رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رٌبَ ضارة نافعة

في مستهل هذا الأسبوع – وبالتحديد يوم الاحد الماضي – أصدرت المحكمة الدستورية العليا الحكم بعدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات (فيما يخص بتقسيم الدوائر الانتخابية)، هذا الحكم سيترتب عليه بالضرورة، تأجيل الانتخابات البرلمانية الي أن يتم علاج العوار الذي أصاب قانون الانتخابات.

وللحق، فإنني كنت من المطالبين بشدة بضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية، نظرا للظروف التي تمر بها البلاد، سواء من الناحية الأمنية، أم من الناحية السياسية، فلا يغيب علي أحد ان البلاد مازالت غير مستقرة من الناحية الأمنية. وبالتالي، فإذا ما أجريت الانتخابات البرلمانية في ظل الظروف الراهنة، وحدث – لا قدر الله – أي عمل إرهابي سواء للمرشحين أم الناخبين، سيكون له أبعد الأثر في النفوس علي المستوي الداخلي والدولي أيضا.
أما من الناحية السياسية، ففي تقديري ان الأحزاب السياسية مازالت في حاجة إلي المزيد من الوقت حتي تحقق المزيد من التجانس والتفاهم فيما بينها، وان يتضح ذلك أمام الناخبين، كما تستقر الأوضاع لدي المراقبين والمتخصصين. وبالتالي فربما يكون في تأجيل الانتخابات، إعطاء الأحزاب السياسية فسحة من الوقت، لكي تلتقط أنفاسها وتعيد ترتيب أوراقها وتقيم التحالفات فيما بينها عن قناعة وعقيدة لا يمسها أهواء أو أغراض.
ولا يغيب عن أحد ان الدستور الجديد قد أعطي للبرلمان سلطات واسعة تحد من تصرف رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) بحيث إنه يمكن للبرلمان ان يعرقل المسيرة الثورية للبلاد . وبالتالي، فلابد ان يكون تشكيل البرلمان الجديد يحظي بأغلبية قانعة بثورة 25 يناير، 30 يونيه، وان تحقيق طموحات الشعب المصري، لا سيما وان الكلام قد كثر في الآونة الاخيرة علي عزم التيارات الدينية المختلفة في البلاد المشاركة الجدية في الانتخابات القادمة . هذا فضلا عن ان هناك العديد من أنصار نظام الحكم السابق يتحينون الفرصة للعودة مرة اخري للمسرح السياسي رغم ما عرف عن بعضهم بالفساد والإفساد.
أنا لا أنكر ضرورة استقرار البلاد واثر ذلك علي العالم الخارجي، خاصة ونحن مقبلون علي المؤتمر الاقتصادي الذي نطمع ان تنال فيه مصر قسطا وافرا من الاستثمارات الاجنبية، فلا شك ان وجود برلمان في مصر سيكون له اثر كبير علي المستثمرين لأن ذلك سيكون دليلا قاطعا علي ان البلاد تحكم

بأنظمة ديمقراطية بعيدة عن الدكتاتورية وحكم الفرض، كل هذا صحيح ولكن الأهم من ذلك كله ،ان يكون البرلمان الجديد برلماناً متجانسا مستقرا بعيدا عن الطعون القانونية والأهواء الشخصية . فاذا لم يكن البرلمان الجديد يؤمن بثورة 25 يناير، 30 يونية ويعمل علي تحقيق طموحات الشعب، فربما يكون لذلك أبعد الأثر علي مسيرة الديمقراطية.
أعود فأقول فرٌبَ ضارة نافعة. تأخير الانتخابات وإن كانت لها مضار، فإن لها أيضا منافع ربما تكون أكثر. فإذا تأخرت الانتخابات لعدة اشهر، فإن هذا سيعطي فرصة لكي تستقر البلاد امنيا، فاذا ما حدثت سيكون لهذا أثر كبير داخليا، بل وعلي الصعيد الخارجي ايضا، اضف لهذا أن تأخير الانتخابات - كما قلنا سابقا - سيعطي الأحزاب المدنية الفرصة الكافية، لكي تعيد ترتيب اوراقها للتوصل الي صيغة تفاهم حقيقية من أجل تكوين تحالفات حزبية، تعمل علي تكوين برلمان متناسق ومتفاهم يعمه وحدة الصف واتفاق الكلمة.
نحن الآن نمر بمرحلة في غاية الأهمية وغاية الصعوبة، فمصر تحفها المخاطر من كل صوب، سواء شرقا أم غربا أم جنوبا، وإذا لم تكن هناك وحدة للصف وتكاتف للجبهات المدنية في البلاد فسيكون في ذلك خطر شديد . وبالتالي، فيجب علينا ان نسعي من أجلاً يكون برلمانا مؤمنا بثورة 25 يناير، 30 يونيه، وان يكون مستقرا من الناحية القانونية، ومتجانسا من الناحية السياسية، حتي يعبر بنا تلك المرحلة الحرجة التي تعاني منها البلاد.
حفظ الله مصر، وجنبها شرور الدساسين والكارهين والحاقدين.