رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خايف علي مصر

صحيح أن شعب تونس يختلف عن الشعب المصري في الكثير، فبينما شعب تونس مثقف ومتعلم ومتنور، نجد أن شعبنا خانع وجاهل ومرتجف، ولكن شعبنا وشعب تونس، ربما قد اشتركا في نفس القهر والمعاناة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، وبالتالي فإنه من الممكن لأتفه الأسباب، والتي لا تخطر علي بال أحد أن تقوم القائمة في مصر، ووقتها ستكون ثورة جياع لن تبقي ولن تذر وسوف تلتهم الأخضر واليابس.

في تونس، قامت القائمة بسبب شاب من العاطلين الذين تعرضت لهم السلطة في رزقهم، فقام بحرق نفسه ومات، فترتب علي ذلك أن قامت القائمة هناك ومات من مات واصيب من اصيب وهرب من هرب، كل ذلك بسبب شخص واحد أحرق نفسه اعتراضا علي الظلم ومات كمداً وحسرة من المعاناة، أما في مصر، فقد مات المئات من العاطلين وربما الآلاف منهم، اما غرقاً في الحبر وإما تيها في الجبال والسهول وإما رمياً بالرصاص، في محاولاتهم للوصول الي حدود البلدان الأخري، ورغم هذه الاعداد الغفيرة التي ماتت اثناء هروبها من مصر، إلا ان شعبنا مازال ساكنا هادئا خائفا.

لقد تعمدت أنظمة الحكم البالية في مصر، أن يظل شعبنا علي جهله وقهره وخنوعه، حتي يظل يهتف "بالروح بالدم نفديك يا.. فلان" كل ما كان يطلب من شعبنا من الانظمة الغابرة، هو مجرد التصفيق والتهليل والتكبير والهتاف - ومع الاسف الشديد - لم يفكر أحد من حكامنا تفكيراً جاداً في الرقي بشعبنا وانتشاله من الظلمات السحيقة التي ألقي فيها، بل تركوه غارقاً في جهله، أملاً في استمرار خنوعه ورضوخه وقبوله للأمر الواقع، إبعاد الشعب عمداً عن الشماركة السياسية واقصائه عن إبداء رأيه في انتخابات حرة نزيهة، كان له أبلغ الاثر في عزوف الشعب عن مشاركة وطنه سرائه وضرائه، من كثرة القهر والكبت والجهل، أصبح - ومع الأسف الشديد - الشعب المصري، خانع وجاهلاً وقانعاً ولا أمل له ولا رجاء الا الله سبحانه وتعالي، فهو خير المستعان.

ورغم هذه الحقيقة المرة التي يعيشها أغلب شعبنا الا أنه من الجائز جداً ان يخرج هذا الشعب عن صمته، فتقوم قائمته لأقل الاسباب، تماما كما حصل في تونس، فمن منا كان يتصور ان تنتهي ثورة الشعب هناك الي الإطاحة برئيس الدولة، كل هذه لمجرد انتحار أحد أفراد الشعب، إن ثورة الجياع اذا قامت في مصر، لم تبق علي شيء، ستحرق كل من أمامها، لأنها ستكون ثورة عارمة وليدة سكون وتحمل وصمت رهيب طال أمده، الضيق أطبق علي صدور الناس طوال سنوات وسنوات، من كثرة الوعود الجوفاء والاماني والاحلام الزائفة.

كل ذلك جعل من شعبنا يعاني الكثير دون بارقة أمل، خاصة أن الحكومات المتعاقبة دأبت علي إعطاء الشعب المسكنات والحقن، لتجعله مغيبا وهائما بلا هدف ولا أمل.

كل هذا جعلني أخاف علي مصر، رغم الخلاف الكبير بين شعب مصر

والشعب التونسي، مصر مستهدفة من الخارج ومن الداخل ايضا، وفي تقديري، أن الاحداث الطائفية التي وقعت في الفترة القريبة الماضية، وكذا الاحداث في تونس، ربما تكون هي شرارة انطلاق المغرضين خارجياً وداخلياً، هناك مخططات لتقسيم المنطقة العربية كلها الي دويلات صغيرة، بما في ذلك مصر، خاصة أن اسرائيل مازالت أعينها علي سيناء وربما علي مناطق اخري في بلدنا العزيز، أما من ناحية الداخل، فلدينا من يسعي الي جعل مصرنا الحبيبة بلداً دينياً، فالمتطرفون في الخارج وكذلك أعوانهم في الداخل لن يدخروا جهداً في سبيل تحقيق أهدافهم وأغراضهم، خاصة أن الظروف الحالية تسمح بالتدخلات الخارجية والمساندة الداخلية.

مرة اخري، أنني أخشي علي بلدي من الذئاب والضواري التي تحيط بها من كل جانب، وربما تنقض علينا في أي لحظة، سواء أكان ذلك بإيعاز من الخارج أم بتدبير من الداخل.

شعب مصر الآن يعاني الكثير، من الغلاء والبطالة والعلاج والمرافق والعوذ وكل مناحي الحياة، لقد أصبحت مصر مرتعاً خصباً لكل حاقد أو منتهز تسول له نفسه النيل من شعبنا وبلدنا.

إنني أخشي علي مصر وعلي شعب مصر، ولست وحدي الذي يخشي من المجهول، فكل محب لبلده يخشي من  انفجار شعبنا من كثرة الأعباء والمشاكل والبلايا التي ضاق بها صدره، يا أولي الأمر منا، بددوا خوفي هذا وخوف العديد غيري، خففوا من قبضتكم علي شعبنا واعملوا علي حل المشاكل المزمنة المعروفة لنا جميعاً، اجعلوا فترة الحكم لمرة واحدة او اثنتين بحد أقصي، والغوا قوانين الطوارئ والقوانين الاستثنائية، اعملوا علي تطبيق الحريات الكاملة، اطلقوا الحرية للأحزاب للعمل بالشارع، طبقوا الديمقراطية الحقيقية القائمة علي مبدأ تبادل السلطة، اعطوا للشعب حقوقه السياسية الكاملة واجعلوه شريكا حقيقيا في الحكم، نحن جميعاً زائلون والله وحده سبحانه هو الباقي ومن بعده مصر، من أجل ذلك كله فإنني أخشي علي مصر الباقية، أخشي علي مصر من أجل ابنائنا وأحفادنا.