حول بيان تعطيل وتعديل الدستور
أعلن المتظاهرون باسم الشعب مطالبه وأهدافه في التغيير ولم يكن لديهم أي قوة سوي إيمانهم بحريات وحقوق الشعب المصري التي تبلورت في الإصرار علي إسقاط النظام الحاكم، الفاسد والمستبد، وعندما انضمت القوات المسلحة الي الثوار المدنيين أبناء الشعب، بعد مذبحة الثوار أصبحت المبادئ والأهداف ومطالب الشعب تحميها القوة الوطنية المسلحة، وهو ما أدي الي عدم جدوي مراوغات الرئيس المخلوع، وأعوانه للقضاء علي الثورة والثوار، وتعين عليه في اليوم الثامن عشر إعلان تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية، وقد تولي فور ذلك المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوي حكم البلاد وقد أصدر المجلس عددا من البيانات ومنها: البيان الخامس الذي أطلق عليه »بيان دستوري« الذي تضمن عدة قرارات منها: »تعطيل أحكام الدستور«، »حل مجلسي الشعب والشوري«، »تشكيل لجنة لإعداد التعديلات في بعض مواد الدستور«، ولم يحدد البيان هذه المواد!! ويثير ذلك العديد من الأسئلة أولها: هل تعطيل الدستور يعني إلغاءه وزوال أثر كل أحكامه؟! وكان ما ورد بالبيان لم يتضمن عبارة الإلغاء إنما تعطيل الدستور فإن هذا يعني أن إرادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة هي الإبقاء عليه، مع وقف العمل بأحكامه لمدة مؤقتة!! ويؤكد ذلك النص في البيان علي تشكيل لجنة لتعديل بعض مواده!! وليس في ذلك ثمة دليل علي أن هذا التعديل، سوف يشمل نصوص الدستور كاملة!
وإذا كان كل ما سبق صحيحا فإنه يثور السؤال عما يسري من الناحية الدستورية للحكم خلال فترة الستة أشهر التي حددها البيان الخامس للمجلس كمرحلة مؤقتة!! وبمراعاة أن ثورة ٥٢ يناير قد أسقطت بقوتها »الثورية الشعبية« النظام المباركي وأعادت للشعب مصدر السلطات السيادة كاملة، فإن هذا السقوط السياسي يستتبعه طبقا للفقه الدستوري الثوري سقوط الدستور النافذ، وكذلك آليات الهيكل السياسي الحاكم للدولة وعلي رأسها الوزارة التي عينها الرئيس المخلوع قبل تنحيه، ويؤكد إدراك وقصد المجلس، تحقيق ذلك أنه قرر في بند من البيان الخامس المذكور تكليف الوزارة الحالية برئاسة الفريق شفيق بالبقاء والعمل بصفة مؤقتة كوزارة »تصريف أعمال«!! ومن ثم فإنه يتعين أن تسري خلال الفترة المؤقتة ـ وهي ستة أشهر ـ نصوص دستورية تقرر القواعد الأساسية الحاكمة لسلطات الدولة وعلاقاتها الدولية مع بقاء العمل بالحريات والحقوق العامة للمواطنين، وحقوق الإنسان!! ولقد تضمن البيان سالف الذكر جانبا من ذلك عندما نص علي أن يمثل المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة هذا المجلس الحاكم
رئيس مجلس الدولة الأسبق