عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مدى التعارض بين اختصاص قسم التشريع بمجلس الدولة وأعمال الحكومة او البرلمان؟؟

تزعم هيئة قضايا الدولة انه باسناد اختصاص مراجعة وصياغة التشريعات لقسم التشريع بمجلس الدولة ما يعد اخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات، وافتئاتا من السلطة القضائية ممثلة في مجلس الدولة على اعمال السلطة التشريعية، ظنا منهم ان هذا القول سيتنطلي على اعضاء لجنة الخمسين لاسيما القانونيين منهم ، ونحن نعلم ان باعث هيئة قضايا الدولة لاثارة هذه المسألة هو تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات، ونحن على ثقة تامة من هذه النوايا !!

ومن اجل ذلك، نورد وجهة نظر اخرى، قد تختلف قليلا مع رؤية السادة الزملاء في هيئة قضايا الدولة، ونوضح للراي العام الاتي:

اعداد مشروعات القوانين من اختصاصات الحكومة الدستورية:

تختص الحكومة بموجب الدستور، من بين اختصاصات عديدة، باقتراح القوانين وتعديلاتها. وممارسة هذا الاختصاص الدستوري يستلزم التخصص في علم القانون، وعادة ما تقوم وزارة العدل في كل دولة بهذه المهمة نيابة عن الحكومة، وبالتالي فوجود ادارة متخصصة للتشريع بوزارة العدل تقول بصياغة القوانين وتعديلاتها بالتنسيق مع الوزارات المختلفة يجد سنده في اصل مهام الحكومة في الدستور.
راي قسم التشريع استشاري، وتتحمل الحكومة والبرلمان مسئولية القانون

وتحتاج كل من السلطة التنفيذية او التشريعية لمن يلقي نظرة تالية على التشريعات التي تقترحها من شخص محايد، لا يتبعهما من الناحية الادارية، ولا تملك التأثير فيه، فينبهّما الى مواطن الخطأ حال وجودها، او شبهات عدم الدستورية حال قيامها، ولهما في النهاية الحرية الكاملة في تقرير ما يريانه، ويتحمل كل مهما مسئوليته امام البرلمان والشعب. والمهم من الناحية الدسترية ان يكون تحت بصرها النصيحة الامينة المخلصة، والقرار في النهاية لها تبعا لمبدأ تلازم السلطة والمسئولية.

لا تعارض بين قسم التشريع بمجلس الدولة وادارة التشريع بوزارة العدل
لهذا لا نجد أدنى تعارض بين وجود إدارة التشريع بوزارة العدل، وقسم التشريع بمجلس الدولة، فعملهما متكاملان، وليس هناك تعارض، وبالتالي لا اخلال بمبدأ الفصل بين السلطات، فاذا كانت الدولة تريد تشريعات تحقق المصلحة العامة الحقيقية دون اغراض او اهداف خفية. وعليه فان رقابة قسم التشريع للقوانين ضمانة للافراد والحكومة على السواء.
اخذا في الاعتبار ان الراي الصادر من قسم التشريع هو راي استشاري، واجب الحكومة والسلطة التشريعية هو مجرد اخذ الاستشارة، ولكليهما بعد ذلك الحرية الكاملة في سن التشريع لانها (اي السلطة التنفيذية) تتحمل المسئولية امام البرلمان فلها حرية الاخذ بما ينتهي اليه قسم التشريع، ويتحمل البرلمان المسئولية السياسية امام الشعب. لكن اذا ثبت فيما بعد ان قسم التشريع كان على صواب، فان هذا يعني انهما قد خالفا صحيح حكم القانون.

أهمية دور قسم التشريع: قانون الضريبة العامة على المبيعات نموذجا
مثال عملي على ما تقدم ، ان قسم التشريع بمجلس الدولة عندما اجرى المراجعة التشريعية

لقانون الضريبة العامة على المبيعات، اثار شبهات عدم الدستورية على فرض ضريبة المبيعات على عبارة (خدمات التشغيل للغير) لانها عبارة غامضة والتشريع الضريبي يتيعين ان يكون واضحا، ونبه الحكومة الى ذلك بشكل واضح، ولكن الحكومة اصرت على رايها افصدرت القانون، واتت المحكمة الدستورية العليا بعد ذلك بعشر سنوات لتقضي بعدم دستورية هذه العبارة لذات الاسباب التي انتهى اليها قسم التشريع تقريبا. ولو كانت الحكومة قد اخذت براي قسم التشريع ما كانت وقعت في هذا الخطأ.

انواع الاراء الاستشارية في مجال التشريع والافتاء، وقيمتها في الدولة القانونية
ولتأصيل المسالة نوضح انه يوجد ثلاثة انواع من طلبات الراي التي تحتاجها الجهات ينظمها القانون
اولا: طلب راي وجوبي :
تلتزم الحكومة باستطلاع الراي في مسالة ما وتنفيذه ما ينتهى اليه الراي، مثل اخذ راي مجلس الدولة الفرنسي قبل حل النقابات، فراي مجلس الدولة الفرنسي واجب التنفيذ بنص القانون، وكذلك في مصر في اعفاء المتعاقد من غرامة التاخير الذي لا يكون الا بعد موافقة ادارة الفتوى المختصة .

ثانيا: طلب راي استشاري :
تلتزم فيه الحكومة او الجهة باخذ الراي ولها حرية تنفيذه من عدمه ، لكنها ان خالفت الراي فيكون ذلك تحت مسئوليتها السياسية والقانونية ، مثل معظم طلبات الراي التي تقدم الى قسم الفتوى بمجلس الدولة من الوزارات ووحدات الحكم المحلي، والراي الصادر من قسم التشريع في صياغة مشروعات القوانين والقرارات اللائحية.

ثالثا: راي اختياري: تكون لكل الحرية في طلبه ولك الحرية في تنفيذه.

وكلما كانت الدولة متمسكة باحكام القانون، فانها ستكون حريصة على تنفيذ ما يصدر من جهة الافتاء المحايدة وستعمل على تنفيذ هذه الاراء بانواعها الثلاثة لانها لا تصدر الا تطبيقا للقانون، اي ان القيمة القانونية في الدولة القانونية لهذه الانواع الثلاثة واحدة.

بقلـم:المستشار/ محمود فوزي عبدالباري
المستشار بقسم التشريع بمجلس الدولة