رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مزارعو العمار أحلامهم فى المشمش

بوابة الوفد الإلكترونية

«فى المشمش» تلك الكلمة التى نرددها دون أن نعرف معناها ترتبط بقرية العمار أهم وأشهر قرى القليوبية، حيث كانت تحدد مواعيد الزواج والتجهيزات له وقت جنى محصول المشمش وبيعه وصارت كلمة على مسمى بعد انهيار المحصول فى القرية الشهيرة منذ عهد الخديو توفيق عندما نقلها العمال السوريون أثناء قيامهم بحفر الرياح التوفيقى المار بالقرية.

ووسط المزارع كانت نظرات الحسرة والآلام من المزارعين إلى أشجار المشمش التى تضررت ولم تثمر هذا الموسم فكل أحلام مزارعى العمار ضاعت فى المشمش بعد أن تحولت حدائق الخير فى العمار بمحافظة القليوبية إلى غابات تسكنها سيقان عفنة لأشجار عجوز لا حول لها ولا قوة سوى أنها أصبحت مأوى لذباب الفاكهة والعنكبوت أو بعد اقتلاع شجرة الخير فى العمار وتبوير أرضها لزراعة المحاصيل الموسمية.
هذا المشهد المأساوى يخيم على قرية العمار منذ عام 1992 بسبب المبيدات وإهمال المرشدين الزراعيين فى تأدية واجبهم تجاه توعية المزارعين أولاً بأول، والنتيجة هى تشييع جثمان المشمش العمارى إلى مثواه الأخير وظهور المشمش الجبلى وانتشار الغش التجارى فى قرية العمار وأكثر من 15 قرية.
البداية كانت من تقرير لمؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان، الذى ظهر وكشف عن تفاصيل الكارثة بكل جوانبها، حيث أكد التقرير أن تراجع إنتاجية الفدان من المشمش يسير بخطى واسعة، حيث وصل إلى أقل من طن واحد، فى حين أنه كان من قبل يحقق ما يقرب من ستة أطنان وفى المقابل وصلت تكلفة الفدان إلى ثلاثة آلاف جنيه بين تكاليف الحرث والمبيدات ليجد أهالى قرية العمار وكفر الفقهاء وبرشوم وأمياى والصف وطنط الجزيرة وكفر الرجالات وغيرها من القرى المجاورة، والتى تزرع المشمش تنعى حظها بعد أن حصل المزارعون على قروض من بنك التنمية والائتمان الزراعى وكان أملهم أن يسددوها بعد بيع المشمش، ولأن الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن فقد أصبح المزارعون عاجزين عن السداد وضاعت أيضاً أحلام الشباب البسيطة والتى تتلخص فى عش هادئ للزوجية ورغم أنه حلم مشروع لكل فتاة وشاب إلا أنه أصبح صعب المنال فى العمار.
نقترب الآن من المأساة لعلنا نجد حلاً نستطيع به أن نعود للزمن الجميل زمن حدائق شجرة المشمش، الذى كان بالنسبة لأهالى العمار بمثابة المحصول الرئيسى وكانوا يعتمدون عليه فى تدبير احتياجاتهم طوال العام، ومنذ سنوات بدأت الأمراض تعرف طريقها إلى شجرة المشمش، فارتفعت معدلات الإصابة بـ«الندوة الصفراء والعنكبوت والمن والبياض وذبابة الفاكهة وحفارات السيقان» التى أدت إلى تآكل الأشجار، وكان من الطبيعى أن تنخفض إنتاجية الفدان من 6 أطنان إلى أقل من طن واحد وأحياناً تصل إلى ربع طن فقط.
أجرى المرشدون الزراعيون جولات ميدانية فى الحقول للوقوف على الآفات التى أصابت أشجار المشمش وتوجيه المزارعين، وإرشادهم عن المبيدات الفعالة لمكافحة هذه الأمراض والقضاء عليها، ولكن هذا لم يحدث وكانت النتيجة أن المبيدات التى استخدمت بدلاً من أن تقضى على الآفات تسببت فى إصابة الأشجار بالشلل.
وأرجع الدكتور رضا عمر، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة بنها، أسباب انقراض أشجار المشمش وتخلص المزارعين منه بنسبة 80٪ بعد أن قل متوسط إنتاج

الفدان، إلى عدم اهتمام المسئولين بوزارة الزراعة بهذا المحصول القومى، والسبب الآخر إلى المزارع الذى لم يقم بإحلال وتجديد الأشجار التى تعدت عمرها الافتراضى والتى أصيبت بآفات السيقان وهى عبارة عن حفر عملاقة فى الأشجار، علاوة على ذباب الفاكهة وما تحمله من مشاكل للثمرة تجعلها فى تساقط مستمر قبل النضوج، وكذلك انهيار شبكة الصرف المغطى فى الأراضى الزراعية وعدم قيام المسئولين بتجديدها مما أدى إلى ارتفاع مستوى الماء الأرضى وملوحة التربة التى أدت إلى تعفن الجذور، بالإضافة إلى انتشار عدد كبيرمن الآفات الأرضية و«الثيماتودا» والتى كانت سبباً رئيسياً فى ذبول الأشجار.
ويقول حسن أبوزيد، مزارع مشمش، يعتبر المشمش من الفواكه الصيفية ذات القيمة الغذائية العالية المفضلة للمواطن المصرى، ويدخل بجانب الاستهلاك الطازج فى كثير من الصناعات الغذائية وأهمها العصائر والمربات ورقائق المشمش التى تزيد من قيمته الاقتصادية.
وتتركز زراعة المشمش فى محافظتى القليوبية والفيوم والتى تصل مساحتها إلى 5 آلاف فدان معظمها من الأشجار البذرية التى تختلف فيما بينها فى طبيعة النمو ومواعيد التزهير والنضج وقيمة المحصول وجودة الثمار.. كما تبلغ المساحة المزروعة من صنف المشمش الكانينو حوالى 30 ألف فدان وتزداد المساحة المزروعة منه سنوياً نظراً للإقبال عليه ودخوله فى الإثمار مبكراً عن السلالات المحلية ومناسبة الظروف المناخية له فى مناطق زراعته بالأراضى الصحراوية، وتعد قرية العمار الكبرى مركز طوخ بالقليوبية من أكثر القرى زراعة للمشمش ويعتبر مشمش العمار من أجود الأنواع، حيث يتم التصدير منه بكميات كبيرة، إلا أن مشمش العمار تعرض فى السنوات الأخيرة خاصة هذا العام لانهيار كبير وأصبح الخراب فى العمار مخيفاً وتراكمت الديون على المزارعين.
ويقول محمد الخشاب، مزارع بالقرية: بيوتنا خربت وتراكمت الديون علينا.. والتقط منه الحديث محمد كامل، مزارع، حيث أكد تراكم الديون عليه بسبب هذا الانهيار قائلاً: «لقد اقترضت من البنك مبلغاً كبيراً على أن أسدده فى موسم المشمش ولكن للأسف الشديد ضاعت أحلامنا بانهيار المحصول وأصبحت مطارداً من قبل البنك ولقد تعبنا وعملنا اللى علينا ولكن جاءت النتائج سيئة للغاية.