رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإرهاب والكباب


مع الاعتذار للأستاذ عادل إمام  عن عمله الفني الرائع (الارهاب والكباب)، إلا انني لم أجد عنوانا مناسبا لهذا المقال، غير ان اقتبس منه اسم هذا الفيلم كعنوان للمقال.

بعد الأحداث المروعة التي وقعت أخيرا في سيناء وباقي المدن الأخرى، يري البعض ضرورة العودة الي اعلان حالة الطوارئ، ومن ثم تطبيق القوانين الاستثنائية، خاصة القوانين الاستثنائية المتعلقة بسرعة التحقيقات والمحاكمات في قضايا الارهاب المعروضة حاليا علي القضاء العادي، وكذا ما قد يستجد من قضايا أخري. الكثيرون في تصورهم ان القضاء العادي بطيء في مباشرة هذا النوع من القضايا، ولابد من أن يكون هناك انجاز سريع لمثل هذا النوع من القضايا، حتي يكون المذنبون عبرة وعظة للآخرين.
أصحاب هذا الرأي يقولون إنه من غير المعقول ان تطول المحاكمات إلي سنوات وسنوات، وبالتالي يقبع العديد من المتهمين ورؤوس الارهاب في السجون يتمتعون بما لذ وطاب من طعام وشراب خاصة (الكباب)، في الوقت الذي لا يمر يوم إلا ومصر تفقد شهيدا من خيرة رجالها، سواء من قواتنا المسلحة، أم رجال الشرطة، أم من المدنيين العاديين، هذا بخلاف الأعمال التخريبية والحرائق والترويع الذي يحدثه الارهابيون في جميع مناحي الحياة. وبالتالي لابد من أن يكون القصاص من هؤلاء المجرمين سريعا وناجزا، حتي يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه المساس برجالنا أو بمقدرات شعب مصر.
وللحق فإن المطالبين بضرورة عودة حالة الطوارئ وما يتبعها من قوانين استثنائية، بحجة ان القضاء العادي بطيء في اصدار الاحكام، هؤلاء - في تقديري - لهم العذر فيما يظنون، إلا أن هؤلاء قد فاتهم أمور كثيرة في هذا الصدد، ذلك ان العودة الي حالة الطوارئ وما يتبعها من تطبيق للقوانين الاستثنائية سيكون له عواقب كثيرة علي الاقتصاد والاستثمار والسياحة، فالدولة التي تلجأ الي مثل هذه القوانين تعتبر من وجهة النظر الدولية دولة غير مستقرة، الامر الذي يعتبره الكثيرون سببا لهروب الاستثمار والمستثمرين وكذا السياحة.
أضف الي هذا، ان الذين يطالبون بإعلان حالة الطوارئ وما يتبعها من تطبيق للقوانين الاستثنائية بحجة ان القضاء العادي بطيء في احكامه، هؤلاء قد فاتهم ان أغلب هذه القضايا تشمل العشرات، بل ربما المئات من المتهمين، والقاضي لابد له أن يحقق دفاع وطلبات جميع المتهمين قبل أن يصدر احكامه، فالقاضي يضع نصب عينيه - أولا وأخيرا - تحقيق العدل، وفي سبيل الوصول الي هذا الهدف لا يعنيه في كثير او قليل الظروف السياسية أو الاقتصادية المحيطة بهذه الجرائم، فالقاضي لا يري الا الله سبحانه وتعالي وضميره فقط، وبالتالي فإن القاضي لابد له أن يتحرى الدقة في كل إجراء من إجراءات التقاضي وحقوق المتهمين أمامه.
أعود فأقول: اللجوء الي القوانين الاستثنائية، وبالتالي الي المحاكمات الاستثنائية له مضار نحن

في غنى عنها، ومن اهم تلك المضار - كما قلنا - تأثيره علي النواحي الاقتصادية عامة وكذا في علاقات مصر الدولية، علي اعتبار أن العالم يفضل أن تكون مصر مستقرة وتتمتع بالقوانين العادية وتنعم بالديمقراطية والحرية. من هنا فإن وجود القوانين الاستثنائية قد يكون له تأثير سلبي كبير علي علاقاتنا الخارجية وخاصة مع الدول الكبرى.
صحيح أن مصر الآن في اشد الحاجة لإعلان حالة الطوارئ ومن ثم تطبيق القوانين الاستثنائية، من أجل سرعة البت في القضايا التي تتعلق بأمن الدولة العليا، وبالتالي سرعة انزال العقاب علي كل من تسول له نفسه المساس بأمن وأمان شعبنا أو الاضرار بالممتلكات العامة والخاصة، فالقصاص السريع له أثر كبير في وأد الفتنة وردع المتهمين. ومع كل ذلك فإن المفاضلة بين القضاء العادي والقضاء الاستثنائي أمر صعب للغاية.
أنا لا أنكر أننا جميعا متألمون وغاضبون من مدي بشاعة الأحداث الاجرامية التي وقعت في الآونة الاخيرة في البلاد، خاصة ما وقع في نهاية الاسبوع الماضي بمنطقة العريش، ولكن – في تقديري - لابد لنا أن نتريث ولا نتسرع، فنحن الآن نحتاج الي دفع قاطرة الاقتصاد للأمام حتي نستطيع الوقوف سريعا علي قدمينا، ومن ثم لابد لنا أن نترك القضاء العادي يقول كلمته وفق آليات وأحكام القوانين العادية، فرغم بطء التقاضي إلا أن أحكامه ستكون بلا شك رادعة لمثل هؤلاء الإرهابين.
أخيراً.. فإني أطالب - في نهاية هذا المقال - إخواننا المتحمسين للعودة لحالة الطوارئ، أن ينظروا للمصلحة الوطنية الأولي، فمهما استمتع المجرمون والارهابيون ورؤوس الفتنة في السجون الآن. ففي تقديري، إن هي إلا أيام معدودة وبعدها سيقول قضاؤنا الشامخ قولة الحق فيهم، وقتها لن ينفع هؤلاء هذا الارهاب الأسود أكل الكباب في السجون.
حفظ الله مصر وجنبها شرور الإرهاب الأسود ومن يقف من ورائه.