رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"النهضة" سد سياسى.. والذين يحكمون البلاد لا يعرفون شيئاً عن النيل

عباس الطرابيلى يتحدث
عباس الطرابيلى يتحدث للدارسين وبجواره الدكتورة كاميليا شكرى

قال الكاتب الصحفى عباس الطرابيلى إن مشروع سد النهضة أصبح واقعاً أمامنا ولابد أن نقلل من المخاطر والأضرار الناتجة عنه، وأشار إلى أن إثيوبيا اختارت توقيت تنفيذ السد في لحظات مصر فيها ضعيفة ومنقسمة علي نفسها، وقال خلال المحاضرة التي ألقاها بمعهد الدراسات السياسية بالوفد بحضور الدكتورة كاميليا شكرى عميد المعهد ومساعد رئيس الحزب.

إن مصر ليس فيها من يعرف معلومة كاملة عن النيل، وأتحدى أى مهندس في الرى أو حتى رئيس الجمهورية نفسه أن يعرف ذلك، والدليل أن أي خبير مائى عندما يتحدث لا يقول معلومة مثل الآخر لأنهم اعتمدوا علي ما قرأوه في وسائل الإعلام، وسد النهضة ليس سداً بالمفهوم المعلوم، بل هو «سد سياسى»، فنهر النيل عبارة عن نيلين أساسيين، الأول نيل ينبع من الهضبة الحبشية وهو النيل الأزرق، والآخر ينبع من المنطقة الاستوائية وهو النيل الأبيض ويلتقي النيلان عند الخرطوم هنا يتم عقد قران النيلين، وأتذكر هنا عندما تقدم مكتب استصلاح الأراضى للإمبراطور هيلا سلاسى إمبراطور إثيوبيا بمشروع يتضمن 33 سداً منها سدود لتوليد الكهرباء وسدود أخري للري وسدود متعددة الأغراض، وإثيوبيا ليست محتاجة إلى النيل الأزرق وهناك 11 نهراً ينبع من هضبة الحبشة وتبلغ كمية المياه التي تنزل عليها سنوياً 16.6 مليار متر مكعب، وإثيوبيا أعلنت أن سعة تخزين السد هو 14 ملياراً، ومؤخراً أعلنت أن سعته 74 مليار متر مكعب، وهي اختارت هذا الموقع الذي بنى فيه السد لأن المياه تندفع فيه بانحدار ألف متر ويستحيل بل ويصعب السيطرة علي النهر واختارت أقل منطقة فيها اندفاع المياه من المنابع، ومصر تحصل علي 85٪ من حصتها المائية من النيل الأزرق، أما الـ15 الأخرى من النيل الأبيض، ومعني هذا أن حياتنا مرتبطة بالنيل الأزرق، وسد النهضة أصبح حقيقة، ليس أمامنا، إلا أن نقلل من المخاطر والأضرار الناتجة عنه، ولابد أن نعلم أن الكهرباء المائية هي أرخص كهرباء وهي ناتجة من ارتفاع مصحوب بكمية المياه، وكلما ارتفعت المياه نحصل علي كهرباء أكثر وهذا ما جعل إثيوبيا تسعي إلي تخزين 74 مليار متر مكعب وخططت عملية ملء السد خلال ست أو سبع سنوات وهذا ما يجعلنا نتذكر جفاف النيل عندما جف ست أو سبع سنوات في قصة سيدنا يوسف وهي نفس المدة التي حددتها إثيوبيا وهذه السعة للخزان يترتب عليها انخفاض حصتنا من المياه 12٪ أي ربع الحصة المخصصة لنا والأمل أن نقنع إثيوبيا بمد فترة التخزين من سبع سنوات إلي 15 أو 20 سنة.
وقال الطرابيلى إن أهمية النيل لمصر ليس وليد العصر، بل إن الملك سنفرو الفرعونى أول من ابتدع حملات عسكرية تأديبية لمن يعبث بجنوب مصر، ومحمد علي الرجل الأمى اهتم به وأرسل بعثات لاستكشاف منابع النيل الأبيض لأنه كان لديه وعي نيلي، وحفيده إسماعيل أرسل بعثات لاستكشاف وتأمين منابع النيل حتي وصل إلي أوغندا وكانت ضمن ممتلكات مصر وكان يسميها مديرية خط الاستواء وكل بحيرة فيكتوريا كانت تحت الحكم المصرى.
وقال الطرابيلى: من يطالب بحل عسكري لحل أزمة سد النهضة لا يدري عواقب الحرب التي لم تعد برية ولا أستبعد استخدام القوة الدبلوماسية وهي أحد أسلحة الحرب وهؤلاء يضيعون حقوق مصر التاريخية، والرئيس مرسي دعا إلي اجتماع كل القوي السياسية لبحث ملف النيل ولم يفق إلا بعد وصول التقارير له ولا توجد دولة واحدة إفريقية تقف مع مصر حتي السودان، ووزراء الري في مصر علي مدار الخمسة عشر عاماً لم يزوروا منابع النيل وبالتالى وزراء الري لا يعرفون شيئاً عن النيل فكيف نطالبهم بالاهتمام بملف النيل، وكان من الواجب علي الرئاسة منذ علمت أن إثيوبيا بدأت في مشروع السد أن تتحرك وتستعد، وما سيحدث للنيل هو ما

حدث عند انهيار سد مأرب.
وطالب الطرابيلى بإنشاء مجلس قومي عاجل يضم خبراء الري في مصر وخبراء الزراعة ورجال الدبلوماسية علي رأسهم وزير الدفاع ومدير المخابرات الحربية والعامة ويضم هذا المجلس من الشخصيات المصرية محمد فايق المسئول عن ملف إفريقيا منذ أيام عبدالناصر، والثانى بطرس غالي مسئول عن ملف إفريقيا بعده، فسد النهضة أصبح حقيقة واقعية ولا بد من التحرك وإعادة علاقتنا بإفريقيا ونبذ العداء، فمصر ليست ضد أي مشروع تنموي بشرط ألا تضار منه، ولا بد أن نعلم أن إثيوبيا تنافس علي زعامة إفريقيا مع مصر وهذا صراع حضاري منذ قبل الإسلام، وإثيوبيا اختارت وقتاً لتنفيذ السد ومصر في أضعف ما تكون وبدأت في تنفيذ السد بعد أسبوع من الثورة المصرية وأعلنت أن تكلفته 4.8 مليار دولار، فهل تمتلك إثيوبيا هذا المبلغ أم أن هناك دولاً تساعدها؟ فالذين ينفذون جسم السد مهندسون من شركات إيطالية، أما الصين فهي مساعد أساسي في التمويل، وإسرائيل تقول إنها مسئول عن إدارة البحيرة، ونحن لو دخلنا في صراع عسكري سنواجه برد فعل رهيب وهذا قمة الذكاء الإثيوبى، مصر ابتليت بمن لا يعلم ويحكم.. وكل خطتها الدفاعية مبنية علي كلمتين الحقوق التاريخية.. والاتفاقيات، وهي سند تاريخي لمن لا يملك قوة الدفاع عن حقه.
وترشيد استهلاك المياه هو الحل السريع حتي نقلل المخاطر وكارثة مصر أنها تعتمد علي الري بالغمر، والرئيس مبارك كان يفخر بأن الطريق الصحراوى لم يعد لونه أصفر وأصبح أخضر وهو ما ترتب عليه انخفاض منسوب المياه الجوفية إلى 12٪ في الصحراء الغربية بسبب سوء استخدام المياه الجوفية، فهل يمكن أن نحلل مياه البحر؟ البعض يقول إن تكلفتها مرتفعة جداً.
وأضاف الطرابيلى أن تنفيذ المشروع جاء في وقت فيه مصر منقسمة علي نفسها ولا تملك قراراً وبالتالى قامت بزيادة سعة التخزين في السد ولو كان يحكم مصر رئيس قوي ما فعلوا ذلك، ونتذكر في عام 1979 عندما علم السادات بأن إثيوبيا تريد بناء سد قال «هاضربه» ومصر الآن في انتظار رجل، ونحن نعترف بأن عبدالناصر كان واسع الأفق بغض النظر عن اختلافنا معه، وكانت مصر في عهده علي علاقة قوية بإفريقيا بدليل أنه في حرب 1967 كل الدول الإفريقية وقفت مع مصر عندما أعطينا ظهرنا لإفريقيا عانينا، وجزء كبير من الصف الأول لحكام إفريقيا تعلموا في مصر وكان هناك اعتراف بدور إفريقي لمصر، أما الآن لا يوجد إفريقى يتذكر عطاء مصر والحل أن نعود لإفريقيا.