد صدر بشأنها حكم قضائي، وهو ما لا يتوفر لاقتراح عمرو حمزاوي، مما يجعل الطعن علي عدم دستوريته أمرا واردا بسهولة ويسر.
وبالعودة للسؤال أعلاه لماذا الآن؟ ولماذا لم تظهر مشاريع قوانين العزل السياسي لحظر ترشح رموز النظام السابق حين تقدم الفريق أحمد شفيق بأوراق ترشحه، ألم يكن رمزا من رموز النظام السابق؟ الإجابة واضحة لكل ذي عينين، لقد قلب ترشح اللواء «عمر سليمان» خارطة المرشحين لمنصب الرئاسة رأسا علي عقب، وأصبح هو المنافس الوحيد الذي يهدد عرش مرشح جماعة الإخوان المسلمين المهندس «خيرت الشاطر» بعد أن ظهرت جماهيريته الملحوظة لدي قطاعات عريضة من المواطنين أضناهم عدم الاستقرار وحالات وقف الحال، انطلاقا من قناعة صاحبتها تجارب سابقة أن مصر لن يكتب لها الاستقرار إلا عبر حاكم قوي.
أما الأهم من كل هذا، فهو أن كل قوانين العزل السياسي التي صدرت في مصر منذ قانون الغدر الذي صدر عام 1952 مرورا بقانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي الصادر عام 1978 وحماية القيم من العيب الصادر عام 1980 وصولا إلي قانون إفساد الحياة السياسية الصادر سنة 2011، فقد كانت كلها قوانين استثنائية، تم استخدامها لملاحقة أعداء الثورة، وانتهي الأمر بتطبيقها علي من أصدروها من الثوار أنفسهم، وكان أول ضحاياها جماعة الإخوان المسلمين، وإن لم يكونوا آخرهم.
لقد قامت ثورة 25 يناير ضد سياسات الاستثناء والإقصاء والاصطفاء، ولا يليق بالثوار أن يدافعوا عن صدور قوانين استثنائية بدلا من الدفاع عن دولة القانون والحق والعدل والمساواة، وليكن صوت الناخب هو الحكم.
ومن لا يرد اللواء «عمر سليمان» فلا يمنحه صوته، في صندوق الانتخاب بدلا من سوق الأكاذيب الفاضحة التي تبرر القوانين الاستثنائية بأنها دفاع عن الثورة وعن أهدافها، فالشعب المصري لم يعد قاصرا، ولن يستطيع أحد مهما علا شأنه أن يحكمه بالطريقة الشاذة التي كان يُحكم بها قبل 25 يناير.