رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شبح التقسيم

قبل أن أكتب مقالى هذا، أزف للأمة الإسلامية عامة والمصريين بصفة خاصة، أطيب التهانى بعيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا جميعا بالصحة والسعادة والهناء والوفاق. وأبعد عنا اللهم بفضلك شبح الانقسام.

أما بعد.. لدى إحساس دفين - ولدى الكثيرين غيرى - بأن مصر فى طريقها إلى التقسيم، إن عاجلا وإن آجلا، بسبب حالة الاستقطاب التى تسود فى الآونة الأخيرة على الساحة السياسية، نتيجة الحشد المتزايد من غلاة الفكر الدينى المتطرف، الذى يدعو إلى إجهاض الدولة المدنية الحديثة، وتحويل مصر إلى دولة دينية، يقوم الحكم فيها على أساس من التعاليم الدينية، كما كانت عليه الدولة الإسلامية الأولى، رغم الفارق الكبير بينها وبين الدولة المدنية التى تحكمها النظم القانونية الحديثة، على أساس من الدستور والقانون.
هذا الانقسام الفكرى بين أنصار الدولة المدنية وأنصار الدولة الدينية - فى تقديرى - فى منتهى الخطورة على مصر كلها، لما يحمله من تشجيع للبعض من أعدائنا فى الداخل والخارج، لاستغلاله فى الدعوى إلى تقسيم البلاد. تلك الخطورة التى أشعر بها تنبه إليها مؤخرا الدكتور سعد الكتاتنى، بمجرد فوزه بمقعد رئاسة حزب الحرية والعدالة. فقد بادر سيادته بعد هذا الفوز، بالإعلان عن رغبته فى التوفيق بين التيار الليبرالى - أنصار الدولة المدنية - وبين التيار الدينى -أنصار الدولة الدينية. ورغم أن ما ينشده الدكتور الكتاتنى شبه مستحيل، إلا أنه بلا شك سعى وطنى حميد. فنحن جميعا نتمنى أن يتفق شعب مصر كله على كلمة واحدة، حفاظا على وحدة الصف ودرءًا لشبح التقسيم.
فى تقديرى، أن فكرة التوفيق بين التيار المدنى والتيار الدينى يعترضها إشكالان عويصان. الإشكال الاول يكمن فى المبدأ ذاته، فالليبراليون أنصار الحرية والديمقراطية والدولة المدنية، يعارضون فكرة تحول مصر إلى الدولة الدينية التى تسيطر على الحكم فيها التعاليم الدينية. هذا بطبيعة الحال ليس لعيب فى الدين (أستغفر الله). لكن أصحاب هذا الفكر يرون أن تطبيق الشريعة الإسلامية بالصورة التى كانت عليها الدولة الإسلامية قديما، قد يعود بمصر آلاف السنين إلى الوراء. من هنا فإن أنصار هذا الفكر، يؤكدون ضرورة قيام نظام الحكم فى مصر، استنادا لنظم الحكم الحديثة التى تقوم على أساس من الدستور والقانون. أما أنصار الدولة الدينية، فكل أملهم هو تطبيق التعاليم الدينية، كما

كانت عليه الدولة الإسلامية الاولى، سواءً كانت تلك التعاليم تساير التطور العلمى الحديث من عدمه.
أما الإشكال الثانى فى التوفيق بين التيار المدنى والتيار الدينى، فيكمن فى كيفية تقريب وجهات النظر بين التكتلات والمجاميع الفكرية المختلفة، لاسيما أن الثقة بين هذه التيارات تكاد تكون منعدمة، وكل تيار يسعى إلى فرض فكره ورأيه ومبادئه. وقد ظهر هذا الخلاف جليا فى وضع الدستور الحالى. فالولادة المتعسرة التى نعيشها جميعا لهذا الدستور سببها الأول انعدام الثقة بين التيار المدنى والتيار الدينى ورغبة كل فريق فى الانتصار لفكره ورأيه ومبادئه، بصرف النظر عما إذا كان هذا الفكر أو الرأى أو المبدأ يصب فى صالح مصر من عدمه.
أعود فأقول.. الانقسام الحاصل بين صفوف الشعب المصرى، والرغبة الجامحة لدى البعض من أصحاب الفكر المتطرف فى فرض أفكارهم ومبادئهم على جموع الشعب المصرى، سيصل بنا لا محالة إلى الصدام والعنف، تماما كما حدث يوم الجمعة قبل الماضية بميدان التحرير. مثل هذا الصدام لو تكرر، ستكون له أبعاد أكبر وأخطر، من شأنها تحقيق الرغبة الأمريكية الإسرائيلية فى تقسيم مصر لعدة دويلات صغيرة، منها من يحكم عن طريق الخلافة ومنها الذى يحكم بطريقة ولاية الفقيه ومنها من يقوم على الدستور والقانون. وبذلك تتحول مصر إلى دويلات يسهل السيطرة عليها من العدو الصهيونى إذا اقتضى الحال.
حمى الله مصر أرض الكنانة من أعدائها المتربصين فى الداخل والخارج، فمصر مقبرة للغزاة، من أرادها بسوء قسمه الله. وكل عام وحضراتكم بخير وسعادة وهناء.