عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فنادق أطفال الشوارع

بوابة الوفد الإلكترونية

 

تحقيق - نادية مطاوع:

 

تصوير: حسام محمد ومحمد فوزى

قضية أطفال الشوارع ظاهرة حاولت الحكومات المختلفة التصدى لها، ولكن فشلها كان سبباً فى انتشار هذه الظاهرة وتفاقمها، وهو ما دفع وزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع صندوق تحيا مصر إلى تبنى استراتيجية جديدة تهدف إلى معالجة هذه الظاهرة بطريقة جديدة، لا تعتمد فقط على إنشاء دور رعاية حديثة نظيفة منمقة، تشبه الفنادق فى الشكل والمضمون، تقدم لهؤلاء الأطفال الرعاية والاهتمام، وإنما تعمل أيضا على إعادة إدماج من لهم أسر فى أسرهم مرة أخرى وإدماج الأطفال بشكل عام فى المجتمع، ونعمل على تدعيم الأسر التى يتسرب منها الأطفال للقضاء على الظاهرة من المنبع.

ودور رعاية الأطفال تعتبر نماذج رائعة، ولكنها ما زالت تعتبر قطرة فى بحر، فظاهرة أطفال الشوارع تختلف الأرقام فى تقدير حجمها، ففى حين تقدرها الوزارة بـ 20 ألف طفل فقط، تصل فى بعض الدراسات الأخرى إلى 2 مليون طفل، ومن ثم يجب أن تتضافر كافة الجهود لاستمرار هذه الدور وزيادتها لتوفير الرعاية لمزيد من الأطفال، وقد اعتمدت وزارة التضامن 50 مليونا لهذا الغرض، فى حين رصد صندوق تحيا مصر 114 مليونا أخرى لتوفير مأوى للأطفال «الذين لا مأوى لهم».

عرفت مصر دور رعاية الأيتام وأطفال الشوارع منذ سنوات طويلة، وقد كانت الصورة الذهنية عن هذه الدور، أنها مجرد مكان لإيواء الأطفال، يختلط فيها الحابل بالنابل، لا توجد فيها رقابة حقيقية، مما يجعل الأطفال عرضة للانحراف، إلا أن هذه الصورة اختلفت الآن حيث بدأت وزارة التضامن الاجتماعى المشرفة على هذه الدور فى تطبيق برنامج جديد تحت مسمى «أطفال بلا مأوى»، يهدف إلى تحويل هذه الدور إلى دور رعاية متكاملة، بالإضافة إلى تغيير استراتيجية التعامل مع الأطفال حتى يتسنى إدماجهم فى المجتمع مرة أخرى.

وكانت الوزارة قد أعدت حصراً شاملاً لظاهرة أطفال الشوارع عام 2014 أظهرت نتائجه أن العدد يقدر بـ 20 ألف طفل يتجمعون فى 2558 نقطة على مستوى الجمهورية، وتم تحديد 10 محافظات تتركز بها الظاهرة وهى: القاهرة، الجيزة، القليوبية، الإسكندرية، المنوفية، الشرقية، السويس، بنى سويف، المنيا، وأسيوط، حيث يبلغ عددهم فيها 12772 طفلا، وحددت الوزارة معايير جودة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية بعد أن تم تقييم 37 مؤسسة رعاية اجتماعية وتم إنشاء قاعدة بيانات لها.

وأوضح حازم الملاح المتحدث الرسمى لبرنامج أطفال بلا مأوى، أن استراتيجية البرنامج تقوم على تغيير النمط المتعارف عليه لدور الرعاية من كونها مجرد مكان لإقامة الأطفال إلى مكان للتربية والتعليم، من خلال نظام متكامل يشمل التعليم فى المدارس الحكومية، وفى الدور نفسها، على أن يطبق هذا البرنامج فى 21 مؤسسة فى المحافظات العشر، وبالفعل بدأنا بـ 6 مؤسسات، تم افتتاح 4 منها وهى دار الحرية بعين شمس بالقاهرة وأخرى بالإسكندرية وثالثة بالشرقية ورابعة بالمنيا لخدمة محافظات الصعيد، و2 منها تحت التجديد هى دار الفتيات بالعجوزة ودور التربية بالجيزة والتى ستستوعب 1000 طفل بعد تطويرها، وسيتم تطبيق البرنامج فى باقى الدور تباعاً، وكل دار سيكون بها مسرح ومكتبة وغرفة للموسيقى وورش للتصنيع ومعرض لمنتجات الدار، أما دور الرعاية التى تلحق أبناءها بالمدارس فقط فلا يكون بها ورش أو معارض، إنما تحتوى على ملاعب رياضية ومسجد وأماكن لممارسة الأنشطة المختلفة و قاعة للسينما.

وأضاف أن النظام الجديد يعمل على دمج الأطفال فى مجتمعهم من خلال إلحاقهم بمدارس حكومية، وتحقق تواصلا بينهم وبين البيئة المحيطة بهم، ومشاركة الموهوبين منهم فى مسابقات رياضية وفنية خارج دور الرعاية.

كما تقوم استراتيجية البرنامج على إعادة ادماج الأطفال المتسربين من أسرهم فيها مرة أخرى بعد إعادة تأهيلهم ، و يتم هذا من خلال «فرق الشارع» المتنقلة التى تجوب المحافظات من خلال 17 سيارة مخصصة لهذا الغرض، والتى تم تصنيعها بواسطة الهيئة العربية للتصنيع، وبالتعاون مع الوزارة وصندوق تحيا مصر، وتعامل البرنامج منذ نشأته وحتى شهر أبريل الماضى

مع 12251 طفلا من خلال هذه السيارات، وتم دمج 685 طفلا داخل أسرهم وداخل دور رعاية، حيث تقوم السيارات بتقديم خدمات طبية واستشارات نفسية واجتماعية لهؤلاء الأطفال من خلال فرق مدربة، تقوم أولا ببناء جسور ثقة مع الأطفال لإعادة إدماجهم فى المجتمع، مشيراً إلى أنه تم توقيع بروتوكول تعاون مع كلية خدمة اجتماعية بحلوان لتدريب المشرفين والإخصائيين الاجتماعيين داخل الدور لضمان تطبيق سياسة الحماية داخل المؤسسات وتطبيق معايير الجودة التى اعتمدتها الوزارة لتقديم الخدمة لهؤلاء الأطفال.

البرنامج لا يشمل فقط تقديم الرعاية للأطفال إنما دراسة حالة الأسر التى تسرب منها هؤلاء الأطفال إلى الشارع، وتقديم الدعم للأسر الفقيرة منها من خلال خدمات الوزارة كمعاش تكافل وكرامة، أو المشروعات الصغيرة لضمان عدم خروج الطفل إلى الشارع مرة أخرى.

 

فرق الشارع

يذكر أن الـ 17 سيارة التى تجوب الشوارع فى المحافظات تضم فريقا مكونا من 5 أفراد هم إخصائى نفسى وآخر اجتماعى ومسعف وإخصائى نشاط بالإضافة إلى السائق، وتعمل هذه الوحدة على تقديم الخدمات الأساسية العاجلة لأطفال الشوارع خلال فترة عملها التى تمتد من 6 صباحاً إلى 12 مساء طوال أيام الأسبوع، حيث تقدم السيارة وجبة للطفل و يوجد بها بلاى ستيشن وألعاب وكتب تلوين لجذب الأطفال، كما يتم فحص الطفل طبياً والتعرف على الظروف التى دفعته إلى الخروج للشارع، والعمل على إعادة إدماجه فى الأسرة أو دار الرعاية مرة أخرى.

وأوضح الملاح أن برنامج أطفال بلا مأوى يعمل من خلال عدة مكونات أولها الوحدات المتنقلة وفرق الشارع، وإدارة الحالة وهو الدور الذى تقوم به مكاتب المراقبة الاجتماعية والتوجيه الأسرى بمديريات التضامن فى المحافظات والتى تعمل على التواصل مع أسرة الطفل لمعرفة أسباب هروبه ومحاولة معالجة هذه الأسباب، وإعادة إدماج الأطفال فى أسرهم، وتحسين مستوى هذه الأسر اقتصاديا من خلال المعاشات والقروض التى تقدمها الوزارة، وتطوير المؤسسات وهو ما يحدث الآن، بالإضافة إلى التسويق المجتمعى لرفع الوعى المجتمعى بقضية الأطفال بلا مأوى، وأخيراً فهناك آلية الرصد والتقييم والشراكة مع الجمعيات الأهلية لتقييم البرنامج وأداء دوره على أكمل وجه.

يذكر أن وزارة التضامن رصدت مبلغ 50 مليون جنيه لهذا البرنامج، بالإضافة إلى مبلغ 114 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر، وتم تخصيص خط ساخن برقم 16439 للإبلاغ عن حالات أطفال الشوارع، وهو يعمل لمدة 12 ساعة يومياً من 10 صباحاً وحتى 10 مساء، وأكد ضرورة تغيير نظرة المجتمع لأطفال الشوارع فهم ضحايا نعمل جاهدين على إنهاء مشاكلهم الأسرية، ومن لا أسرة لهم يجب أن يكون المجتمع هو أسرتهم الكبيرة.