رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر علي فوهة بركان

 

بدأت مقدمات ثورة البركان في الظهور، مصر الآن تمر بهزات عنيفة وهناك أبخرة قاتلة تتصاعد، وهناك حمم تتطاير في السماء. كل الشواهد من حولنا تنذر بقدوم ثورة البركان التي ستأخذ في طريقها الأخضر واليابس وتدمرنا جميعا.

الواقع يقول لا أحد يرضي، السياسي غاضب، والديني المتطرف متحفز، الفئات المتنوعة تطالب بحقوقها وتصر عليها، الأمن شبه غائب، نحن الآن في مصر نمر بمرحلة الرفض لكل شيء، شباب الثورة غير راض وخائف علي ثورته، أذناب العهد البغيض ناقمون علي الثورة ويحاولون بكل الطرق إجهاضها بل هناك بعض الأنظمة العربية تخشي من الثورة المصرية ويهمها إفشالها لكي تنجو بأنفسها، حالة الانفلات طالت جميع مناحي الحياة حتي الرياضة لم تسلم من الانفلات الهمجي في مباراة الزمالك والافريقي التونسي، التي تدل علي أبعاد كثيرة يكتنفها الغموض والشبهات.

مع بداية الثورة كنت أخشي ما أخشاه هو الصراع الديني بين المسلمين والمسيحيين الذي ظهرت بوادره من عدة أشهر مضت، أما الآن فإني أخشي علي الثورة من كثرة الاحتجاجات والاعتصامات والمطالبات التي لا تنتهي، والكل يريد أن يأخذ حقه فورا ـ وهذا أمر مستحيل ـ ومن بين ما يقلقني كثيرا ارتفاع أسعار المواد الغذائية بصورة كبيرة الي حد أنه يصعب علي الفقراء ومحدودي الدخل أن يواجهوا معها مطالب الحياة، ومن هنا فاحتمالات ثورة الجياع قائمة، وأخيرا فإن التطرف الديني الإسلامي بدأ يأخذ منحني عنيفا ومفزعا، خاصة في الأيام القليلة الماضية، سمعنا عن قطع أذن مسيحي، ثم سمعنا عن تحطيم مقاهي وحوانيت في محافظة الفيوم ثم سمعنا عن تهديدات للسيدات غير المحجبات بالإيذاء، ثم سمعنا عن قيام بعض الأشخاص بتحطيم وحرق أضرحة أولياء الله الصالحين وكذا سلالة أهل البيت، ثم سمعنا عن رغبة لتطبيق بعض التعاليم الإسلامية بالقوة علي جميع المواطنين ـ مسلمين ومسيحيين ـ ثم سمعنا عن رغبة البعض في تحطيم الآثار المصرية التي هي في حقيقة الأمر تاريخ مصر الحضاري العظيم.

كل هذه العوامل، خاصة التطرف الديني غير المسبوق من جماعات السلفيين وبعض الجماعات الأخري المنضمة اليهم، قد تؤدي الي الوقيعة ليس فقط بين المسلمين والمسيحيين، بل وأيضا بين المسلمين بعضهم البعض، ما نسمعه الآن من تحفز الصوفية للسلفيين ووقوفهم أمام تصرفاتهم خاصة الماسة بأضرحة الصالحين وأهل البيت، سيترتب عليه بالضرورة صدام دموي بين الطرفين.

كما لدينا المسلمون المعتدلون وهم كثرة لا يرتضون المساس بأضرحة الأولياء الصالحين كما لا يرتضون المساس بالآثار المصرية كما لا يرتضون أن فئة من المسلمين تقوم بفرض تعاليمها الدينية بالقوة عملا بقول الله سبحانه وتعالي: »لا إكراه في الدين« وقوله كذلك: »لكم دينكم ولي دين«.

لست أدري أين كانوا هؤلاء السلفيين قبل الثورة؟ لماذا لم نسمع لهم صوتا أو نري لهم عملا؟ من الذي أتي بهم هذه الأيام وحركهم ليحاولوا

فرض آرائهم وأفكارهم بالقوة؟! هل غياب الأمن هو الذي دفع مثل هؤلاء المتطرفين الي الظهور والاحتكاك بباقي المسلمين؟! أم أنهم يعملون لحساب دولة أو أنظمة خارجية لا ترضي نجاحا للثورة المصرية!!

يقال بأن بعض الأنظمة العربية المحيطة بنا لا ترضي نجاحا لثورتنا في مصر ويصرفون الملايين من الدولارات بمعاونة أذناب العهد البغيض لإجهاض ثورتنا، فنجاح ثورتنا يجر عليهم الخراب والدمار ويقلب عليهم شعوبهم، وبالتالي فنجاح ثورة مصر بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت تماما كما يشعر أذناب العهد البغيض من خطورة الثورة علي ممتلكاتهم وأرواحهم. فهل يا تري هما المحرضون لهذه الفتنة الإسلامية؟ وهل عودة آلاف المجاهدين المصريين المنتشرين بأفغانستان وإيران والصومال الي مصر بإيعاز منهم؟

أجراس الخطر تدق من حولنا للإعلان عن احتمال وقوع الصدام الدموي الذي قد يحدث بين المسلمين بعضهم البعض، أو بين المسلمين والمسيحيين هذا بالإضافة الي الخطورة الناتجة من الارتفاع المستمر للأسعار وما يترتب عليه من ثورة الجياع، الأمر جد خطير ومصر فعلا علي فوهة البركان، فالمخاطر تحيط بنا من كل جانب، إنني أهيب برجال الدين الحكماء والمعتدلين وعلي الأخص رجال الأزهر الشريف أن يقوموا بدورهم في تبصير المسلمين بالمخاطر المحدقة بهم في وقت نحن في أشد الحاجة الي وحدة الصف، من الواجب علي حكماء مصر أن يبصّروا الشعب بالخطورة المحدقة التي قد تترتب علي الصدام بين المسلمين والمسيحيين، فحالة الاحتقان الديني القائمة الآن بالإضافة الي المشاكل الأخري العديدة كل هذا ينذر بالخطر الجسيم.. ولا يفوتني في هذا المجال من أن أناشد القيادة العسكرية بضرورة الوقوف بحسم وحزم لكل من تسول له نفسه المساس بمكاسب الثورة المجيدة.

نحن جميعا ـ مسلمين وغير مسلمين ـ في قارب واحد، ويجب علينا جميعا أن نقف صفا واحدا في مواجهة هذا البركان المدمر، كي ننأي بمصرنا الحبيبة عن الخراب المدمر.