رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مشروع الحكومة الماركتلية بإقراض العاملين

تبتدع حكومة د‮. ‬نظيف الماركتلية مشروعات عجيبة كل فترة وتروج لها وسائل الاعلام الحكومية،‮ ‬وتعبر هذه المشروعات عن القدرات الابداعية لبعض الوزراء المسنودين،‮ ‬ولقد توالت هذه المشروعات خلال السنة الماضية من فصل توزيع الخبز المدعم عن صناعته وتوزيعه بالبطاقات‮!! ‬واستبدال الدعم العيني التمويني بالدعم النقدي‮!! ‬ثم مشروع الصكوك المجانية عن ملكية القطاع العام لفئة محددة من الشباب دون بقية الشعب الذي يملك كل القطاع العام‮!!‬،‮ ‬ومؤخراً‮ ‬مشروع‮ "‬وزير الجباية‮ ‬غالي‮" ‬بتخصيص مبلغ‮ ‬مليار جنيه ونصف المليار لاقراض العاملين بالدولة بضمان مرتباتهم،‮ ‬مقابل فائدة‮ ‬6٪‮ ‬ويبدأ تنفيذ المشروع من أول السنة الجديدة وقد انبري الاعلام الحكومي للترويج للمشروع الذي يحقق كما يزعمون للعاملين‮ "‬أحباب الحكومة الماركتلية‮" ‬مبلغاً‮ ‬كبيراً‮ ‬يسمح لهم باشباع حاجاتهم من السوق ويزيل انخفاض قوتهم الشرائية المنخفضة،‮ ‬وحقيقة الامر أنه قد تكدست عدة مليارات من الجنيهات في البنوك العامة من مدخرات محدودي الدخل،‮ ‬ولم تسطع هذه البنوك استغلال هذه الودائع في تمويل مشروعات انتاجية،‮ ‬حيث يحتكر عدد ممن يسمون رجال الاعمال،‮ ‬من ذوي الحظوة والعلاقة الخاصة بمراكز القوي في النظام،‮ ‬عملية الاقتراض المفرط‮ ‬غير المضمون من البنوك،‮ ‬ويتم تهريب ملايين من قيمة القرض ولا يتحقق في الواقع من المشروعات التي يزعمون تمويلها بالقرض إلا القليل‮!! ‬ومن المؤكد أن تراكم تلك الودائع دون استثمارها في السوق قد ادخل هذه البنوك في ازمة اقتصادية ومالية خانقة،‮ ‬لاستحالة ان تسدد هذه البنوك الودائع وفوائدها وهي مكدسة في خزائنها‮!!‬

وقد اكتشف الوزير‮ ‬غالي الحل العبقري لهذه المشكلة ولقد أقرته وباركته بالتأكيد لجنة السياسات التي هو عضو بها،‮ ‬وهذا الحل البدعة يتمثل في استغلال عجز‮ ‬5‮ ‬ملايين عامل بالدولة عن توفير احتياجاتهم مع عائلاتهم من مرتباتهم الهزيلة،‮ ‬وتقديم قروض لهم بفائدة‮ ‬6٪‮ ‬ومضمونة الرد للبنوك بضمان مرتباتهم،‮ ‬التي سوف يخصم منها بالطريق الاداري ثلثها لسداد الاقساط المستحقة،‮ ‬ويتضح من تحليل الفكرة أنها سوف تغرق العاملين المساكين بالدولة في الدين وفوائده مع تحريك الودائع الراكدة بالبنوك‮!! ‬ويعرف بالتأكيد مبدع الفكرة ان مجموع هذه القروض الذي يبلغ‮ "‬مليار جنيه ونصف المليار‮" ‬سوف ينتقل من العاملين المقترضين المعيوب وخزائن رجال الاعمال المستغلين في صورة اثمان للسلع والخدمات التي يحتاجها العاملون المقترضون‮!! ‬والذين يبلغ‮ ‬عددهم مع عائلاتهم العشرين مليونا‮!! ‬أي ربع عدد المصريين‮!!‬

والعجيب ان الوزير المبدع قد برر كالعادة المشروع بالزعم بأنه سوف يحرك السوق وينشط عملية الانتاج ويزيد من المبيعات ويعالج ازمة الركود التي يعاني منها الاقتصاد المصري المهترئ‮!! ‬ولا يعترف الوزير طبعاً‮ ‬بأن هذه العملية سوف تزيد من التضخم في السوق المتروك سداح مداح‮!! ‬دون رقابة من الحكومة،‮ ‬وسوف يرفع ذلك حتما أسعار السلع والخدمات وبذلك يكون

المشروع في حقيقته مجرد ضخ مليار ونصف مليار جنيه من ادخارات الطبقة محدودة الدخل الي الطبقة الجديدة المستغلة والمتحالفة مع مراكز القوي المنحرفة في النظام مع تحقيق ارباح فاسدة للمستوردين والمحتكرين ولن يترتب علي المشروع زيادة تذكر في الانتاج الفعلي لأن معظم الحاجات الاستهلاكية الاساسية يتم استيرادها من الخارج،‮ ‬كما يتم استيراد مكوناتها السلعية من الآلات والمعدات الازمة لها بواسطة المستودرين والمحتكرين من الطبقة الجديدة ولن يؤدي الامر الي الاحتياج لتشغيل عمالة جديدة تذكر في الداخل،‮ ‬ومن ثم فإن مشروع الوزير‮ ‬غالي بضخ مليار ونصف المليار جنيه في خزائن وكروش رجال الاعمال المستغلين وفي ذات الوقت سوف ينكب العاملون المقترضون وعائلاتهم بالدين وفوائده خصما من مرتباتهم واجورهم المتدنية والهزيلة،‮ ‬ويؤكد ذلك ان الحكومة الماركتلية رفضت رفع الحد الادني للاجور الي مستوي انساني رغم احكام القضاء متعللا باحتياج ذلك الي موارد للخزانة،‮ ‬كما ان هذه الزيادة سوف تؤدي الي التضخم وارتفاع الاسعار واذا كان الوزير المبدع قد وجد ودائع البنوك المملوكة لمحدودي الدخل مورداً‮ ‬لتمويل مشروعه مثلما استغل رصيد معاشات العاملين لمواجهة العجز في الموازنة،‮ ‬فان حدوث التضخم نتيجة لهذه القروض حقيقة اقتصادية سوف تزيد من مأساة العاملين الذين يعيشون علي الكفاف‮. ‬ولا شك ان المشروع يتناقص مع خطاب الرئيس في مؤتمر الحزب المباركي والذي أكد فيه انه يجب علي الحكومة مراعاة‮ "‬العدالة الاجتماعية‮" ‬والسيطرة علي‮ ‬غلاء الاسعار الفاحش،‮ ‬لصالح اغلبية المصريين المطحونين،‮ ‬ولست ادري هل لم يقرأ الوزير‮ ‬غالي وحكومة الماركتلية ما طالب به الرئيس أم أن هذه الحكومة لا تلتزم بتنفيذ ما كلفها به الرئيس ويأمل تحقيقه اغلبية الشعب،‮ ‬واذا كانت الحكومة لا تعلم فتلك مصيبة،‮ ‬وان كانت تدري فالمصيبة اعظم،‮ ‬ولا حول ولا قوة إلا بالله‮.‬

رئيس مجلس الدولة الأسبق