رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نظام خائف من شعب خائف

هذا هو حالنا‮.. ‬نظام الحكم خائف من ثورة الشعب،‮ ‬والشعب خائف من بطش النظام‮. ‬كيف تسير الدولة وشعبها خائف من حكامها،‮ ‬وحكامها خائفون من شعبهم؟

هذا مع الأسف الشديد حال بلدنا‮.. ‬قال هذه العبارة وبحق الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الأمراض النفسية‮.. ‬وقد وجدت في هذا التعبير،‮ ‬أصدق وصف لحال بلدنا‮. ‬وهنا الخوف من أهم الأسباب التي أدت لما أصابنا من بلايا ونكبات وكوارث،‮ ‬بما في ذلك من ارهاب وتطرف أعمي‮ ‬غير مسبوق وفساد في الأرض‮.‬

خوف الشعب من الحاكم،‮ ‬جعل الناس يلتجئون إلي التطرف الديني،‮ ‬طلبًا للغوث وأملاً‮ ‬في الرحمة من الله سبحانه وتعالي‮. ‬أما الحكام فيخشون من الشعب ثورته،‮ ‬لما وصل إليه من فقر وجهل ومرض وفساد‮. ‬وأصبح كل ما يطلبه الحكام من هذا الشعب أن يظل علي خوفه وخضوعه وسكونه‮.. ‬وكل ما يتمنونه من هذا الشعب هو التصفيق والتهليل،‮ ‬حتي ولو كان تصفيقهم وتهليلهم نفاقًا أو خوفًا،‮ ‬المهم عندهم أن يظهروا أمام العالم وكأنهم فعلا أصحاب الأغلبية وأن الشعب ملتف من حولهم‮.‬

التشدد الديني الذي نعيشه ونشاهده في الشوارع،‮ ‬والتليفزيون وخاصة في الأماكن الشعبية،‮ ‬هو نتيجة حتمية للقهر والكبت الذي يعيشه شعبنا،‮ ‬طوال عشرات السنين الماضية‮. ‬والتشدد الديني الذي نعيشه،‮ ‬ليس مقصورًا علي المسلمين فحسب،‮ ‬وإنما أيضا يقابله تشدد مسيحي،‮ ‬كنتيجة طبيعية للتشدد الإسلامي‮. ‬لقد ترتب علي هذا التشدد من الطرفين ما حدث في السنوات الماضية من قتل واحتكاكات عديدة،‮ ‬سواء في صعيد مصر،‮ ‬كما حدث في قرية الكشح وقرية نجع حمادي،‮ ‬فضلا عن مذبحة الأقصر الشهيرة،‮ ‬أما في الوجه البحري،‮ ‬فقد حدث في الإسكندرية تحديدًا العديد من الاحتكاكات،‮ ‬منها ما حدث في كنائس منطقة محرم بك،‮ ‬كما حدث أيضًا في كنائس منطقة سيدي بشر‮.‬

نعم لدينا تطرف ديني،‮ ‬ويجب أن نعترف به،‮ ‬وألا نضع رءوسنا في الرمال،‮ ‬ولابد لنا من مواجهة المشكلة بصراحة وبصدق،‮ ‬بالحلول طويلة الأجل،‮ ‬فضلا عن الحلول قصيرة الأجل،‮ ‬ومن ضمن الحلول طويلة الأجل،‮ ‬تغيير مناهج التعليم وتربية النشء علي الأخلاق الحميدة والتسامح والمحبة بين الناس،‮ ‬وإن كان التعليم مهمًا في الصغر،‮ ‬فالأهم منه هو الإعلام ودوره الكبير في التأثير علي جميع طوائف الشعب،‮ ‬كما يجب أيضًا الاهتمام بالخطاب الديني وتوجيهه توجيها سليمًا قائمًا علي المحبة

والسلام،‮ ‬سواء أكان هذا الخطاب للمسلمين أو المسيحيين،‮ ‬أما عن العلاج قصير الأجل،‮ ‬فلابد من صدور قانون دور العبادة الموحد،‮ ‬حتي ننتهي من مشاكل اقامة دور العبادة،‮ ‬وكذا إنهاء مشكلة تميز المسلمين عن المسيحيين في الوظائف،‮ ‬والمراكز المهمة،‮ ‬كما يجب الضرب بيد من حديد عل كل من تسول له نفسه،‮ ‬الدعوة إلي التطرف الديني من الجانبين‮.‬

ومن أهم عوامل التطرف الديني الذي وصلنا إليه هذه الأيام،‮ ‬هو الكبت والقهر السياسي،‮ ‬الذي يعيشه شعبنا منذ ما يقرب من ستين عامًا،‮ ‬هذا الحصار المضروب حول الأحزاب السياسية والتجمعات المدنية المعارضة،‮ ‬هو من أهم الأسباب التي جعلت الشعب ينصرف إلي التطرف الديني،‮ ‬خاصة في الطبقات الفقيرة من الشعب الذين يعانون شظف العيش‮. ‬إن التطرف الديني واقع حقيقي بين شعبنا ولابد من الاعتراف به والعمل علي إزالة أسبابه،‮ ‬بأن نسارع بفتح النوافذ والأبواب للحرية والديمقراطية،‮ ‬وأن نفسح المجال للأحزاب السياسية والتجمعات المدنية،‮ ‬لتجد طريقها بين صفوف الشعب،‮ ‬تحتضنه ويحتضنها،‮ ‬لكي ينفس عما في صدره من ألم وحسرة مع ضرورة العمل علي إنهاء جميع المشاكل والخلافات ومطالب إخواننا المسيحيين‮.‬

لقد سبق وأن نبهنا كثيرًا،‮ ‬وقلنا إننا علي حافة الهاوية،‮ ‬وإننا جميعا في قارب واحد‮. ‬فإذا ما تعرض هذا القارب لعاصفة هوجاء،‮ ‬فسوف تعصف بنا جميعًا ونغوص في ظلمة الأعماق‮. ‬الوقت مازال أمامنا،‮ ‬فرب ضارة نافعة،‮ ‬فلنحاول جمع شمل شعبنا بجميع طوائفه وأحزابه وآرائه بدلاً‮ ‬من حالنا هذا،‮ ‬القائم علي خوف الحكام من شعوبهم وخوف الشعوب من حكامهم‮.‬