رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب: فى مديح الابتكار والتجديد

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

سيتغير العالم، وتتسع قيمة العقول والمواهب على حساب العمل اليدوى. ستنسحب الماكينات التقليدية رويدا لتحل محلها المعدات الذكية، التى تُفكر وتُقارن وتختار بين أكثر من خيار.

 ستزداد فرص البلدان الصغيرة فى النمو، وسيصبح الأفراد الأكثر تحررًا وقدرة على الابتكار هم الأكثر تقديرًا سواء ماليًّا أو وظيفيًّا.

ستنفتح للمبدعين أبواب عديدة للرزق، وسيزداد الإقبال على صُناع المحتوى الإبداعى، والفنى، والرقمى. وستتحطم فكرة احتكار بلد ما أو كيان فى حد ذاته للمعرفة والتقدم. لن تبقى الأمم الكبرى كبرى إلى الأبد ولن تبقى البلدان المغلوبة كذلك، فثمة فرص للتحول والتطور، يقوم ارتكازها على أمر واحد هو العقل، وتحريره تماما، وتدريبه على التحليق فى سماوات منفتحة بلا حدود.

إن كتاب المستقبل يُبشر بأفكار جديدة، ونظريات مستحدثة، ويُجدد العهد بالإنسان الواعى، وما يدور حوله، وبالتأمل فى الكون بحثًا عن استنتاجات رشيدة وسعيًا لمعارف نافعة.

يتغير التعليم من حولنا كل يوم، ورب ضارة نافعة، إذ دفعتنا جائحة كوفيد 19 المستجد لأن نعرف أكثر ونفهم أكثر ونختبر أكثر ونستفيد من منجزات التقدم التكنولوجى العظيم.

يتحول التعليم فى كل مكان من تلقين، وصب لأفكار وتصورات وآراء بعينها فى عقول الطلبة إلى استكشاف وإنارة لتلك العقول، وانتقاء لتصور غير مُجرب، أو استفادة من طرح لم يسبق طرحه. لم يعد الطالب مأمورًا بحفظ نصوص ومعلومات مكثفة بشأن أمر ما، وإنما بالبحث والاستكشاف وطرح تصوره الذاتى.

سنعرف أفذاذًا نستصغرهم ربما يفككون لنا مشكلات عويصة ويرسمون لنا آفاقًا عظيمة.

مثلما هو الحال فى تطبيقات بسيطة، سهلة، باستثمارات غير كبيرة، لكنها قلبت العالم وغيرت الحياة تماما، مثل «أوبر»، «أمازون»، « نيتفليكس»، وغيرها.

 وهكذا لم يعد القول بأن الشباب اليافعين جدا هم الأنسب لعمل أى تطوير أو تغيير محلا لمناقشة، إذ صار مسلمة من المسلمات.

وأنا شخصيا عشت باحثا عن العلم والمعرفة. اغترفت علوما كثيرة، ونهلت خلال مسيرتى العملية من شتى الخبرات والمعارف، سافرت شرقا وغربا، ودرست هنا

وهناك، وعلمت وتعلمت، وقرأت كما لو كنت أتنفس، لكننى رغم ذلك أشعر بفارق ما بين تصوراتى الحياتية وبين ما يراه ابنى وأقرانه. أشعر أن الجيل الجديد جيل أفضل حظا منا فى سلاسة التعلم، وانتقاء المعرفة، والتحرر الكامل فى التفكير فى ما يواجهنا من تحديات آنية ومستقبلية.

 فى زمنهم صار العالم منفتحًا، نقرأ ما يصدر فى أقصى الشمال، فور صدوره، ونتابع ما يحدث من تطور أولا بأول.

التطور سُنة من سنن الكون، ألا يتكرر الأمس اليوم، ولا نُعيد المرور بما جرى اليوم غدا وكأننا فى حلقة مغلقة. كل شىء مُتحرك حولنا، والكرة الأرضية ذاتها تدور على الدوام. لا ثبات ولا توقف.

 إن مستقبل مصر فى تحرير عقول أبنائها. أنصح الجيل الجديد، والقادمين بالتحرر. لا تُكرروا السلف، ليس كل سلف صالحًا، ولو كان فليس كل صالح نافعًا. إن أفضل الاجتهاد هو أن ننظر للغد، بتحرر، أن نقرأ القادم بثقة، وأن نحرص كل الحرص على خوض التجارب الجديدة. أن نتعلم من الآخرين فلا نكرر واقعهم بما فيه من أخطاء.

 صحيح، فإن علينا التعلم من السابقين، لكن ليس علينا تكرارهم، فهذا عصر يبحث عن فلتاته، واكتشافاته. أقول لهم: كونوا من الذين يبدعون ويبتكرون ويخترعون، لا الذين يُكررون ويتبعون سابقيهم.

وسلامٌ على الأمة المصرية.