رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تونس حُرة

قال لى سائق تاكسى تونسى إن الحل يا سيادة القاضى لعالمنا العربى يتمثل فى غياب الحكم الراشد وعدم وجود سوق عربية مشتركة وعجز العالم العربى فى المعرفة وتمكين المرأة والديمقراطية.

بهذه الكلمات بدأت رحلتى كأحد المراقبين الدوليين المشاركين مع بعثة معهد كارتر، والتى تضم حوالى 14 عربياً من أصل 40 مراقبا.

فى جلساتنا المسائية بعد انتهاء المحاضرات والتدريبات والتى تبدأ من 9 ص وحتى 8 م طرحت على الزملاء العرب سؤالاً دار حول لماذا عجز العرب عن بلورة مفهوم الشورى وتطويره بالرغم من قيام النظم الديمقراطية ومبادئ الجمهورية . لماذا تحجج العرب بأنهم يرفضون الأنساق الغربية عن حضراتهم ونسوا وتناسوا أن الملك ذاته كان غريبا عن ثقافتهم.

تنوعت الإجابات بحسب جنسية المراقب ، فمن فلسطين جاوبنى أحدهم بأن الكهنوت الدينى الدخيل على حضارتنا الإسلامية والذى تسرب من ديانات أخرى سابقة على الإسلام وهى اليهودية والنصرانية فرض الاستبداد الدينى وشرع كل أنواع الاستبداد السياسي مستندا لأحاديث غير موثوقة بل متهافتة على حد تعبيره.

ومن المغرب سمعت تلك الشابة الناشطة سياسياً فى بلادها تقول لى هل ورد فى القرآن والسنة ما يشير إلى نمط حكم خاص دون غيره .

وأبهرتنى إجابة المراقب العراقى والذى يعمل فى بلاده بالمفوضية العليا للانتخابات حينما قال " الاحزاب الدينية المتشددة التى أفرزتها العملية الديمقراطية فى العراق أخرت البلد منذ سبع سنوات ولكنها وضعتنا على الطريق الصحيح لأنها علمتنا أنها ليست الطريق الصحيح".

كل هذه الأسئلة أيضاً كانت تدور بين التونسيين يوم الصمت الانتخابى قبل الانتخابات.

الكراس المدرسى يشارك فى الحملة التحفيزية المقامة من الهيئة العليا للانتخابات. 533 مراقبا دوليا من مختلف دول العالم، تمت عملية بيضاء للتدريب على الاقتراع فى عدد من المدن قبل يوم الانتخاب، متطوعون لتشجيع المواطنين على التصويت من كافة شرائح المجتمع ومن أجل ترسيخ قيم الديمقراطية والمواطنة لديهم ومساعدتهم على فهم واستيعاب هذه المفاهيم.

اللجنة العليا للانتخابات تطبع جريدة خاصة بها تشرح فيها كافة إجراءات العملية الانتخابية والرموز وبعض المواد الهامة.
التونسيون المقيمون بالخارج يشرعون فى الإدلاء بأصواتهم فى انتخابات المجلس التأسيسى.
بدأت العملية الانتخابية فى تراب الوطن التونسى، الكل سعيد، إنها احتفالية كبيرة، يقولون ليس المهم من الفائز منها، لأننا عرفنا طريق التغيير والحرية.

أشرفت على المراقبة فى معتمدية قبيلى جنوب غرب تونس، عانى أهلها الكثير أيام بن على، الفقر وفرص العمل كانت لهم

ضعيفة، لم أشاهد دعاية انتخابية داخل المدرسة الإبتدائية، لم يسمح بدخول الهواتف المحمولة داخل اللجنة، طوابير للنساء أطول من الرجال كانت السمة الغالبة فى 11 دائرة انتخابية راقبتها.

حضرنا إجراءات الفرز الطويلة – تم الفرز يدويا وإلكترونياَ – بدأت بوادر النتائج – سقطت أحزاب عريقة وقديمة – وحصلت أحزاب مناضلة على بعض المقاعد والتى تتناسب مع مكانتها -  قوائم مستقلة حققت مقاعد.

وفى النهاية كانت الأغلبية لحزب النهضة  ذى التوجه الإسلامى. تقبل الجميع النتائج ، وقال أحد العاملين بشركة الإتصالات بتونس" إن النهضة لو لم يحترم برنامجه الذى طرحه علينا قبل الانتخابات سنسقطه فى المرة القادمة" . فى حين قال رئيس حزب آخر : ماأحلى أن تكون فى المعارضة.
o تحدثت لصديقى الذى نشط سياسيا بعد الثورة مثل أغلب المصريين الآن وقلت له إن تونس أعطت درسا في الديمقراطية، و هذا يطرح تحديا حقيقيا للدول العربية ولمصر خاصة، و تفرض علينا ضرورة المضي الى الأمام بجرأة لتجاوز النقص الحاصل في طريقة تدبير الشأن السياسي.
إن الإختلافات الفكرية و الإستراتيجية و الأيديولوجية ما بين الأطياف السياسية العربية والمحلية ضرورية و لكن أن تكون ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية المحترمة، فرفقا بالديمقراطية العربية الوليدة.                        
تواجدنا على العشاء وعلى الفور قال لى الجميع الآن العالم ينتظر انتخابات حرة ونزيهة فى بلدكم مثل تلك التى حدثت فى تونس، و بالتأكيد كانت إجابتى إن شاء الله سنحاول مثلكم، ثم سرحت مع طبق الكسكس ، فأعلم جيداً أن الحاجة نزيهة فى مصر تعانى من مرض عُضال.

-------

بقلم : المستشار / حســـام مــكاوى