رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"أزمة التحديات التى تواجه مصر فى ظل محاكمة القرن "

محاكمتا صدام ومبارك كانتا محاكمة القرن: لقد عرف عن محاكمة الرئيس صدام حسين أنها محاكمة القرن، قبل أن تأخذ محاكمة مبارك نفس الصفة، فأما عن محاكمة صدام حسين، فلم تكن تحمل على الإطلاق ( محاكمة قانونية ) بمعناها الشمولى والرسمى، وذلك لأنها خضعت لملابسات معقدة.. وظروف مقيدة.. وخطوط معينة.. فتم تشكيل "محكمة مشددة".. وجلسات مهددة..

ومرافعات معددة.. ومداولات مخططة.. ولم تحظ بأى نوع من أنواع المعايير القانونية المتداولة, والمحلية المتعارف عليها، علما  بأن محاكمة صدام كانت بين جدران المحكمة ولم تكن علنية، أو إعلامية مثلما حدث مع محاكمة مبارك المخلوع، فكانت محاكمة مبارك وفقاً لمحكمة عادية على الرغم أننا شباب الثورة وقيادات الحركات الميدانية والإئتلافات الثورية والأحزاب السياسية كثيرا ما قطعت أحبال أصواتنا على الفضائيات وفى إجتماعات القوى السياسية, كنا ننادى ونكتب ونردد على ضرورة محاكمة مبارك وأركان نظامه، فى محكمة خاصة، أو محكمة ثورية نشكلها نحن الثوار، إلاّ أن خضوع مبارك وأركان نظامه إلى محكمة جنائية عادية، قد صنع منها محاكمة القرن، خاصة بعد أن خضعت جلساتها أمام العالم بأسره، وتحت رقابة الجمهور. إن  تأثير ما يجري في مصر من أحداث وصراعات ومؤثرات ومحاكمات بالطبع معلوم لدى الجميع أنه لا يقتصر على الحدود الجغرافية المصرية بشعبها وفقط  ولكنه يمتد ويتمدد إلي  سائر شعوب الوطن العربى بأسره, بحدوده وشعوبه بل بفكره وثقافته، أو بعلمه ونهضته, وهناك أمور ثلاثة تؤكد على أن النظام السابق قد رحل فعلا ولكن للأسف هو رحيل رأس النظام فقط وليس النظام بأكمله, وهذه الامور هى محاكمة مبارك والإنتخابات البرلمانية والإنتخابات الرئاسية، والنظام الذى من المفترض أن يكون جديدا هو مولود جديد ولد قبل أوانه وما زال في حضانته.. نقوم نحن شباب الثورة برضاعته.. ونحاول إستكمال مسيرته.. مجاهدين لبقاء برائته.. مشددين على خنق عداوته.. ونزع فتيل مرارته.. وشق قسوته.. مؤكدين على رعاية حيويته.. مساهمين فى عبور محنته.. لنفرح بديمومته.... إن إرادة المصريين ستنتصر.. إذا دعونا الله أنى مغلوب فانتصر.. وإذا توحدنا ولسنا كالجراد المنتشر.. سيكون الله بجوارنا وسيرسل إلينا خيرا منهمر.. وللنظام القديم فهل من مدكر؟.. وهل سنتركه فى ضلال وسعر؟.. وظلام مستمر.. تعجز الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر.. ونترك النظام القديم وهو الكذاب الأشر.. وهل نقدر على بقائه ونصطبر؟.. وهل يأتى مبارك جديد وننادى مجنون وازدجر؟.. وينادى أيها الشباب ذوقوا عذابى ونذر.. ويصبحنا ويمسينا بعذاب مستقر.. ونردد لقد جاء آل فرعون النذر.. أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.. وهل يهزم الجمع ونولى الدبر؟.. بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر.. وأردد قول الله تعالى: إن المجرمين فى ضلال وسعر.. يوم يسحبون فى النار على وجوههم ذوقوا مس سقر.. إن كل شئ خلقناه بقدر..  وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر.. ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر؟.. وكل شئ فعلوه فى الزبر.. وكل صغير وكبير مستطر.. إن المتقين فى جناة ونهر.. فى مقعد صدق عند مليك مقتدر..
إن المشهد السياسي في مصر مرتبك وذلك لأن عطاء السباق الرئاسى قد رسى على مرشحين مؤدلجين,, الأول هو مؤدلج النظام السابق الذى يؤيده أعضاء الحزب الوطنى المنحل وبقايا النظام ونرفضه نحن شباب الثورة و أحرار مصر, والثانى هو مؤدلج الإخوان الذى يؤيده أعضاء الإخوان ومحبيهم ويرفضه كثير من الشعب, والغالبية العظمى يريدون رئيسا لمصر غير عقائدى يكون رئيسا فعليا لكل الشعب المصرى.. وهذا لا يعني أنني ضد وصول الاسلاميين للرئاسة لكن من مصلحة مصر الآن أن لا يكون رئيسها عقائدي علما بأن بقاء الإسلاميين في مركز التشريع أفيد لهم ولمنهجهم ولمستقبلهم ولبلدهم حتى يتثنى لهم إصلاح ماتم تشويهه, لكنني أتمنى أن يدرك الإسلاميون أن الواقع غير ما هو نظري وأن يدركوا مكونات المجتمع المدني والدولي ومعطيات الدولة المدنية وطموحات الشعب المصري فيجتهدوا فيها, لأن المشكلة المصرية الآن تتجه الى المفاضلة بين الدولة الدينية والدكتاتورية وقياسا على تجارب الإسلاميين فى عدد من البلدان التى حكموها وأهمها السودان والصومال وأفغانستان نجد أن الاسلام السياسيى لا يستطيع أن يرتقى أبدا الى الاسلام كديانة فالثابت فى إدارة الاسلاميين لدفة الحكم أنها ترتبط بكل ما هو بعيد عن الإسلام, .. نتمنى أن يكون شعب مصر من الوعى بمكان فى إختيار رئيسه وأن يضع الأمر نصب عينيه ويختار لنفسه عن دراسة مايشاء, فمن الصعب التنبؤ بمستقبل مصر الذي بدأ يتبلور من جديد، ومن الضرورى أن يحافظ شعب مصر على رصيده الذهبي من التعايش والسلام الإجتماعي, وأن لا يخدع المصريون بالخطابات العاطفية من قبل أعداء الثورة الذى كان من المفترض أن يقوموا هم بتحقيق الأمن والأمان العدل والعدالة لكن للأسف لم نحصد إلا الخراب والدمار والفساد على مدى ثلاثين عاما وكذلك هذه الستة عشرشهرا منذ إندلاع الثورة وجتى الآن, وينادى كثير من بقايا النظام بالإصلاح وينادى أحد عمالقة النظام القديم الفريق شفيق بالتنمية والأمن والأمان, فلماذا لم تقدم ذلك أيها الفريق عندما كنت رئيسا لوزراء مصر؟؟ لماذا عجزت عن تقديم الحماية للثوار بالميدان أثناء موقعة الجمل؟؟ ولماذا لم ترسل إلينا فى ميدان التحرير ( البومبونى ) الذى وعدتنا به ؟ وأنك تعلم تماما أننا كنا فعلا فى حاجة ماسة الى (بومبونى) بالميدان وخصوصا أننا سئمنا من أكل الكينتاكى الذى كان يرسل إلينا من جهات غير معلومة ؟ أم أنك تعلم أننا كنا فى ضنك وقحط فغيرت رأيك كعقاب لشباب الثورة ؟ أم أنك دائما كثير الكلام وقليل الفعل ؟ فأنت لم تنجح كرئيس للوزراء فهل ستنجح وأنت رئيس مصر؟؟ وهل إذا أصبحت (لا قدر الله) رئيسا لمصر فهل سترسل إلينا بالميدان (البومبونى) الذى وعدتنا بإرساله آنفا ؟
إن الأوضاع في مصر بصورة عامة وبصورة خاصة لها تأثير كبير على الأمة العربية والاسلامية بل والدولية. وبالطبع كان في نتيجة محاكمة القرن دور كبير وهام في تحريك إتجاهات الناخبين وحسم المعركة الشرسة بين مشرحين صعدا الى الجولة الثانية وسط دهشة ممزوجة بالغضب لأن الشعب المصرى وجد نفسه بين فكى أسد وأضحىٍ عليهم الخيار بين الدكتور محمد مرسي الذي يعتبره البعض بداية السقوط في بئر الدولة الدينية.. أو الفريق أحمد شفيق الذي يعتبره الكثير إنتكاسة للثورة وإلتهاما للثروة وعودة للنظام القديم. بالإضافة الى أن الحكم  بمثابة كرة اللهب فى الملعب, رغم أنه سيتبعه حق النقض من جانب المتهم وحق الطعن من جانب النيابة العامة, وأرى أن هناك تخوفات عديدة قد تدفع الكثيرين لحماية الثورة التي تكون على وشك الإنتهاء كما لو كانت حلما وصحونا منه, وكأن النظام القديم كان كابوساً ثم عاد من جديد, جولة الإعادة التي تعتمد على موقف كل مرشح وقدرته على جذب الناخبين وحسبما تنتهي إليه عملية التوازنات والتوافقات التي تجري على قدم وساق في كافة الاتجاهات الآن، فكل تيار مشغول الآن بتوجيه الأصوات لصالحه حتى لو كلفه ذلك إجراء بعض العمليات التوافقية والتحالفات, وبغض النظر عن شكل الخريطة الإنتخابية التي

وضعتنا في مأزق, فكيف يمكن أن نخرج من هذا المأزق ونعبر الطريق بسلام؟
وفي تقديري أن العملية الانتخابية جاءت لتؤكد تفاعل وإهتمام الشعب المصري بفتح صفحة جديدة.. من الصفحات السعيدة.. وخطوة مديدة.. من الخطوات السديدة.. فى الممارسات السياسية الحميدة.. وأستطيع القول أن مصر وشعب مصر وشباب مصر تجاوز بجدارة الأزمات المصاحبة للإنتخابات في دولة فارقت مثل هذا العمل السياسي سنوات بأعمار أجيال متعددة, وعقود متزايدة, وشباب متلاحقة, أعتقد أن المخاض المرير الذي شهدته مصر منذ إندلاع الثورة وقدوم الربيع والثمن الباهظ الذي دفعه الشعب والإنخفاض في مؤشرات الإستقرار والنهوض الإقتصادي .. كل ذلك سيجعل الجميع في يقظة وحرص على مصر الجديدة ، ومهما إختلفوا وإعتركوا فسيكون ناتج ذلك لمصلحة مستقبل زاهر لمصر. إن تجربة تجمعات جُمع ميدان التحرير، تشير دون أدنى شك، إلى نوازع وأهداف مشتبكة ومختلطة لدى العديد من بؤر الثورة المصرية، غير أنها وهي تندفع لتأكيد مصالحها وآرائها من خلال التجمع والتظاهر، مستفيدة من أجواء الحرية الواسعة غير المسبوقة.
إن العملية الإنتخابية كانت جيدة بكل المقاييس وعكست الثقافة العالية التي يتمتع بها الشعب المصري فضلا عن أنها مهدت لتداول ديمقراطي وسلمي للسلطة في المستقبل وممارسة إنتخابية جيدة أدهشت العالم الذي كان يتوقع إنهيار الإنتخابات نظراً لحالة الإنفلات الأمني التي شهدتها مصر في الشهور الأخيرة قبل الإنتخابات ،،  ومن المعروف أن الديمقراطية تحتاج الى التربية والرعاية كونها وليدا جديدا فى مصر ..  فإن مصر موعودة بصيف قاحل فالخيار أن أحلاهما مر بالنسبة لتوجهات المجتمع المختلفة, علما بأن الرؤية  والمشهد السياسي في مصر حتى الآن غير واضحة ، برغم توقعات وتحليلات الكثيرين ، ويعود ذلك إلى كثرة الأذرع الخفية التي تحرك ميدان السياسة المصري ، ولكن تعتبر العملية الإنتخابية مؤشر قوي على قيادة مصر في مستقبل أيامه للأمة العربية والإسلامية ومنطقة الشرق الأوسط رغما عن الظروف التي تمر بها بعد الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك  الذى رسم نظامه إستراتيجيات كبيرة أدارت بها الملفات الهامة بسطحية, لذا وجب على الاستراتيجيين إعادة تقييم الطريقة السطحية التي أدارت بها مصر ملفاتها الخطيرة مثل ملف مياه النيل والعلاقة مع دول المنبع والممر على سبيل المثال, لذلك لابد أن تعود مصر لدورها الأصيل الإيجابي في قضايا الأمة وهمومها .. وتلعب في المرحلة القادمة دورا أصيلا في جميع الملفات المصيرية مثل الملف السوداني والملف الفلسطيني وملف الصراع العربي الإيراني والصراع العربى الإسرائيلى.
أرى أن التجربة المصرية ديمقراطية واعدة مهما كانت النتيجة " ولا بد أن تنجح الممارسة الديمقراطية وتتعزز الحريات في مصر لصالح المصريين وسوف تخرج مصر منتصرة رغم المخاوف المشروعة التى تنتابنا, ولكن من المؤكد أن الثورة هى التى ستنتصر, ولا بد أن أؤكد على أنه لا يمكن لأي مرشح لرئاسة الجمـــــهورية أن يــــعيد إنتاج نظام حكم قد إنتهى، وأنه لم يعد أي شخص في مصر فوق أي حساب أومساءلة, ولا يمكن لأحد أن يصادر حقوق الشعب, ولابد من التوعية السياسية للشعب المصرى الذي يتعرض للتشويش المتعمد لخلط الحقائق, ولا يجب الإستهانة بالشعب ولا بذكاء المصرىين,  فنحن نعلم تمام العلم أن هناك ممارسة سياسة حرق الأرض وتسليم البلد الي السلطة القادمة خاوية علي عروشها, لذلك أناشد زملائى من شباب الثورة وأصدقائى من الإخوان وأحبائى من كافة أطياف الشعب المصرى ومختلف فئاته وشرائحه فضلا عن أننى أريد الترسيخ لواقع حقيقي ومعاناة نكابدها جميعا في ظل ظروف إستثنائية قاسية، تحتاج الي العمل الجماعي المشترك وخصوصا أن الحكومة لا تستطيع العمل في معزل عن البرلمان والعكس, نحن أمام أزمتين ما زال المجتمع يعاني منهما حتي اللحظة، ولا مراء في ذلك. لكن يتعين وضع الأمور في نصابها الحقيقي حتي يتثني لناعلاج الأزمة, وكيف نعالج أزمة وهناك  إنقسام واضح يدب في مفاصل الكثير من الأحزاب السياسية والإئتلافات الثورية والجماعات الإسلامية ؟، فأصبحنا جميعا على المحك ، مما يتطلب منا جميعا مجتمعين ومتآلفين الإسراع في تجاوز هذه الأزمات، ففى وحدتنا قوتنا وفى فرقتنا ضعفنا وإذا تفرقنا ستصبح أيادينا مرتعشة غير قادرة علي التصدي للأزمات, وهو ما يضع أهداف الثورة برمتها في مهب الريح, إذن.. لا بد وأن نكون بمختلف توجهاتنا وأفكارنا على مستوى هذه اللحظة الفارقة, المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر لا تحتمل سوى التعاون وتغليب مصلحة البلاد فوق كل مصالح أو أهداف حزبية كانت أوسياسية, وأخيرا أختتم وأقول نحن شعب مصر وشباب مصر وشباب الثورة من يحدد مصير ومستقبل مصر مرددين ( إيد واحدة ). حفظ الله مصر..
المستشار بالسلك الدبلوماسى ورئيس الإتحاد الدولى للشباب الحر diplomat_ [email protected]