رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صرعة الترشح للرئاسة وخلافات تشكيل لجنة المائة

لم تتضح لى ولكثيرين غيرى، المبررات التى استندت إليها لجنة الانتخابات الرئاسية، لكى تفتح الباب على مصراعيه لسحب أوراق الترشح للرئاسة، يوم السبت الماضى، لكل من يد دون ضابط أو رابط، فكانت النتيجة كما هى معروفة لنا جميعاً، أن ظهرت على خريطة المرشحين المحتملين للرئاسة، أنماط لها العجب،

بينهم بواب وقهوجى وتربى، مع بالغ الاحترام لكل المهن، لكن لكل مقام مقال كما يقولون، وبينهم لص أسدى للمواطنين نصيحة وهو يقف أمام كاميرات التليفزيون وأضوائه يوم سحب أوراق الترشح، بأن يتركوا الأنوار مضاءة داخل الشقق والتليفزيون مفتوحاً، حال خروجهم من المنزل، لأن اللص سيدرك ـ آنذاك ـ أن بالشقة سكاناً، فيخشى الإقدام على دخولها لسرقتها، وهذا سائق تاكسى يقول إن له شعبية جارفة، لأنه يجوب بسيارته معظم الأحياء الشعبية، فأصبح سكانها يعرفونه فاتكل على الله وسحب أوراق ترشيحه، وهذا آخر تمتد لحيته من ذقنه حتى الأرض، جاء إلى لجنة سحب الأوراق وهو يحمل المصحف الكريم قائلاً: إنه رشح نفسه لكى يحكم بشرع الله، وكأن شرع الله غير مطبق، وادعى أحدهم النبوة وأن الوحى أوهمه لكى يرشح نفسه لموقع الرئاسة، وبعضهم قال إنه وجد «العملية تهريج فى تهريج، فقلت أروح أهرج أنا كمان»!، كما تقدم لسحب أوراق الترشيح شاب لم يبلغ السن القانونية معلناً أنه يرشح نفسه لمعرفة اللهو الخفى الذى قتل الثوار، وكان أغرب من تقدم لسحب أوراق الترشيح للرئاسة هو عاطل، اشتبه فيه الحرس الجمهورى الذى يؤمن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة بقصر الأندلس بمصر الجديدة، وهو يقف فى الطابور انتظاراً لسحب أوراق ترشحه، وحين تم تفتيشه عثر الأمن فى جيوبه على كمية من البانجو فتم ترحيله إلى النيابة للتحقيق معه!
ووصل عدد المتقدمين للترشح لموقع الرئاسة حتى وقت كتابتى لهذا المقال صباح يوم الخميس 550 مرشحاً، ويتوقع كثيرون أن يصل عددهم حتى يوم إغلاق باب سحب الاستمارات فى الثامن من أبريل نحو عشرة آلاف مرشح لن يبقى منهم فى سباق المنافسة فى تلك الانتخابات سوى عدد محدود ربما لن يتجاوز عشرة مرشحين ممن استطاعوا استيفاء شروط الترشح التى تتضمن ألا يقل عمر المرشح عن أربعين عاماً وألا يكون متزوجاً من أجنبية، وأن يكون من أبوين مصريين لم يحصل أى منهما على جنسية أخرى بخلاف الجنسية المصرية، وأن يحصل على تأييد 30 عضواً من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى، وأن يحصل على تأييد 30 ألف مواطن من 15 محافظة، بما لا يقل عن ألف مواطن من كل محافظة، أو أن يكون المرشح عضواً فى أحد الأحزاب التى لها عضو واحد منتخب فى أى من مجلسى الشعب والشورى.
ومعنى ذلك أن عدداً كبيراً ممن أقدموا على سحب أوراقهم لن يتمكنوا من استيفاء تلك الشروط، وكان من المهم والضرورى اختصاراً للجهد والوقت، ومنعاً للاستسهال أن يتضمن قانون الانتخابات الرئاسية نصاً يحدد رسماً مالياً عند سحب أوراق الترشيح، لكى يكون ذلك أول شروط الجدية، البعض قدر هذا الرسم بنحو عشرة آلاف جنيه، وهو تقدير مبالغ فيه، لكن من اقترحوه يرون أنه منطقى، لأن المرشح الذى ينوى ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، يجب أن يدرك ويقدر التكلفة الباهظة للمعركة الانتخابية، قبل أن يقدم على سحب أوراق ترشحه، لكن يمكن الوقوف عند خمسمائة أو ألف جنيه كرسم مالى لسحب الاستمارات، للحيلولة دون تحويل الموضوع

إلى هزل وتهريج وإضاعة للوقت والجهد، وصرف للأنظار عن معركة حيوية أخرى، هى كيفية تشكيل لجنة المائة، التى سوف تصيغ الدستور الجديد، وهل ستكون من داخل البرلمان أم من خارجه، أم تكون خلطاً بين الاثنين وبأى نسب.
أعطى حزب الأكثرية فى مجلسى الشعب والشورى، حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الانطباع بأنه سوف يحسم الأمر اليوم السبت، فيما يتعلق باقتراحات تشكيل الجمعية التأسيسية، حين تنعقد الجلسة المشتركة بين مجلسى الشعب والشورى، ليعرض عليها التقرير النهائى الذى أعدته الهيئة الفنية المشكلة من هيئتى مكتب المجلسين، لبحث اقتراحات النواب والأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع الأهلى، والأفراد بشأن تشكيل لجنة المائة، والتى وصل عددها إلى 353 مقترحاً، وسوف يتمسك باقتراحه الذى تداولته وسائل الإعلام، بأن يكون تشكيل اللجنة مقسماً على 40 نائباً من المجلسين، و60 نائباً من خارجهما.
كما أظهرت معظم المناقشات داخل البرلمان وخارجه، وكأنه ليس هناك تجارب سابقة فى التاريخ السياسى المصرى يمكن الاستناد إليها فى تشكيل الجمعية التأسيسية، وبينها على سبيل المثال، لجنة الخمسين التى صاغت دستور عام 1954، الذى لم يهتم به ثوار يوليو، وألقوا به، كما قال «صلاح عيسى» فى صندوق القمامة، كما ذكر فى كتاب «دستور فى صندوق القمامة»، الذى يقدم مشروعاً متكاملاً لدستور لايزال صالحاً للاقتداء بنصوصه، ولاستنساخ الطريقة التى انتهت إلى تشكيل لجنة الخمسين التى صاغته، والتى غلب على تشكيلها السياسيون الحزبيون، والفقهاء الدستوريون والقانونيون والمفكرون والعسكريون من جميع الأعمار والتيارات السياسية والفكرية والأديان وكان بينهم د. طه حسين وأحمد لطفى السيد وصالح عشماوى وعبدالسلام فهمى جمعة وعبدالرحمن بدوى وعبدالقادر عودة وزكى العرابى وفكرى أباظة ومحمود عزمى ومكرم عبيد ومصطفى مرعى والأنباء يوأنس وعلى ماهر وإبراهيم شكرى وعبدالرازق السنهورى واللواء أحمد فؤاد وغيرهم من ذوى الكفاءات والأفكار، والقدرة على وضع تصور لمشروع دستور جديد، وعلى إجراء مقارنات مع غيره من الدساتير الدولية، التى بإمكانها أن تضع مصر على طريق الدول الديمقراطية العصرية الحديثة، وأن يدفعها خطوتين على طريق التقدم الاجتماعى والتنمية.
الكفاءة والخبرة والتمثيل السياسى، ينبغى أن تكون هى المعايير التى تحظى بالاهتمام الأوسع فى تشكيل لجنة المائة، فنحن نريد دستوراً يصنعه السياسيون وفقهاء الدستور والقانون وليس فقهاء الزوايا والجوامع!