رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللعب بالدستور والنار

ما هي دولة الدستور والقانون؟ هل عرف التاريخ دولة ليست بدولة الدستور والقانون؟ فالدولة هي التي تسن القوانين حسب مشيئتها ولابد أن تطالب الشعب أن يشاركها فى وضعه فالصفة العامة لجميع الدساتير والقوانين فى العالم هي أنها ليست منزلة من السماء ولكن يصنعها الإنسان.. والإنسان الذي يصنع الدستور أو القانون يصنعه وفقا لمصالحه الشخصية. فعند وضع الدساتير والقوانين في المجتمعات المستبدة الموصومة بالعار والنار مثل عهد المخلوع مبارك

الذى أعاد عصر العبودية والمعاملة بالكرباج ومن قاموا بتفصيل القوانين والدساتير فهم كذلك عبيد لأنهم انصاعوا لأوامر السادة وإذا تتبعنا كل الدساتير التي وضعت في تاريخ المجتمعات البشرية منذ أول دستور أو قانون في التاريخ، وحتى اليوم نجد -إذا دققنا النظر- أنها دساتير تمثل الأوضاع السياسية السلطوية والاقتصادية والاجتماعية في تاريخ صناعتها.. وبما أن تاريخ البشرية مثلا بعد تفكك المجتمع الشيوعي البدائي هو تاريخ المجتمعات الطبقية فلابد أن كل الدساتير كانت تمثل الطبقات المسيطرة في هذه المجتمعات إذ أن هذه الطبقات هي التي تضع الدساتير والقوانين.
وكانت الدساتير والقوانين التي وضعت في المجتمعات الإقطاعية الظالمة المستبدة توضع لحفظ مصالح هذه الطبقات وهذا يصح على الدساتير التي وضعت في المجتمعات الرأسمالية إذ وضعت لغرض تأمين مصالح الطبقة الرأسمالية في استغلال العمال والكادحين. ويصح هذا الأمر حتى على الدستور الذي وضعته الدولة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي سنة ١٩٣٦ إذ كان الدستور يعبر عن مصالح العمال والفلاحين ويحرم البرجوازية من أية حقوق.
ولكن مشكلة وضع الدستور المصرى الجديد تشغل أذهان الشعب المصرى بأكمله وشباب الثورة  فردا فردا، فمنهم من يريد أن يجعل الدولة المصرية دولة إسلامية تسن فيها القوانين وفقا للشرع الإسلامي وحده.. ومنهم من يريد دستورا مدنيا علمانيا منفصلا عن الدين الإسلامي.. والأقباط يدعون الى فصل الدين عن الدولة.. ومنهم من يريد أن يشرع حقوق المرأة وفقا للشريعة الإسلامية ويعيدها خمسة عشر قرنا الى الوراء.. ومنهم من يريد مساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق.. ومنهم من يريد مصر جزءا من العالم العربي.. ومنهم من يريد أن تكون مصر جزءا من العالم الإسلامي.. ومنهم من يعارض ذلك.. ومنهم من يعتبر الدين الإسلامي دين الدولة ومنهم من يطالب باعتبار الدين أمرا شخصيا يحق للإنسان أن يعتنق الدين الذي يشاء أو لا يعتنق أي دين على الإطلاق أو يعتقد بالعلم وحده أو حتى أن يكفر بكل الأديان واعتبار المواطنة هي الأساس في معاملته بصرف النظر عن معتقداته الدينية او كفره بها.. كل هذه الأفكار والأطروحات تملأ العقول والأذهان وتقتلنا بحثا وأرجو أن تكون تجربة

مبارك الدستورية آخر تجربة مأساوية نتعلم منها, وعندما كان يشعر نظام مبارك بوجود شيء من الخطر على نظامه  فإنه يلغي الدستور وجميع القوانين القائمة على أساسه بواسطة قانون الطوارئ فلقد أعلنت حالة الطوارئ بعد اغتيال السادات وبقيت توابعها ومفعولها طوال فترة حكم مبارك الى أن ألغاها المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى حاكم مصر, وأيضا ظل حكم البعث السوري منذ سنة ١٩٦٣ حتى اليوم تحت حكم الطوارئ الذي يلغي جميع القوانين ويبيح للديكتاتور بشار الأسد من بعد أبيه الطاغية حافظ الأسد بقتل وذبح وتعذيب وتفجير وتدمير شعبه المدنى الأعزل الذى لاذنب له سوى حبه لوطنه وحريته وكرامته,  وهاهو أيضا الشعب العراقى المغلوب على أمره الذى لم يشهد يوما واحدا بدون حكم الطوارئ حتى لحظة كتابتى لهذا المقال, إذن فما الضمان بأن الدستور سيكون نافذا مع القوانين التي تسن على أساسه تحت حكم الطوارئ؟
ولكن هل هذا يعني أنه على الشعوب العربية بصفة عامة والشعب المصرى بصفة خاصة وعماله وفلاحينه والكادحين السكوت والخضوع لهذا الأمر الواقع بدون أن يشنوا نضالا قويا لإدخال المواد التى تلبي مصالح هذه الطبقة العاملة والنضال من أجل تطبيقها تطبيقا حقيقيا؟ هل عليهم أن ينتظروا إلى حين استدعائهم ليساهموا في وضع دستور مصرى حقيقي؟  فإنه على الشعب المصرى وشباب ثورته أن يواصلوا النضال من أجل الدستور فإن النضال من أجل وضع الدستور هو جزء لا يتجزأ من النضال ضد الاستعمار من أجل الاستقلال.. النضال ضد الفلول من أجل الحرية.. النضال ضد الحزب الوطنى من أجل النزاهة والشفافية.. النضال ضد مبارك والعادلى وأعوانهما من أجل الشرف والكرامة والإنسانية لأناس تجردوا من النزاهة والمدنية.
مستشار بالسلك الدبلوماسى الأوروبى  ورئيس الاتحاد الدولى للشباب الحر
[email protected]