رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ولتكن محكمة خاصة....(1/2)

يعد موضوع محاكمة الرئيس مبارك ونجليه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم ووزير داخليته وسته من كبار مساعديه من موضوعات الساعة، وسيظل في بؤرة اهتمام رجال القانون والسياسية حتي بعد صدور حكم المحكمة الجنائية، ولكن ظهرت هذه الفتره أصواتا تنادي بانشاء محكمة ثورية،

والغريب في الأمر أن بعض هذه الأصوات جاءت من البرلمان المصري الذي تم انتخابه مؤخرا، وزاد عندي هذا الإستغراب حينما رأيت مناقشات مجلس الشعب التي انتهت إلي تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في عمليات القتل التي حدثت في 25 يناير والتي أحيل بسببها الرئيس السابق وأعوانه إلي المحاكمة الجنائية، ومثار استغرابي هو أنه كيف يمكن أن يتم تشكيل لجنة تقصي حقائق في واقعة منظورة في الوقت الراهن أمام القضاء الجنائي، ألا يعد ذلك تدخلا من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية؟!!!
وبشأن ما تقدم به بعض أعضاء البرلمان المصري من ضرورة محاكمة مبارك وأعوانه أمام محكمة ثورية، فنري في البداية ضرروة ضبط الألفاظ فهل مجلس الشعب يريد محكمة ثورية كأحدي صور القضاء الاستثنائي أم أنه يريد محكمة خاصة لأن هناك فارق بين القضائيين، فالقضاء الخاص ينص عليه في الدستور، كما أنه ينظم بتشريع صادر من السلطة التشريعية. وغاية ما في الامر أن اختصاصه يكون مبنيا علي معيار الشخصية أو العينة بمعني أنه يستند الي صفة معينة فيمن يحاكم أمامه أو في نوعية الجرائم التي يختص بها والتي تقع علي حق معين ومثاله قانون محاكمة رئيس الجمهورية رقم 247 لسنة 1956، وقانون محاكمة الوزراء رقم 79 لسنة 1958.
أما القضاء الاستثنائي فهو ينشأ بصفة موقته لظروف معينة، ولا يشترط فيه أن يصدر من السلطة التي لها الحق في إصدار القوانين، فهو لا ينشأ عادة بالاداة التشريعية العادية "القانون" التي تنشأ  بها محاكم القضاء العادي، وبذلك يمكن انشاء المحاكم الاستثنائية من الجهة السيادية في الدولة، وفي هذه الحالة هي التي تحدد اختصاصها وتشكيلها الذي غالبا ما يكون من فئات متنوعة، فقد تتشكل من سياسيين أو قضائيين أو حتي من القضاء العسكري، فهي محكمة تحمل -في الغالب- الطابع السياسي أكثر من القانوني، ولا يخضع القضاء الاستثنائي للأحكام العامة التي تسري علي القضاء العادي، وصورته في التاريخ: المحاكم العسكرية التي انشأتها الجزائز أثناء الحرب، ومحاكم الغدر التي انشئت في مصر بالمرسوم 344 لسنة 1952، وكذا المحاكم التي انعقدت في فرنسا عقب ثورة 1987 وهي أطلق عليها اسم محاكم "رويس بير"  التي قضت بالاعدام دون اتباع القواعد الاجرائية للمحاكمات الجنائية.
ونحن ضد المحاكمة الثورية لأنها ليست من شيم الدولة القانونية، كما أنها تخالف أولي أهداف الثورة التي قامت من أجل بناء دولة جديدة يسود فيها القانون، لذا. لسنا في حاجة إلي

مثل هذه المحاكمات لأنها لن تحسب لنا بل ستحسب علينا، فنحن أمام تاريخ شعب تتم كتابته، ولا نريد اعداما بدون محاكمة كما حدث مع شاوشيسكو أو مقاصل الاعدام في فرنسا، فهذه الدول يتم معايرة شعوبها بهذه المحاكمات حتي الأن.
ولكن من الممكن أن يكون الاتجاه نحو انشاء محكمة خاصة بنص في الدستور يحيل إلي تشريع يصدره البرلمان، خاصة وأن قانون العقوبات المصري لم يتعرض للجرائم المرتكبه في أحداث 25 يناير وهي جرائم القتل الجماعي أو ما تسمي بالجرائم ضد الإنسانية، فهذا القانون تعرض للقتل العمد الذي يقع من آحاد الناس ضد آحاد الناس، وتعرض للقتل الخطأ والضرب الذي يفضي إلي الموت، ولكنه لم يتعرض لجريمة قيام النظام الحاكم بعمليات قتل مممنهجة ومنظمة ضد أفراد الشعب.
ويحدد هذا التشريع دستور هذه المحاكم بدءا من انشاءها وتشكيلها ومرورا بالمخاطبين بأحكامه وتحديد نص التجريم والجزاءات، ويمكن أن يشتمل هذا التشريع الجديد علي الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت من قبل السلطة الحاكمة ضد الشعب.
ويحتاج الأمر بالتأكيد إلي ايضاح الفكرة جيدا من الناحية القانونية وبيان كافة الأحكام المتعلقة بها والدفوع التي يمكن أن تتعرض لها خاصه ما يتعلق بمدي اصطدام هذه الفكرة بمبدأ عدم رجعية النصوص القانونية وهو ما سنبينه في المقال القادم، ولكن لابد أن نتفق في النهاية علي أن انشاء المحاكم الثورية يتعارض مع فكرة الدولة القانونية، ولا يمكن أن نطلب من المحاكم العادية التي تنظر قضايا الرئيس السابق وأعوانه الآن أن تصدر حكما بالأعدام دون دليل والا سنفقد القضاء صفة العدل.. ولنتذكر جمعيا ما كان يفعله العهد البائد الذي طالما الصق التهم بالأبرياء، وجاءت الثورة ليسود العدل وينتهي عصر الصاق الاتهامات، لذا. فلتكن محكمة خاصة بإجراءات قانونية تكفل تحقيق المحاكمة العاجلة العادلة للمتهمين.
---------
الخبير في القانون الجنائي الدولي
[email protected]