رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

براءات مخالفات البناء للبيع في كرداسة

بوابة الوفد الإلكترونية

«كرداسة» ارتبطت فى أذهان البعض بأنها أحد أكبر معاقل المتشددين دينياً.

وارتبطت فى أذهان آخرين بمذبحة مركز الشرطة التى ارتكبها إرهابيون عقب ثورة 30 يونية فقتلوا خلالها 5 ضباط و6 مجندين ومثلوا بجثثهم وسحلوها فى الشوارع، وحرقوا بعضها بالنار وبماء النار.
والذى لا يعرفه الكثيرون هو أن كرداسة صارت الآن الباب الملكى للثراء السريع، ففى كرداسة كل 57 ألف جنيه تتحول إلى مليون جنيه فى لمح البصر!
الحكاية حقيقية، وليست نكتة، ولا هى سحر، أو شعوذة، ولا عملية نصب، ولا هى فى خطورة تجارة السلاح أو المخدرات، ولا هى محرمة لتجارة الأعراض والرقيق الأبيض.. ولكنها عملية مضمونة وآمنة «مليون فى المائة».
كل ما عليك هو شراء 500 متر أرض زراعية من أية قرية من قرى مركز كرداسة، البالغ عددها 11 قرية، وعلى الفور ستصبح مليونيراً.
كيف؟.. الـ500 متر أرض زراعية التى اشتريتها، وسعرها بالمناسبة لن يتجاوز 57 ألف جنيه، ستحولها إلى أرض مبانى، وتبيع المتر فيها بـ2000 جنيه، أى أن محصلة العملية ستكون مليون جنيه بالتمام والكمال.
وإذا كنت ممن يعتقدون بأن تحويل الأراضى الزراعية إلى مبانٍ هو تصرف محفوف بالمخاطر وسيعرضك للحبس ولغرامة ضخمة ولإزالة المبانى، فإليك البشرى، لو كان البناء على الأراضى الزراعية محفوفاً بالمهالك والمخاطر والغرامة والإزالة فى كل ربوع مصر فإنه فى قرى مركز كرداسة برداً وسلاماً، والسر فى شهادتين رسميتين متاحتين لمن يدفع!
الشهادتان مختومتان على بياض، يعنى من يحصل عليهما يمكنه أن يحدد العنوان الذى يريده بشرط أن يكون فى إحدى قرى مركز كرداسة الذى يضم قرى كرداسة وأبورواش وعزب أبورواش، والمجادلة، وكفر حكيم، وكومبرة، وناهيا وبرك الخيام والمعتمدية وميت عقبة.
«الوفد» حصلت على صورة من الشهادتين، وكلاهما يحمل توقيع مدير الإدارة الزراعية بكرداسة وتوقيع رئيس قسم حماية الأراضى بذات الإدارة، وأيضاً مختومة بختم شعار الجمهورية الذى يحمل كود رقم 42830.
الشهادة الأولى تبرئ حاملها من مخالفة البناء على أرض زراعية حتى ولو كان قد بنى بالفعل منزلاً وسط الزراعات، وتقول الشهادة إن حماية الأراضى بكرداسة ذهبت إلى موقع المخالفة وتلاحظ لها أن المخالف قام بإزالة أسباب المخالفة نهائياً بمعرفته وعلى نفقته الخاصة وأن الأرض منزرعة وقت المعاينة ومتوفر لها جميع مقومات الزراعة ولا يوجد بها أية تشوينات، كما أنها غير مبورة، معنى ذلك أن حماية الأراضى تشهد على بياض بأنه لا توجد مخالفة بناء على أرض زراعية، وهذا البياض متاح لكى يملأه من يحصل على هذه الشهادة بالعنوان الذى يريده وبالمساحة التى يهواها، فإذا تم تقديم هذه الشهادة إلى المحكمة فليس أمام القاضى سوى الحكم ببراءة المتهم بتبوير أرض زراعية حتى ولو كان قد «بور» الأرض بالفعل، وبنى عليها فيلا أو مصنعاً أو عمارة!
أما الشهادة الثانية والموقعة أيضاً على بياض من مدير الإدارة الزراعية بكرداسة ومن رئيس قسم حماية الأراضى ومختومة بشعار الجمهورية فتتعلق بتوصيل الخدمات والمرافق إلى العقارات، وتقول الشهادة إن الإدارة الزراعية بكرداسة ليس لديها مانع من توصيل الخدمات والمرافق للعقار المذكور بعاليه لحصوله على البراءة، ومادامت الشهادة موقعة ومختومة على بياض وتمنح من يحصل عليها صك توصيل كل المرافق والخدمات إلى العقار.
وقالت مصادر بالإدارة الزراعية بكرداسة لـ«الوفد» إن الشهادات الموقعة والمختومة على بياض تباع لمن يدفع والأسعار حسب المكان والمساحة التى تم تحويلها من أرض زراعية إلى مبان.
وأضافت المصادر: على كل الأحوال لا تقل أسعار الشهادات المختومة على بياض عن 10 آلاف جنيه أما حدها الأقصى 50 ألف جنيه، بالنسبة للشهادة التى تنفى وجود مخالفة بناء على الأرض أما الشهادة التى تطلب توصيل مرافق فسعر الواحدة يتراوح بين 15 و20 ألف جنيه.
وكان طبيعياً والحال هكذا أن تشهد الأراضى الزراعية فى كرداسة عجب العجاب.
قائمة العجائب هذه تضم مخالفات بناء فوق أراض زراعية لم يتم تحرير محاضر لها، وأخرى يتم تحرير محاضر بأسماء وهمية، وثالثة تحرر لها محاضر بأسماء متوفين، ورابعة يتم تحرير محاضر بمساحة أقل كثيراً من المساحة التى تم البناء عليها بالفعل.
فى قرية كفر حكيم تم اقتطاع 200 متر من الأراضى الزراعية وبناء مدرسة لغات خاصة عليها، والكارثة أن المدرسة ليست فقط مقامة فوق أرض زراعية وإنما مقامة تحت كابلات الضغط العالى ومع ذلك لم يتم تحرير محضر مخالفة ضدها!
وفى القرية ذاتها - كفر حكيم - أقام البعض مزرعة كلاب حراسة فوق أراضى زراعية وعلى مساحة 20 قيراطاً تقريباً والمفاجأة أن جهاز حماية الأراضى بكرداسة، التابع لها كفر حكيم، حرر محضر مخالفة باسم بائع الأرض وليس مالك المزرعة!
وفى الأرض التابعة لنقطة الحاجر وتحديداً فى منطقة جرانة المتاخمة لترعة نيازى تم بناء 3 فيلات كل منها مساحتها 1000 متر أى أن مساحتها الإجمالية 3 آلاف متر مربع ورغم ذلك تم تحرير محضر بمخالفة بناء على مساحة 500 متر فقط، والأغرب أن محضر المخالفة محرر ضد اسم وهمى ولا وجود له فى كرداسة كلها!
وأيضاً بامتداد طريق صفط اللبن - كرداسة وبالقرب من ترعة عبدالعال، وترعة العياط وترعة الصعيدى، تم بناء مدارس ومعارض وفيلات وعمارات وسط الأراضى الزراعية وخارج الحيز العمرانى، ومع ذلك لم يتم تحرير محاضر مخالفة لها أساساً!
مطلوبون للمحاكمة
والمثير أن النيابة الإدارية أحالت 7 مسئولين للمحاكمة التأديبية واتهمتهم بارتكاب مخالفات تستوجب محاكمتهم تأديبياً.
وقال المستشار مدحت الشرقاوى، الوكيل العام الأول لهيئة النيابة الإدارية، فى تقرير الاتهام للمسئولين السبعة الذى يحمل

الرقم القضائى 355/ 56 أن المخالفين السبعة ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها فى المواد 76/ 1، و77/ 3، و4 و78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، كما أن ذات المسئولين السبعة لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القوانين واللوائح والقواعد المالية المعمول بها وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة الدولة المالية.
وقال المستشار مدحت الشرقاوى فى تقريره الذى حصلت «الوفد» على صورة منه إن مسئول تنظيم بالوحدة المحلية بكفر حكيم التابعة للوحدة المحلية لمدينة كرداسة لم يقم بإخطار الوحدة المحلية بمركز ومدينة كرداسة ببناء سورين بدون ترخيص على الأراضى الزراعية بشارع كومبرة البراجيل بجوار فيلا عبدالله نجر ش كفر حكيم منذ 23 أكتوبر عام 2012 وحتى كتابة تقرير النيابة الإدارية فى 15 إبريل 2014.
ولم يوضح التقرير ما إذا كانت الفيلا مقامة هى الأخرى على أرض زراعية أم لا!
وكشف تقرير النيابة الإدارية أن مسئول حماية الأراضى بالجمعية الزراعية بكفر حكيم تراخى فى اتخاذ الإجراءات القانونية حيال بناء سورين بدون ترخيص على الأراضى الزراعية بشارع كومبرة، فلم يتخذ أى إجراء حيال المخالفة لمدة 4 شهور كاملة، وفى الوقت ذاته أهمل رئيس قسم حماية الأراضى بالإدارة الزراعية بكرداسة فى عمله فوقعت المخالفة السابقة وتركها رغم أنه المسئول عن الإشراف على أعمال مسئولى حماية الأراضى بكرداسة.
وواصل: تقرير النيابة الإدارية أن فنى تنظيم بالوحدة المحلية بمركز ومدينة كرداسة تراخى فى إخطار جهة عمله بواقعة بناء سور وحجرتين على مساحة 250 متراً من الأراضى الزراعية بطريق طراق بكفر حكيم، حيث وقعت المخالفة فى غضون شهر إبريل 2012 بينما لم يتم تحرير محضر بالمخالفة إلا بعد 4 شهور من حدوثها أى فى 5/8/2012.
والمفاجأة التى يكشفها تقرير النيابة الإدارية أن فنى التنظيم بالوحدة المحلية بمركز ومدينة كرداسة عندما أخطر بالمخالفة كان بعد 4 شهور من حدوثها، لم يقم الأخير بإخطار جهة عمله بناء السور بعد شهرين آخرين من إبلاغه أى فى شهر أكتوبر 2012 فى حين تراخى فى إبلاغ بناء حجرتين ودورتين مياه على الأرض زراعية حتى 3 مارس 2013!
والطريف أن مدير إدارة التنظيم بالوحدة المحلية لمركز ومدينة كرداسة لم يبدأ فى اتخاذ الإجراءات القانونية لمواجهة ذات المخالفة السابقة إلا فى 22 أكتوبر 2013 أى بعد 18 شهراً كاملاً من وقوعها!
غرائب الجزاءات
ومن يطالع ملف جزاءات العاملين بحماية الأراضى فى كرداسة سيعرف سر انتشار البناء على الأراضى الزراعية هناك، وهذا السر هو أن أى مسئول يثبت تراخيه فى التصدى لمخالفات البناء أو يثبت حتى تورطه بالصمت عليها فإن الجزاء الذى سيقع عليه لن يتجاوز النقل من حماية الأراضى إلى ديوان عام مديرية الزراعية بالجيزة، وفى أحيان قليلة يكون النقل مقترناً بخصم 15 يوماً على الأكثر من راتبه!
وفى أحيان كثير يعود ذات الموظف إلى عمله الذى استبعدوه منه بعد مرور عدة شهور!
على سبيل المثال فى عام 2007 تم استبعاد المهندس المهتدى بالله محمود مسئول حماية الأراضى بكفر حكيم وكومبرة - آنذاك - من منصبه ونقله إلى إدارة المكافحة بمديرية الزراعة بالجيزة مع خصم 15 يوماً من راتبه، ولما تظلم من القرار تم الاكتفاء بتخفيض الخصم إلى 8 أيام بدلاً عن 15 يوماً مع إبعاده عن حماية الإدارة.
ولكن قبل أن تنقضى 100 يوم فقط على هذا القرار رقم إعادة ذات الموظف إلى قسم حماية الأراضى الزراعية بكرداسة بل وتم تكليفه ليكون هو نفسه رئيساً لقسم حماية الأراضى بالإدارة الزراعية.. ومازال الرجل يشغل ذات المنصب حتى الآن.