رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صراع بلا هوية

أحياناً، أجلس مع نفسي متسائلاً: يا تري.. لماذا هذا الصراع المحموم بين مرشحي الرئاسة؟.. لاسيما بعد قرار اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة باستبعاد عشرة من بين المرشحين - حتي يومنا هذا - لا يوجد دستور يحدد ماهية اختصاصات رئيس الجمهورية، هل سيكون الرئيس لنظام رئاسي أم نظام برلماني؟.. أليس من الغريب والعجيب أن يحتدم الصراع علي منصب الرئاسة، رغم أنه لم تتضح بعد معالم واختصاصات هذا الرئيس؟.. هل سيكون المنصب منصباً شرفياً أم سيكون للرئيس دور فعال في إدارة شئون البلاد؟

الصراع المحموم الذي يجري الآن علي الساحة السياسية بين مرشحي الرئاسة أمر عجيب، وكأننا أمام سباق للخيل تجري علي طريق بلا نهاية أو هدف، صحيح، قد يقال إن هذا السباق نهايته معروفة وهي انتخاب رئيس للبلاد، ولكن في جميع الأحوال، فإن الرئيس القادم لن يحقق آمال أو طموحات الشعب المصري، لسبب بسيط، أن هذا الرئيس لن تكون له أي اختصاصات معلومة أو ملموسة علي أرض الواقع.
إنه حقاً أمر محير، هذا الذي وضعنا فيه المجلس العسكري بصفته المنوط به إدارة البلاد.. لقد جفت أقلامنا وبحت أصواتنا في محاولات يائسة لإثناء المجلس عن رغبته في أن تكون الانتخابات أولاً وبعد ذلك الدستور، وها هي الأيام تؤكد صدق مقولتنا، الدستور هو خريطة الطريق التي تسير عليها كل سلطات الدولة، فهو الذي يحدد اختصاصات هذه السلطات، كما يوضح حدود العلاقة ومدي الرقابة فيما بينها، ورغم ذلك، كان إصرار المجلس العسكري علي أن تكون الانتخابات، سواء التشريعية أم الرئاسية قبل الدستور، الأمر الذي أدي بنا في النهاية لكل هذا التخبط الذي نعيشه الآن.
لا يعرف أحد منا ماهية اختصاصات الرئيس القادم ولا علاقته بالمجلس التشريعي وسلطاته قبل الحكومة، لا مرشحي الرئاسة يعرفون اختصاصاتهم، ولا مجلس الشعب أيضاً يعرف اختصاصاته، الكل يتخبط والكل يندفع، لا أحد يعرف إلي ماذا يصبو.. إننا حقاً نسير إلي المجهول.. فعلي سبيل المثال، مجلس الشعب يدعي أن من حقه سحب الثقة من الحكومة، والمجلس العسكري ينفي هذا الحق وينسبه لنفسه، مجلس الشعب سيضع القوانين ولا نعرف هل سيوافق المجلس العسكري علي تلك القوانين أم لا؟
إنني أشك كثيراً، أن هذا الظلام والتخبط الذي نسير فيه، أمر مقصود من المسئولين في البلاد، فمن المثير للدهشة والعجب،

أن المجلس العسكري لم يعبأ حتي الآن، باللغط والغموض الحاصل في تفسير المادة 60 من الإعلان الدستوري، أليس من حقه إزالة اللبث الذي شاب تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؟.. ألم يكن هو الذي وضع هذه المادة ومن حقه أن يوضح ما شابها من لغط أو غموض؟
أنني كدت أتيقن، أن الظلام الذي نعيشه هذه الأيام، أمر مدبر ومرسوم كي يشعر الشعب المصري، أن ثورته هي التي جرت عليه كل ما يعانيه من مشاكل ومصائب ونكبات، هذا الصراع القائم حاليا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمجلس العسكري، أمر في منتهي الغرابة والعجب، حتي السلطة القضائية لم تسلم من التدخلات في شئونها، عن طريق السلطة التنفيذية، هل من المعقول أننا أجرينا الانتخابات التشريعية وعلي أبواب الانتخابات الرئاسية ورغم هذا لا نعرف ما هو نظام الحكم عندنا.. هل هو برلماني أم رئاسي أم مختلط؟
الصراع المحموم علي رئاسة الجمهورية قد أفصح عنه السيد عمر موسي، حينما أعلن أكثر من مرة أنه سينسحب من هذا المضمار إذا كان نظام الحكم برلمانياً، كما اكتشفه مبكراً الدكتور البرادعي، برفضه الدخول فيه حتي يعلم ما هي اختصاصات الرئيس المرتقب، هل هذا السكوت عن توضيح الرؤية أمامنا جميعاً، المقصود منه أن تظل مصر في هذا التخبط وهذه الفوضي، حتي يضج الشعب من الثورة ويتحسر ويندم علي يوم من أيام مبارك ونظامه؟.. أم أنه مفروض علينا أن نعيش في صراع بلا هدف بلا نهاية، وكأننا في سباق للخيل تجري علي طريق بلا هوية؟