رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منه لله

منه لله الذى كان السبب فى أن تكون الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل وضع الدستور. كان الله فى عون شعب مصر، فكل ما يعانى منه مصر الآن، من اضطرابات واحتقانات وتضارب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية، وبينها وبين المجلس العسكرى من ناحية أخرى، فضلا عن هذا اللغط الكبير الناشئ بسبب استبعاد البعض من انتخابات الرئاسة. كل ذلك وغيره من صراعات أخرى، كان سببه أولا وأخيرا، أن كانت الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل وضع الدستور.

الدستور يا سادة هو خريطة الطريق لكل سلطات الدولة - التنفيذية، التشريعية، القضائية - وفضلا عن ذلك فهو ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويوضح حقوق وواجبات كل منهما قبل الآخر. الدستور هو العقد الاجتماعى الذى تقوم عليه الدولة، فهو أقرب ما يكون من وثيقة شرف، تحكم العلاقات المتبادلة بين سلطات الدولة وبعضها وبين الحاكم والمحكومين. فإذا كان ذلك كذلك، فكان لازما ولابد أن يكون الدستور أولا باعتباره هو اساس بناء الدولة، ثم تقام أعمدة الحكم ممثلة فى السلطات الثلاث، وبعد ذلك يأتى بناء باقى الأركان الممثلة فى حقوق وواجبات أفراد الشعب. ولكن.. ومع الأسف الشديد، فقد وسوس الشيطان فى صدور المسئولين فى الدولة وجعلهم ينحازون لان تكون الانتخابات أولا ثم الدستور بعد ذلك. منه لله الذى كان هو السبب وراء هذه الفرية التى جرت مصر إلى حافة الهاوية.
وأخيرا.. وبعد أن قاربت أن تخرب مالطا، تنبه المجلس العسكرى، أنه وقع فى كمين خطير، جر بلدنا إلى مخاطر جسيمة نتيجة لأن يأتى رئيس الدولة، بلا صلاحيات محددة ولا واجبات معروفة، سواء أكان ذلك فى علاقته بين سلطات الدولة الثلاث أو فى علاقته بالشعب. إذا جاء الرئيس القادم بلا خريطة طريق واضحة ممثلة فى دستور واضح المعالم، فستجر البلاد إلى فوضى لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالي. ما يحدث الآن من تضارب بين السلطة التشريعية (مجلس الشعب) وبين الحكومة والمجلس العسكرى (السلطة التنفيذية) هو صورة مصغرة جدا لما قد يحدث مستقبلا فيما لو جاء رئيس للبلاد دون صلاحيات أو حقوق وواجبات.
أتوقع لو تمت انتخابات الرئاسة دون أن يوضع دستور للبلاد أولا، سوف تحدث بلا شك صدامات عنيفة بين رئيس الدولة وبين الحكومة وربما بين المجلس التشريعى، قد يترتب عليها انهيار الدولة تماما. وبالتالى، ستنقلب مصر إلى فوضى عارمة وربما إلى تضارب ومصادمات قد لا تحمد عقباها.
كل ما يحدث الآن من محاولات لتصحيح الوضع بالإسراع فى إصدار الدستور، أو المناداة بالعمل

بدستور 1971 أو إصدار إعلان دستورى تكميلي. كل هذا فى تقديرى ترقيع فى ثوب مهلهل تسبب فى تمزيقه من كان وراء الانتخابات أولا. جلوس المجلس العسكرى من ناحية وكذلك جلوس مجلس الشعب من ناحية أخرى مع رجال القانون الدستورى لمحاولة ايجاد مخرج من هذا المأزق الشديد، كل ذلك تأخر كثيرا جدا، خاصة أن الانتخابات الرئاسية أصبحت على الأبواب. ولا يفوتنى بهذه المناسبة، أن أحيى المجلس العسكرى على استجابته لنداء الشعب، بتصديقه على قانون العزل السياسى، لاستبعاد أعمدة النظام السابق من المنافسة على مقعد الرئاسة. وكل ما نتمناه هو الاسراع بنشر القانون بالجريدة الرسمية فى الوقت المناسب حتى يتم تطبيقه على مرشحى الرئاسة.
أعود فأقول.. الحل الوحيد فى تقديرى لإنقاذ مصر من حافة الهاوية ودرءا للمصادمات التى قد تحدث مستقبلا، هو الإسراع بحل مجلس الشعب الحالى، سواء أكان ذلك عن طريق المجلس العسكرى – وهذا حقه طبقا للإعلان الدستورى  - أو كان ذلك عن طريق المحكمة الدستورية. وبعد حل مجلس الشعب نمكث فترة لالتقاط الأنفاس، يتم خلالها تشكيل لجنة لوضع الدستور، تمثل فيها كافة الاتجاهات الشعبية والحزبية بالإضافة إلى فقهاء القانون الدستورى - شريطة أن يكون تمثيل الفئات الشعبية فيها متساوية تماما لا غلبة لفئة على فئة أخرى - وبعد ذلك يتم وضع الدستور ثم الاستفتاء عليه، فإذا تمت موافقة الشعب عليه، تكون الانتخابات التشريعية ثم تليها مباشرة الانتخابات الرئاسية، وبذلك نجنب بلادنا ما قد نتعرض له من مصادمات، ربما تصل بنا لحد سفك الدماء.
أعود وأقول.. منه لله كل من تسبب فى هذا التضارب بين سلطات الدولة والذى ربما يجر بلادنا إلى التهلكة.