رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ولتكن محكمة خاصة (2/2)

بقي من فكرة انشاء محكمة خاصة حتي يتضح الأمر جيدا من من الناحية القانونية بيان كافة الأحكام المتعلقة بها والدفوع التي يمكن أن تتعرض لها.
في البداية يجب أن يحدد القانون المنشئ للمحكمة الهدف من إنشاءها، وليكن متمثلا في "منع كبار القادة والمسئولين من الافلات من العقاب"،

ويحدد هذا القانون مكان انعقادها، ثم ينظم تشكيلها الذي نري أن يكون قضائيا خالصا من قضاة المحاكم العادية، وأن يكون ممثل الإدعاء النائب العام بنفسه أو أحد مساعديه باعتبار أن هذه المحكمة ستحاكم رئيس الدولة وكبار المسئولين، لذا. يجب أن يكون ممثل الإدعاء علي قدر أهمية القضايا التي تنظرها هذه المحكمة الخاصة.
وينص القانون علي اختصاصات هذه المحكمة التي يجب أن تشمل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، مع توضيح شامل لكافة أركان هذه الجرائم وشروطها، وبيان كافة صور المسئولية الجنائية عنها. وماهية الدفوع الذي يمكن أن يلجأ إليها المخاطبين بأحكام هذا القانون لدفع المسئولية الجنائية عنهم.
ويجب أن تصاغ نصوص هذا القانون بشكل يكفل عدم إفلات مرتكبي مثل هذه الجرائم من العقاب، حيث أنه لابد من وجود نصوص توفر آليات المحاسبة القوية والفعالة لظاهرة الإفلات من العقاب التي قد تتجلي في أية مرحلة من مراحل المحاسبة، أي أنه يجب أن تكون صياغة النصوص قاطعة في تحديد المخاطبين بأحكامها، وكذا تحديد الجرائم وعقوبتها علي نحو محكم حتي لا يفلت أحد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص هذا القانون من العقاب لمجرد استغلاله لثغرات موجوده في نصوص هذا القانون.
وقد يختلف البعض معنا في أنه قد نصطدم بمبدأ عدم رجعية النصوص القانونية عند محاكمة الرئيس مبارك وأعوانه عن جرائمهم التي ارتكبت قبل إصدار هذا القانون، ولكني لست مع من يقولون بهذا الرأي لأن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم الدولية  أصبحت مجرمه علي المستويين الدولي والوطني بموجب العرف الدولي الانساني ولا تحتاج إلي تشريعات أو اتفاقيات لتقرير نص التجريم، ومصر عضو في المجتمع الدولي وقامت بالتصديق علي العديد من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان، كما أن ما ارتكب في أحداث 25 يناير وما بعدها  لم يخرج عن جريمتي القتل والتعذيب المنصوص عليهما في التشريع الجنائي المصري. كل ما هنالك أنه سيتم تغير الوصف القانوني من جريمة قتل عمد إلي جريمة قتل كإحدي صور الجرائم ضد الانسانية، ونفس الأمر سينطبق علي جريمة التعذيب.
وقد ذهب في ذات الشأن أستاذي المستشار/ محمد أمين المهدي رئيس مجلس الدولة السابق والقاضى السابق بالمحكمة الجنائية الدولية بلاهاى إلي أن

" حقوق الانسان لم تعد شأناً داخلياً تستقل به، تنظيماً وحماية، كل دولة. بل أصبح بيان هذه الحقوق كما أضحت حمايتها من شأن المجتمع الدولى سواء عن طريق منظماته الحكومية أو المنظمات غير الحكومية، وسواء تم ذلك عن طريق الاعلانات أو الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف أو كان ذلك عن طريق الأعراف الدولية الملزمة. ومن أمثلة الأعراف الدولية الملزمة التى تسرى فى مواجهة الدول حتى وإن لم توافق عليها، تلك الأعراف التى يتكون منها الكثير من قواعد القانون الدولى الجنائى، والتى تتضمن تجريم أفعال معينة منها الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وتقرير قاعدة عدم تقادم أى من هذه الجرائم، وهى القاعدة التى بدأت إتفاقية بمقتضى الاتفاقية التى أبرمت سنة 1968 ثم تحولت أحكامها إلى قاعدة عرفية ملزمة تسرى فى مواجهة الكافة، فضلاً عن تقرير معاقبة مرتكبى تلك الجرائم سواء أمام المحاكم الوطنية أو المحاكم الدولية دائمة كانت أو خاصة، ومهما كانت الوظائف التى يشغلونها بما فى ذلك رئاسة الدولة. وكل ذلك استناداً إلى قاعدة استقرت فى ضمير المجتمع الدولى استمداداً من الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية الدولية بنورمبرج لمحاكمة كبار مجرمى الحرب من المانيا النازية، وهى قاعدة مفادها أن الجرائم إنما يرتكبها أفراد.
وفي نهاية الأمر نري أنه لابد في دولة مصر الجديدة التي نتمنها دولة نموذجيه وجوب محاكمة أي مسئول عن أية جريمة ارتكبها مهما كان منصبه سواء كان رئيساً للدولة أو وزيرا أو قائدا عسكرياً أو مسئولاً مدنياً، ويجب أن ينال الجزاء المناسب مع جسامة الجريمة المرتكبة من جانبه، ولو وصلنا إلي ذلك الأمر سنكون بحق دولة قانون.
------------
الخبير في مجال القانون الجنائي الدولي
[email protected]