عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعديل الدستور أم تغيره؟

غابت قضية تعديل الدستور او تغيره،‮ ‬عن معظم برامج الاحزاب والقوي والتيارات السياسية،‮ ‬التي تخوض الانتخابات البرلمانية‮ ‬،التي تجري بعد نحو اسبوع من الآن،علي الرغم انها كانت قبل شهور تبدو انها الموضوع الرئيسي علي جدول اعمال قوي الاصلاح السياسي والدستوري في مصر

 حيث عقد الائتلاف الديقراطي الرباعي لأحزاب التجمع والوفد والناصري والجبهة قبل اكثر من عام مؤتمرا للاصلاح السياسي والدستوري قدموا فيه عددا من المواد الدستورية التي يرمون تعديلها في الدستور الحالي لتحويل النظام السياسي القائم‮ ‬الي النظام الرئاسي‮ - ‬البرلماني وفق معاييره الدولية‮.


‬وما كادت الحملة الدعائية للانتخابات تبدأ حتي نسي الجميع الموضوع،‮ ‬وركزوا علي البرامج النوعية والخدمية التي تخص بشكل عام‮ ‬اصلاح النظام الانتخابي وضمانات لنزاهة العملية الانتخابية وقضايا الفساد والاجور والبطالة والخدمات،‮ ‬ربما ادراكا من تلك الاحزاب،‮ ‬ان هذه هي‮ ‬القضايا الاكثر إلحاحا،‮ ‬والاكثر اجتذابا للناخبين،‮ ‬الذين مازالوا حتي الآن يفتقدون من يستطيع ان يقنعهم،‮ ‬بأن هناك رابطا قويا بين الاصلاح الديمقراطي والدستوري،‮ ‬وبين ما يعانونه من الصعاب الحياتية،‮ ‬التي تصدرت البرامج الانتخابية للمرشحين‮. ‬وربما كان المقاطعون للانتخابات هم الذين تمسكوا بالمطالبة بتعديل المواد‮ ‬76‮ ‬الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية من بين اكثر من مرشح والشروط التعجيزية التي تتضمنها لمن يكون له حق الترشح،‮ ‬والمادة77‮ ‬الخاصة بمدة الرئاسة،واطلاق مددها دون سقف،‮ ‬والمادة‮ ‬88‮ ‬والخاصة بإحلال اللجنة العليا للانتخابات محل الاشراف القضائي عليها،‮ ‬كشرط لخوضهم الانتخابات البرلمانية،‮ ‬لكن هؤلاء بمقاطعتهم للانتخابات فقدوا الفرصة لطرح هذه المطالب علي نطاق واسع،‮ ‬والسعي لإقناع الجماهير بها‮. ‬


وربما لهذه الاسباب اختارت المنظمة المصرية لحقوق الانسان ان يحمل الملتقي الفكري السنوي لها هذا العام عنوان‮ "‬نحو دستور مصري جديد"الذي شارك فيه نخبة من الباحثين والكتاب والقانونيين والسياسيين والمفكرين،‮ ‬ونشطاء حزبيين ونشطاء حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني،‮ ‬ولم يكن‮ ‬غريبا ان المناقشات التي دارت في الملتقي علي امتداد يومي الاربعاء والخميس الماضيين،‮ ‬كانت امتدادا للنقاش الذي كان دائرا خارجه في المجتمع،علي امتداد العقد الحالي لبناء‮ ‬تصورات حول برنامج‮ ‬متكامل للاصلاح السياسي والدستوري،‮ ‬لأن كل الاحزاب والقوي السياسية اتفقت علي ضرورات الاصلاح لكنها لم تتفق علي اتجاهات السير نحوه‮.‬


 اصلاح جزئي للدستور ام تغيير شامل له؟ حول الاجابة عن هذا التساؤل انقسمت الاتجاهات التي يمكن رصدها حول الاصلاح الدستوري،‮ ‬بعد ان اجمع كثيرون علي ان دستور‮ ‬1971‮ ‬الحالي الذي جري تعديله اكثر من مرة،‮ ‬كان آخرها التعديلات التي ادخلت عليه في العام‮ ‬2007‮ ‬قد اصبحت مواده تعارض بعضها البعض فالمادة الثانية من الدستور التي تنص علي ان مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع تتناقض مع الفقرة الثالثة من المادة الخامسة منه التي لا تجيز مباشرة أي نشاط سياسي او قيام احزاب سياسية علي اية مرجعية دينية او اساس ديني،‮ ‬وهي المادة التي تستند اليها جماعة الاخون المسلمون في الحصول علي احكام قضائية بقانونية استخدامهم لشعار الاسلام هو الحل في حملتهم الانتخابية‮.


 ‬ويشير الدكتور احمد كمال ابو المجد الي نوع اخر من التناقض بما يسميه تشريعات المناسبات،‮ ‬موضحا ان مبدأ المواطنة الذي ادخل علي المادة الاولي من الدستور لم يكن له ضرورة لأن المادة‮ ‬40‮ ‬منه تنطوي علي افضل تجسيد لفكرة المواطنة،حين اكدت ان المصريين جميعا متساوون في الحقوق والواجبات‮!‬ وبين الاتجاهات المطالبة بالاصلاح الدستوري هناك من يري بضرورة بقاء صيغة الجمهورية المختلطة الحالية،‮ ‬مع ادخال بعض التعديلات الدستورية التي تجنح بها نحو الاتجاه البرلماني،‮ ‬بدلا من جنوحها في الوضع الحالي نحو النظام الرئاسي الذي يعطي رئيس الجمهورية كل المميزات التي يوفرها النظامان الرئاسي والبرلماني،‮ ‬وتفتقد فيه العلاقة بين الرئيس والسلطتين التشريعية والتنفيذية لأي توازن‮. ‬


وهناك اتجاه آخر يري ان هذه الصيغة القائمة مبتدعة،‮ ‬لا صلة لها بالجمهورية المختلطة،‮

‬كما تعرفها الدول‮ - ‬فرنسا علي سبيل المثال‮- ‬التي تأخذ بهذا النظام،‮ ‬وبالتالي يدعو اصحابه الي ضبط الموازنة بين سلطات رئيس الجمهورية،‮ ‬وسلطات رئيس الوزراء ليصبح رئيس الوزراء هو المسئول فعليا امام البرلمان،‮ ‬ويرون ان التعديلات التي اجيزت في2007‮ ‬لم تمنح رئيس الوزراء سوي بعض الأدوار الاستشارية والوظائف الشكلية‮. ‬

وهناك اتجاه يطالب بجمهورية برلمانية نقية،‮ ‬ويتخذ من دستور‮ ‬1954‮ ‬اساسا لوضع دستور جديد،‮ ‬ويري المدافعون عنه ان الصيغة التي وضعها للجمهورية البرلمانية،‮ ‬هي التي تكفل حل اشكاليات تداول السلطة،‮ ‬والرقابة الفاعلة علي السلطة التنفيذية،‮ ‬ويصبح رئيس الجمهورية رمزا للدولة،‮ ‬ورئيس الحكومة المنتخب عبر انتخابات نزيهة هو المسئول وحده عن تنفيذ برنامجه السياسي الذي حاز علي ثقة البرلمان،‮ ‬وعن ممارسته منفردا للسلطة التنفيذية‮. ‬ويطالب اخرون بجمهورية رئاسية نقية،‮ ‬علي‮ ‬غرار ما يحدث في الولايات المتحدة الامريكية،‮ ‬وهو ما يحتاج الي تعديلات في الدستور تقر بعدم زيادة مدة الرئاسة علي اربع سنوات،‮ ‬ولا تسمح بتكرار ترشيحه لاكثر من دورتين متتاليتين،‮ ‬وتحدث التوازن بين السلطتين التفيذية والتشريعية،‮ ‬فيما يتعلق بالاعتمادات المالية،‮ ‬والرقابة علي سلطة الرئيس‮.‬ الاتجاه الأخير،‮ ‬هو اتجاه في الواقع ممتنع عن التصويت،‮ ‬لأنه لايحدد بشكل قاطع شكل الدستور الذي يريده،‮ ‬بل هو يدعو النظام الحالي ان يرحل برموزه ومؤسساته،‮ ‬وتشكل حكومة مؤقتة من القضاة لمدة عامين،‮ ‬يجري خلالها الي تشكيل جمعية تأسيسية،‮ ‬تضع دستورا جديدا،‮ ‬وقانونا جديدا للانتخابات الرئاسية والتشريعية تجري الانتخابات علي أساسهما‮.‬


لابد من الاعتراف ان تلك الاتجاهات الداعية للاصلاح الدستوري هي تيارات منفصلة ومتصلة،‮ ‬بعضها لا يمانع من رفع شعار ما لا يؤخذ كله لا يترك جله،‮ ‬وان التوزان السياسيي بين دعاة الاصلاح الدستوري ومناوئيه لا يسمح سوي بتعديلات جزئية،‮ ‬تحافظ علي صيغة الجمهورية المختلطة،‮ ‬مع تقليص سلطات رئيس الجمهورية،‮ ‬ومنح سلطات اعلي لمجلس الوزراء،‮ ‬وهي الصيغة التي دافع عنها الائتلاف الديمقراطي في الوثيقة التي اسفرت عن مؤتمره المشار إليه اعلاه،‮ ‬استنادا الي الاعتقاد بأن الاصلاح الدستوري الجزئي،‮ ‬لايتعارض مع المطالبة بالتعديل الشامل،‮ ‬اذا ما اخذ في الاعتبار،‮ ‬عدم تناقض المواد المعدلة،‮ ‬مع‮ ‬غيرها من مواد الدستور،‮ ‬فضلا عن وضوحها بما لا يفسح مجالا للتناقض في تفسيرها،‮ ‬مع شرط اساسي هو احاطة‮ ‬المواد المتعلقة بالحريات العامة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية،‮ ‬بسياج من الضمانات يحول دون العصف بها‮.‬ ها هي المنظمة المصرية لحقوق الانسان تنجح في ان تعيد الي طاولة الحوار مرة اخري بقوة قضية الاصلاح الدستوري،‮ ‬فشكرا لها‮.‬