رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نحو انتخاب جمعية تأسيسية نموذجيه

تشهد المرحلة المقبلة في تاريخ مصر حدثا هاما وهو انتخاب الجمعية التأسيسة التي ستتولي وضع دستور مصر الجديد المبشر والممهد لعهد سيادة الدستور واحترام حقوق الانسان فى النظر والتطبيق، ونتمني أن يكون هذا الدستور تنظيماً لحاضر يتيح انطلاقاً لمستقبل وطن ينعم فيه المواطن بسيادة القانون وحمايته، ويسهم بإيجابية فى إدارة شئونه.

وقد يواجه تشكيل الجمعية التأسيسية بعض المشاكل لأنه قد تكون هناك تيارات سياسية لها مصالح خاصة في الدستور المقبل، وبالتالي قد لا تقبل هذه التيارات وجود أشخاص معينة في الجمعية تهدد تلك المصالح، كما أن هناك تخوفات من وجود تيارات معينه لها رؤي مختلفة في قضايا السياحة والبنوك والفن وغيرها عما كان عليه الأمر من قبل.
وفي البداية لابد أن نتفق أنه يجب أن يكون الدستور الجديد معبرا عن آمال وطموحات الشعب المصري بكافة طوائفه وفئاته، وهذا لن يتأتي إذا سيطر فصيل أو تيار معين علي الجمعية التأسيسية، فحيئنذا سيأتي الدستور معبرا عن هذا الفصيل أو ذلك التيار، لذا، لابد حتي يخرج لنا الدستور الذي يريده المصريون أن تتشكل الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور من كافة التيارات الوطنية والقوي السياسية، لا من تيار وحيد حتي لو كانت له الأغلبية، فالدستور هو دستور الشعب وليس دستور الأغلبية.
وحتي يكون هناك جمعية تأسيسية قادرة علي وضع دستور يلبي طموحات الشعب المصري نري ضرورة انتخاب أعضاء الجمعية من خارج أعضاء المجلسين، علي أن تتوافر فيه ذات شروط الترشح لمجلس الشعب فيما عدا الاستقالة من الوظيفة، فضلا عن توافر شروط الحيدة والنزاهة والخبرة والكفاءة، ويلزم عدم تعيين أياً من أعضاء هذا الجمعية في أي منصب قيادي في الجهاز الإداري للدولة لمدة سنتين أو ثلاثة سنوات من تاريخ انتهاء الجمعية من وضع الدستور، وأخيرا يلزم أن تكون كافة طوائف الشعب ممثلة في هذه الجمعية فيجب أن يمثل بنسب الطوائف الأتيه: الشباب، المرأة، الهيئات القضائية، القوات المسلحة والشرطة، الجامعات، والأحزاب السياسية، النقابات المهنية، الاتحادات العمالية، الفلاحين، المصريين بالخارج، الجمعيات الأهلية والاجتماعية، الجمعيات العلمية، والجمعيات المنظمات الحقوقية، الاتحادات النوعية والمؤسسات الدينية، المناطق الجغرافية النوعية ذات الخصوصية الثقافية، الفقهاء الدستوريين ذوي الاتجاهات المختلفة، الشخصيات السياسية العامة، ورموز الفكر والفن والعلم.
ويجب أن تثير الجمعية فكرة النقاش والجدل المجتمعي حول الدستور وأن تقوم بعقد جلسات استماع ونقاشات مع طوائف مختلفة من المجتمع قبل أن تشرع في وضع الدستور حتي يتوافر لديها كافة رؤي وتطلعات الشعب المصري، كما أنه يجب أن تراعي الجمعية أن تكون اجتماعات علنية وليست سرية حتي يتابع الشعب المصري مناقشات الجمعية ويستطيع تكوين رأي حول الدستور الجديدة خاصة وأن الشعب هو المرجعية الوحيدة للدستور، كما أن المدة المتاحة له لدراسة الدستور قبل التصويت عليه هي خمسة عشر يوما فقط.
وللجمعية التأسيسة طريقة عمل قانونية يمكن من خلالها الوصول دستور مثالي، فيتم تكوين لجان من داخل الجمعية التأسيسة، أولي هذه اللجان تكون علمية مكونة من نخبة من فقهاء

القانون الدستوري، والعلوم السياسية والعلاقات الدولية، والإعلام، والتاريخ، والشريعة، والاقتصاد، وتنجز كل لجنة أطروحة فيها مقترحاتها للخروج بدستور للجمهورية، وتقدم هذه الأطروحات إلى اللجنة الثانية وهي لجنة الصياغة الأولية المشكلة من رؤساء اللجان العلمية، وهذه اللجنة تقوم بصياغة النص الأولي للدستور على ضوء الأطروحات المقدمة، ثم ترفعها إلى اللجنة الثالثة وهي لجنة مناقشة الدستور، وتتكون من ممثلي الطوائف والفئات المذكورة بعاليه.
وتجتمع بعد ذلك لجنة مناقشة الدستور ولجنة الصياغة الأولية في اجتماع موسع، يتم فيه مناقشة الدستور المقترح ويعطى لكل عضو حيز زمني بالتساوي لإلقاء كلمة واقتراح تعديلات، وتقوم لجنة الصياغة الأولية بتسجيل كل الاقتراحات والتعديلات، ثم تجتمع في اجتماع مغلق بعد نهاية المناقشة، وتقوم بإجراء التعديلات المقترحة، ويتم تعديل المواد التي شهدت أكبر عدد من الاعتراضات أو التحفظات، ثم يرفع الدستور للشعب سيد الكلمة في الاستفتاء عليه.
وقد أخذت الجمعية التأسيسية المشكلة لوضع دستور 1954 بهذا التشكيل حيث كانت هناك ثلاث لجان أحدها لجان علمية وثانيهما لجان صياغة كانت مشكلة من خمسة أعضاء، وثالثهما لجنة اتخاذ القرار النهائي بشأن الدستور وكانت مشكلة من خمسة عشر عضوا.
وفي نهاية الأمر نقول أن الواقع السياسي لمصر بعد الثورة يحتم علينا حفاظاً علي البلد الانتقال إلى الحكم المؤسسي الذي يعتمد على دستور يحترمه الجميع، وأن يقوم البرلمان بمجلسيه باختيار ممثلي الجمعية التأسيسية التي ستقوم بهذه المهمة استكمالاً وترسيخاً لقواعد الديمقراطية مع اعتبار معايير اختيار أعضاء هذه اللجنة ركنا أساسيا من أركان نجاحها، ويجب عدم إنفراد أي قوة سياسية أو اجتماعية مهما كانت أغلبيتها بصياغته أو فرض إرادة جزء من المجتمع على باقي فئاته، خاصة وأن هذا الأغلبية قد لا تكون كذلك في مرحلة أخري. والدستور لا يضع لمرحلة معينة بل هو يوضع لكافة المراحل فقد يستمر الدستور لقرن من الزمان، لذا، يجب أن يشارك الكل حتي يكون الدستور معبرا عن كافة طوائف الشعب حتي الأقلية منهم.
 
------------
الخبير في مجال القانون الجنائي الدولي
[email protected]