رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناس والقرش المفترس

في قصة‮ »‬العجوز والبحر‮« ‬لأرنست همنجواي،‮ ‬أصر العجوز علي ألا يبقي عالة علي الصيادين الشبان في قريتهم،‮ ‬وذلك رغم كبر سنه ومرضه فخرج بقاربه مستهدفاً‮ ‬عرض المحيط ليصطاد السمك،‮ ‬ويصبح منتجاً‮ ‬لنفسه وقد‮ ‬غلبه الإجهاد والنوم بعد صيده سمكة ضخمة ربطها جيداً‮ ‬بجانب القارب الأيسر،‮ ‬فبمجرد أن استيقظ بدأ في التأهب للعودة للشاطئ بقوة وعزم،‮ ‬فوصل إلي هناك مع مطلع الفجر،‮ ‬وأخذ يفحص السمكة الضخمة بجانب القارب فإذا به يكتشف أنها أصبحت مجرد هيكل عظمي حيث التهمت صيده الثمين أسماك القرش،‮ ‬وهو في طريقه إلي الشاطئ‮.. ‬وبذلك أكلت‮ »‬القروش‮« ‬صيده العظيم وحطمت أمله ومعنوياته في كسب رزقه بنفسه‮!!‬

 

وأعتقد أنه يتعين عدم السماح لأسماك القرش بالقضاء علي وفود السياح وعلي أرزاق المصريين العاملين بالسياحة في شرم الشيخ،‮ ‬فقد قامت هذه الوحوش البحرية منذ أيام بالهجوم علي ثلاثة من السياح بينهم اثنان من الروس والثالث أوكراني وقضمت القروش المفترسة أطرافهم‮!! ‬وانبري وزير البيئة مع عدد من معاونيه لبذل الجهد لتنظيف سواحل شرم الشيخ من القروش المفترسة،‮ ‬كما قرر محافظ جنوب سيناء وقف السباحة والغوص،‮ ‬في هذه السواحل لحين القضاء علي القروش المتوحشة،‮ ‬ثم أعلن ومعه وزير البيئة بأن رجالهما قد اصطادوا قرشاً‮ ‬مفترساً‮ ‬مقطوعة إحدي زعانفه‮!!.. ‬وإنه هو الجاني في العدوان علي السياح الثلاثة في شواطئ العاصمة‮ »‬المباركية‮« ‬لمصر،‮ ‬فأعاد المحافظ حريتهم في السباحة والغطس‮!!‬

ولكن بعد يومين فقط هاجم قرش مفترس سائحة أخري‮ »‬ألمانية‮« ‬وترتب علي الهجوم موتها وعاد الموقف إلي لحظة الصفر،‮ ‬وعاد من جديد منع السباحة والغوص في كل سواحل شرم الشيخ لحين اصطياد القروش الأخري،‮ ‬وقد لاحظت من التقارير والصور الصحفية أن أسلوب الفحص والمسح لمياه البحر ووسائلهما لا تزيد علي مركب صيد صغيرة مع أفراد محدودين من خبراء الصيد للقروش وأن القرش الذي تم اصطياده يصل طوله إلي مترين فقط،‮ ‬وهو بذلك متوسط الحجم،‮ ‬ولأن المعروف أن هذه الوحوش البحرية حيوانات اجتماعية،‮ ‬فإنها لا تعيش عادة منفردة،‮ ‬في أي منطقة بالبحار والمحيطات وإنما تعيش في جماعات من اثنين أو أربعة علي الأقل،‮ ‬وهذه المعلومة لابد أن يعرفها خبراء وزارة البيئة،‮ ‬وبالتالي فقد كان لا يجوز اطلاقاً‮ ‬فتح الشواطئ بشرم الشيخ بمجرد صيد القرش الأول،‮ ‬كما أنه توجد وسائل تكنولوجية حديثة لفحص ومسح وتفتيش المياه لاكتشاف مدي وجود أسماك القرش بها وهناك أيضاً‮ ‬وسائل حديثة وفعالة لصيدها وقتلها‮ ‬غير الأسلوب التقليدي المتخلف الذي اتبعته وزارة البيئة في شرم الشيخ الذي يعتمد علي‮ »‬الطعم والسنارة‮« ‬كما حدث‮.‬

وأحداث الهجوم وعدوان أسماك القرش علي البشر معروفة في السواحل الشرقية للولايات المتحدة المواجهة للمحيط الهادي وقد أخرجت عديد من

الأفلام السينمائية عنها ومن بينها فيلم مشهور باسم‮ »‬الفك المفترس‮« ‬ويتضح من هذه الأفلام،‮ ‬خاصة التسجيلية قيام أجهزة الرقابة والإنقاذ بمسح مياه المحيط بالمنطقة بأجهزة حديثة فضلاً‮ ‬عن إغلاق السواحل ومراقبتها مع حظر السباحة والغوص‮.. ‬إلخ‮.. ‬بالإضافة إلي توفير وسائل إنقاذ سريعة للوصول إلي أي مصاب وإسعافه ونقله بالطائرات المجهزة إلي المستشفيات‮!! ‬وأظن حسبما تبين من التحقيقات المنشورة بالصحف أننا لا يتوافر لدينا في شرم الشيخ أو في‮ ‬غيرها هذه الوسائل الحديثة والفعالة ولأنه لم تظهر أسماك القرش بشرم الشيخ إلا منذ أيام فإنني لا أظن أن يكون صحيحاً‮.‬

إن سبب تواجدها هو إلقاء النفايات من الفنادق في البحر‮!! ‬لأن هذه الحالة لا شك موجودة منذ وجود هذه الفنادق وكان يتعين أن تظهر القروش هناك منذ سنوات،‮ ‬ثم احتمال آخر لتفسير أسباب تواجدها وهو تصور أنها قد تم نقلها بواسطة الموساد حية وألقيت بشرم الشيخ،‮ ‬خاصة أن أول هذه القروش مقطوعة زعنفته‮!! ‬ولكن رغم أن هذا الاحتمال مقبول عقلاً‮ ‬بسبب المنافسة علي السياحة في المنطقة إلا أنه ليس ثمة دليل مادي علي صحته‮!!.. ‬والأغلب أن هذه الوحوش البحرية من طبعها القيام برحلات بحرية طويلة،‮ ‬وقد تكون تسربت من المحيط إلي البحر الأحمر ووصلت إلي شرم الشيخ دون أن يلاحظ ذلك أو يكتشفه أحد لعجز المراقبة والمتابعة عن ذلك،‮ ‬ولابد من البدء فوراً‮ ‬لإنقاذ السياحة وأرواح الناس بإنشاء حاجز شبكي يمنع دخول هذه القروش،‮ ‬مع توفير وسائل المراقبة والإنقاذ العاجلة لمواجهة أي طوارئ ولابد من توفير الاعتمادات اللازمة لوضع نظام يحمي السياح الأجانب والمصريين وينقذ صناعة السياحة بالمنطقة،‮ ‬ولابد أن يتم نشاط إعلامي يتابع كل ما يجري لخلق الاطمئنان إلي أمان المنطقة وتخلصها من وحوش البحر‮.‬

-------

رئيس مجلس الدولة الأسبق