رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حسن بخيت يكتب: مولد الرسول.. ميلاد أمة وقيام دولة

المولد النبوي
المولد النبوي

يحتفل المسلمون في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام في مشارق الأرض ومغاربها، بذكرى عطرة عزيزة على القلوب، هي ذكرى مولد فخر الكائنات، نبي الأمة ورحمة الله المهداة للبشرية جمعاء (سيدنا محمد) صلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم وخاتم الأنبياء والمرسلين، الذي بمولده وطلعته استنار الكون وأشرقت الأرض بنور ولادته، كيف لا وهو الرحمة المهداة، والنعمة العظيمة، والأمل المنتظر الذي أرسله الله عز وجل للناس أجمعين ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)).

كان صل الله عليه وسلم رحمة للبشرية كلها، وببعثته ورسالته ودعوته انقشعت الظلمات وتبدلت الأرض غير الأرض والناس كذلك، فانتشرَ العدل بعد طول سيطرة للظلم، وعمَّ الإحسان بعد طول كراهية وجفاء، وانمحت ظلمات غشيت العقول وأعمت البصائر والأبصار.

أنا لست بعالم ولا فقيه، ولا أهل للفتوي، ولا أستطيع أن أخوض في شرعية ما اعتاد عليه عامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وما يقومون به منذ قرون عديدة، والاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بتلاوة السيرة العطرة لمولده عليه الصلاة والسلام، وذكر الله، وإقامة الليالي، وإطعام الطعام والحلوى حُباً في النبي صلى الله عليه وسلم وشكرًا لله تعالى على نعمة بروز النبي صلى الله عليه وسلم،  فيما ظهر في أيامنا من يحرم الاجتماع لعمل المولد، بل يعتبره بدعة وفسقًا ولا أصل له في الدين.

وأكثر العلماء يعتبرون الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدع الحسنة والتي لا بأس بها، فهذا العمل لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا فيما يليه، إنما حدث في أوائل القرن السابع للهجرة، وأول من أحدثه ملك إربل وكان عالمًا تقيًّا شجاعًا يقال له المظفر، جمع لهذا كثيرًا من العلماء فيهم من أهل الحديث والصوفية الصادقين ، فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، منهم الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، وتلميذه الحافظ السخاوي، وكذلك الحافظ السيوطي وغيرهم.

مولده صلى الله عليه وسلم هو مولد أمة الأخلاق:

ذكرى المولد النبوي ليست مجرد مناسبة لمولد (إنسان عظيم) فحسب، بل إنها ذكرى (مولد أمة) فبولادته عليه الصلاة والسلام ولدت أمة وحضارة عربية إنسانية باهرة، فقد نقل العربَ من قبائلَ معزولةٍ متناحرة متصارعة إلى أُمَّةٍ واحدة راقية، تظللُها رايةُ الإسلام العظيمة، وانبثاق حضارة إنسانية عظيمة، انقذت البشرية من التيه والضياع والشرك وعبادة الأصنام لتنحت في آفاق الحرية المعاني العظام وتؤسّس صرحًا يانعًا للحضارة ، ونشرت نور العلم والمعرفة في أرجاء المعمورة، من أمة كانت ترعي الغنم الي أمة تقود البشر.

الذكرى العظيمة هي رسالةُ تسامح وعدل حيث تمضي الأيام وتبقى الرسالة خالدة مهما حاولوا من أن ينالوا من اعتدال الدين الإسلامي ومهما قاموا بأعمال عنف لتشويه صورة الإسلام تبقى الحقيقة خالدة ولا تتبدل هذه الأيام تحتفل شعوب الأُمَّــة الإسلامية وتتزين بذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم معبرين عن عمق وتجذر المحبة الإيمانية التي يفيض بها وجدان كُلّ مؤمن ومؤمنة تجاه صاحب الذكرى الكريمة.

تمر ذكرى المولد النبوي الشريف على الأُمَّــة في كُلّ عام لتؤكد في نفوس وقلوب أبنائها بأنهم على درب الهادي البشير سائرون وبخلقه وهديه مقتدون، لينهلوا من معين هديه الصافي متزودين بأسمى مبادئ

الأخلاق الإنسانية، تلك المبادئ السامية والمثل العليا التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لينقذ البشرية من الضياع ويضيء لها طريق الحق والعدل والانفتاح والسلام.

وها نحن في الأيام التي تفوح فيها ذكرى ولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم، هذه الذكرى عزيزةٌ على المسلمين فى جميع أنحاء العالم، وفرصةٌ لتذكر الأعمال العظيمة والمبادئ السامية والمُثُــل العليا التى جاء بها المصطفى لبناءِ الدولة وللتأسِّى بها بالعمل والاقتداء وليس بالخطب والأقوال، وفى أن يحب المسلم لغيره ما يحبه لنفسه ويتفانى فى خدمة أهله ووطنه ويتعلم إنكار الذات، ويضحي بالمصلحة الأدنى من أجل المصلحة الأعلى والتى تتمثل فى مصلحة الوطن والدين.

 ولا شك أن من دواعي تجديد البَيعة لرسول الله وتجديد المحبة له والنظر إلى حقيقة اتباعنا له عليه الصلاة والسلام أن نحتفي بذكرَى ولادته، لا لذات الاحتفاء.، فليس الاحتفاء مقصودًا بذاته وإنما هو وسيلةٌ إلى هدف؛ تجديد  حبنا للمصطفى صل الله عليه وسلم، ونتأسّى به صل الله عليه وسلم ..... وصدق الله إذ قال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ ، وأن نجعل من الأخلاق التي أكرم الله عز وجل بها رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم منهج دعوتنا إلى الله، وأساسَ حوارنا مع عباد الله سبحانه وتعالى ..

ما أحوج المسلمين إلي التربية الأخلاقية:

ونحن اليوم أحوجُ من أي وقت مضى إلى العودة الصادقة لنهج المحبة والمودة والتآلف والوحدة التي دعا إليها صاحب الذكرى العطرة ونادى بها طيلة فترة بعثته المباركة اليوم علينا العودة إلى النهج الصافي لدعوة الرسول الكريم الهادفة إلى وحدة وتلاحم الأُمَّــة بكل أطيافها إن جوهر ، إننا اليوم أحوج ما نكون إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة والوقوف جميعًا صفًّا واحدًا، ما أحوجنا اليوم إلي الأخلاق في ذكري صاحب الخلق العظيم، والدعوة إلى كلمة التوحيد - توحيد الكلمة ونبذ الفرقة والخلاف والتشرذم، ما أحوجنا الي أن نسير بنهج المصطفى في الحكمة والتسامح والتآلف والتعاون  سبيلًا لتحقيق وحدتنا الوطنية وأصولنا الاجتماعية الراسخة التي يعتز بها كل مسلم.

كل عام والأمة العربية والاسلامية بخير وأمن وسلام