رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الجذور والانتماء

لفت نظرى كثيرا مزارع انحسرت ملابسه عن ساقيه وساعديه ومعه صبيه يساعدوه فى عمل تجويف حول شجرة نخيل محاولا نزعها لكنه فشل،

فحاول مرة أخرى بزيادة عمق التجويف الا أنه فشل، فحاول مرات ومرات وكل مرة يزيد التجويف عمقا ويزيد عدد مساعديه حتى نجح بعد جهد جهيد وبعدما نال التعب والارهاق من مساعديه، ووقفت مندهشا متسائلا عن سر تمسك هذه الشجرة بهذه الأرض ؟! متعجبا كيف تجذرت الى هذا الحد وضربت بجذورها فى أعماق التربة ؟ رافضة أن تقتلعها ريح أو يسقطها عابث أو يحطمها عامد متعمد ؟ ووجدتنى أفتش داخلى هل أملك تلك القوة ؟ هل أملك تلك الأنفه والشموخ والثبات ؟ وهل الانسان مفروش أم منقول أم مطبوع أم هو متعايش مع كل ظرف وأى حال ؟ وهل ولاءه بالميلاد أم بسنين العمر التى يقضيها أم ولاءه لأصله الذى ينتمى اليه
-   ربما يقول البعض أن ولاء المرء يكون بمهد ميلاده فهى البقعة التى استقبلته حال نزوله الى عالم الدنيا  فيصبح مسقط رأسه هو قبلة ولاءه وبوصلة انتماءه وهو ما يبرر أن بعض الدول تعطى الجنسية لمن يولد على أراضيها ، الا أن هذا ومن وجهة نظرنا المتواضعه لا يكفى لأن يكون دافعا للولاء أو كافيا للانتماء بحد ذاته لأنه لو افترضنا جدلا أن والدى كان يعمل بالسفارة المصرية فى اسرائيل وأنجبتنى أمى فى تل أبيب فهل يكون ولائى وانتمائى لدولة اسرائيل معاذ الله ؟
-   وربما يقول البعض أن ولاء المرء يكون للمكان الذى يعيش فيه الانسان ويشكل وجدانه وأولوياته وأفكاره ومعتقداته بحكم الأحداث والظروف المحيطة به وبذلك وعلى فرض جدلى أيضا أن المصرى المولود فى تل أبيب وعاش فى انجلترا يكون ولاءه للمجتمع البريطانى ؟ وهو الأمر الذى يبرر منح بعض الدول الجنسية للوافدين الذين يمضون سنوات على أراضيهم تشجيعا لهم للانخراط فى مجتمعاتهم ودفعا لانصهارهم فيها  فهل هذا يكفى ؟
-   وربما يقول اخرون أن الولاء يكون لأصل الانسان الذى ينتمى اليه لوالده أوجده وان

علا  وهنا أيضا يجب ألا نأخذ الأمر بالاجمال ليكون قاعدة ولا يمكن التسليم به كاستثناء  لأن المطرود اضطهادا من بلده الى بلد أخر أنجب فيه ذريه فكيف يمكن القول بانتماء أولاد المطرود اضطهادا وظلما الى من ظلموه وأذلوه  كيف يتشكل وجدانه المقهور بحب من قهره وظلمه وأخرجه فى ظلمات الليل متسللا الى مجهول 00 سائرا الى حيث لا يدرى الى أين ينتهى به المصير 
ورغم تشابك هذا الرأى بذاك أو اختلاط الأمر جميعه أحيانا  فلا يوجد مسلمات نهائية بشأن الهوية أو الانتماء  وأن الأمر لا يمكن أن يحكمه التعميم والاجمال  الا أننى أرى أن تشكيل الهوية والانتماء مرجعه مجموعه من العناصر المنفصله أحيانا والمنصهرة أحيانا أخرى يحكمها جميعا مدى التأثير الوجدانى فى الانسان وتكوين ذاته ومعتقداته التى يؤمن بها ويدافع عنها ولو بحياته.
فالأمر لا يقف عند حد المكان سواء بالميلاد أو بالمعيشة أو بالأصل  فكم رأينا من حارب مدافعا فى بلاد لم يولد فيها ولم يعش اطلاقا فيها ولم يكن بينه وبين أهلها ثمة صله من نسب أو مصاهرة والأحداث تشهد فى البوسنة وأفغانستان وفلسطين وكوبا، فالقضية كامنه فى ذات النفس البشرية ومدى تأصل ما تؤمن به سواء كان مرجعه الدين والعقيدة أو الجنسية أو الميلاد أو التأثر بهويه وثقافة عاش فيها احتضنته وكرمته فانصهر فيها وامن بها.       

وللحديث بقية