رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عقارات الموت فى الإسكندرية تهدد أرواح المواطنين

بوابة الوفد الإلكترونية

مخاوف كبرى انتابت المواطنين بسبب عمارة السيالة بالإسكندرية، المائلة التى تقع فى منطقة بحرى، وظهر عليها عدة تصدعات، تسببت فى ميل العقار جزئيًا، وهو الأمر الذى تبعه إخلاء لسكانها المتواجدين فى 18 طابقًا، بالإضافة إلى إخلاء 4 عقارات مجاورة مؤقتًا، حفاظًا على أرواح ساكنيها.

وبات واضحًا أن الأزمة الحقيقية فى ملف العقارات المخالفة فى الإسكندرية يتطلب تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة عن الجهات المعنية فى المقام الأول، خاصة أن هناك الآلاف من قرارات الإزالة الصادرة منذ أكثر من 20 عاما، ولم يتم تنفيذها حتى الآن ما يزيد أزمة إضافية.

اصبح الشعب السكندرى يعيش كل يوم كابوسًا حقيقيًا من ظاهرة «انهيار العقارات» التى حصدت أرواح الكثيرين، قد شهدت المحافظة مسلسل انهيار العقارات القديمة والآيلة للسقوط على رؤوس سكانها فى الآونة الأخيرة، وأصبح  ملف العقارات الآيلة للسقوط من أهم العقبات التى تواجه الإسكندرية، خاصة فى ظل عدم تنفيذ قرارات الازالة والترميم الصادرة من الاحياء وذلك لتقاعس التنفيذيين عن المتابعة للقرارات الصادرة للعقارات المخالفة ويكون مصير هذه القرارات الادراج.

«قرارات الحى حبيسة الأدراج لم تنفذ»

يقول «محمد السيد» موظف: أنا عشت هذه المأساة عندما انهار العقار الذى اقيم فيه بمنطقة المعمورة سقطت إحدى عمارات المعمورة بمحافظة الإسكندرية، طاوية طوابقها على سكانها، لتحولهم إلى أشلاء لا يتبقى منها سوى ألبومات الصور التذكارية والمتعلقات الشخصية، تعيد الكرة نفسها مرة أخرى، وينهار عقار منطقة محرم بك بالإسكندرية يليه بشهر عقار كوم الشقافة وعقار كوم الدكة ثم عقار العطارين لتسجل محافظة الإسكندرية أعلى معدلات لانهيار المنازل على مستوى الجمهورية، وتتحول معها الإسكندرية إلى مدينة آيلة للسقوط، نتيجة لاستفحال تلك الظاهرة المترتبة على تجاهل الأسباب المؤدية إليها والفراغ التشريعى الذى يتيح للمخالفين التمادى فى مخالفاتهم. وانهيار هذين العقارين ليس الحادث الأول ولن يكون الأخير من نوعه، وتكرار سلسلة الانهيارات بين الحين والآخر يحتم على المسئولين وقفة حاسمة، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن هناك العديد من العقارات مهدد بالانهيار على مستوى المحافظة وبعضًا منها قرارات إزالته حبيسة الأدراج.

يقول أحمد سلامة المنسق بمنظمة حقوق الانسان: تعد الإسكندرية من أكثر المدن التى تنهار عقاراتها ويرجع ذلك إلى زيادة المخالفات فى التشييد والتعلية بأدوار مخالفة واستخدام مواد بناء ضعيفة لا تتحمل فترات طويلة بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة فى الجو، وتزداد نسبة سقوط العقارات خاصة الآيلة للسقوط فى فصل الشتاء بسبب الأمطار والعوامل الجوية، وتأثيرها على حالتها المتهالكة مما يؤدى إلى انهيارها.

وأسباب انهيار عقارات ومبانى الإسكندرية على وجه الخصوص يرجع إلى سنوات سابقة، حيث تقطن الأجيال المتعاقبة من الملاك والمستأجرين مبانى وعمارات قديمة انعدمت فيها الصيانة اللازمة على مدى تاريخ إنشائها، أما المبانى الحديثة التى ظهرت للوجود بعد ثورة 25 يناير، فى ظل غياب الرقابة الأمنية وعدم مراعاة النظريات والأسس الهندسية والعلمية المتبعة فى عمليات التشييد والبناء، فمعظمها مخالف. وكشف «سلامة» أن هناك 10 مناطق بمحافظة الإسكندرية غير آمنة حيث صنفت ما بين عشوائية وخطرة، وهذا بحسب الخريطة القومية للأماكن الخطرة والعشوائية وإعلان المحافظة عنها. تمثل هذه المناطق نسبة ٢٥% من إجمالى الكتلة العمرانية بالمحافظة، والمناطق الثماني هى (الهضبة الصينية، نجع العرب، وادى القمر، كوم الملح، مساكن الدخيلة القبلية، العرائس، عبد القادر، مأوى الصيادين، وطلمبات المكس أو خندق المكس) كما يوجد حوالى خمسة آلاف عقار وسط المدينة خاصة فى مناطق (كرموز والجمرك وغيط العنب والإبراهيمية) معرضه للانهيار.

ويأتى حى الجمرك غرب الإسكندرية فى مقدمة أحياء المحافظة من حيث احتوائه على أكثر المناطق التى تضم عقارات قديمة آيلة للسقوط، تهدد أرواح 187 ألف نسمة هم عدد سكان الحى. وتعد منطقة اللبان أكثر المناطق المنكوبة فى نطاق حى الجمرك، وهى من المناطق الشعبية القديمة والفقيرة، والتى نشأت بطرق عشوائية منذ عهد محمد على باشا، وينتشر بالحى المنازل القديمة وبعض ورش الحدادين ومخازن تجارة الأخشاب، وتعتبر من أكثر المناطق التى تشهد انهيارًا فى العقارات القديمة بالإسكندرية، وهى تمثل ظهيرًا لميناء الإسكندرية وتربط بين منطقة المنشية ومينا البصل، وتأتى منطقة بحرى فى المرتبة الثانية من حيث انتشار العقارات القديمة والتى تتبع حى الجمرك أيضًا، حيث تهدد العقارات القديمة حياة 150 ألف نسمة، ويتميز أهل المنطقة بالفقر النسبى، وتنتشر بالمنطقة ورش صناعة السفن، ويعمل أغلب سكان المنطقة إما فى صيد الأسماك أو بيعها فى حلقة السمك، وتعد منطقة بحرى من أحياء الإسكندرية القديمة التى سكنها الأتراك والمغاربة وبعض الأجانب فى عهد المماليك، وتنتشر بها الأبنية القديمة ويعد قصر رأس التين هو أقدم تلك المبانى والذى بنى فى عام 1834، كما تحوى منطقة المنشية التى تحظى بشهرة واسعة، وأحداث تاريخية كبرى، مجموعة من المبانى القديمة الآيلة للسقوط على رأسها محكمة الحقانية التى تم بناؤها 1886، وتضم المنطقة أقدم وأشهر ميادين الإسكندرية وهو ميدان المنشية والتى لها واقعة شهيرة لإلقاء الزعيم جمال عبد الناصر خطابًا من قلب الميدان، وتمتد المناطق الأكثر عرضة إلى انهيار العقارات القديمة إلى الشوارع الرئيسية الممتدة والتى تمثل ظهير منطقة المنشية، حيث توجد منطقة شارع السكة الجديدة والتى اشتهرت بالتجارة والفقر النسبى لسكانه والذى تعرض لحوادث سابقة فى انهيار العقارات القديمة. ثم يأتى حى غرب فى المرتبة الثالثة بين أحياء الإسكندرية، من حيث انتشار العقارات الآيلة للسقوط، ويحتوى حى غرب على 475 ألف نسمة تقريبًا، وتنتشر به بعض المناطق التى تمثل قنابل موقوتة وفى مقدمتها منطقة طابية صالح التى تقع

بين منطقة القبارى ومينا البصل، وقد شهدت المنطقة الشتاء الماضى عددًا من التصدعات والانهيارات الأرضية أدت إلى انهيار منزلين من المنازل العشوائية للأهالى، بالإضافة إلى إنشاء العشش العشوائية للأهالى على أرض تكاد تكون مفرغة لوجود سراديب «مقابر» جبانة مصر الغربية القديمة، ويوجد بالمنطقة ما لا يقل عن 200 أسرة مهددة فى 10 بلوكات سكنية متجاورة، منطقة كرموز وهى أقدم مناطق حى غرب أيضًا، وهى منطقة شعبية وبها عدة معالم سياحية أهمها «عمود السوارى» كما يوجد بها «مقابر كوم الشقافة» الأثرية وترجع أيضا للعصر الرومانى بالمدينة، وهى من المناطق الشعبية والتى يعمل سكانها فى التجارة حيث يوجد بها سوق من أهم اسواق المدينة وهو سوق «الساعة» حيث تكثر هناك محلات بيع الأقمشة والمفروشات والملابس النسائية. وتضم كرموز عدة مناطق تحتوى على المنازل القديمة أهمها منطقة غيط العنب، كوم الشقافة، جبل ناعسة، الكارة، باب سدرة.

ويأتى حى وسط فى المرتبة الثالثة بالإسكندرية، وبه 670 ألف نسمة، ويضم مناطق العطارين وكوم الدكة ومحطة مصر. حيث أنشئت منطقة العطارين مع إنشاء سوق (العطارين) كمركز تجارى هام، اشتهر بتجارة التوابل، فى ظل الفتح العربى لمصر، وبمرور الزمن، اختفت محلات العطّارين وظهرت محال بيع الأنتيكات والأثاث القديم والجديد فى عقد الخمسينيات من القرن الماضى ويشتهر بالمبانى القديمة على الطراز اليونانى والرومانى.

ويتلاحم حى العطارين مع المنطقة الخلفية لميدان «الشهداء» محطة مصر، وهى من المناطق الشعبية الفقيرة بوسط الإسكندرية، تنتشر بها المبانى القديمة ويعمل سكانها بالتجارة البسيطة بأسواق الخضار والفاكهة المحيطة بالمنطقة، والتى لا يتحمل سكانها نفقات الانتقال إلى سكن جديد. أما منطقة كوم الدكة فتعتبر من أشهر المناطق القديمة التابعة لحى وسط، والتى شهدت العام الماضى كارثة مفجعة تهدد سكان منطقة كوم الدكة الأثرية بأكملها، حيث تسبب ميل عقار مخالف فى انهيار وتصدع 16 عقارًا قديمًا مجاورًا له وهى منازل قديمة متهالكة، وسكانها يقطنون فيها، عائلات، فى حجرات متجاورة، ودورة مياه واحدة لكل من فى المنزل.

وأخيرًا يلحق حى المنتزه بباقى الأحياء التى تمثل مناطق خطرة تهدد أرواح السكان، حيث تأتى منطقة أبوقير، التابعة لحى المنتزه ثان والتى شهدت مؤخرًا انهيار عقار قديم متأثرًا بسقوط الأمطار الغزيرة على الإسكندرية وراح ضحيته 3 أشخاص وأصيب 8 آخرين.

تقول «ميادة حسن» موظفة - المسئول عن مسلسل انهيار العقارات هى الأحياء لأنه يوجد تقاعس وإهمال شديد داخل الأحياء والموظفون يعتمدون على الشغل الروتينى، نجد الحى يحرر محاضر مخالفة وتوضع فى الادراج وايضا يتم تحرير قرارات الترميم للعقارات وقرارات ازالة للعقارات المخالفة ولم تتم وتظل القرارات محبوسة داخل الادراج ولم يخطر بها أصحاب العقارات ولم يتم ابلاغ السكان ويتم اخراج هذه القرارات عقب حدوث الكارثة فوجئ المواطنين بالقرار فى تحقيقات النيابة لكى يؤمن الحى نفسه من المسئولية، وهنا تحدث المشكلة بين المواطنين والحى ويدفع مواطنو العقار ثمن اهمال وتقاعس الحى فى العمل، إلى اين تستمر هذه المهزلة ولماذا لم توجد مراقبة من موظفي الحى على العقارات التى صدر لها قرار ترميم ووضع لافتة على العقار بخطورته وصدور له قرار ترميم وتحرير محاضر مخالفة للسكان واجبارهم على ترميم العقار تحت اشراف هندسى من المحافظة قبل وقوع الكارثة.

 قال المهندس الاستشارى عمرو السيد: النقطة الأساسية فى الخطة العلمية التى يجب أن نتّجه إليها لحل هذه المشكلة المُزمنة، تتلخَّص فى مشروع الرقم القومى للعقار والمُدوَّن فيه كل بيانات العقار من تاريخ إنشائه، ومواصفاته وأعمال الترميمات التى تمّت عليه وسجل الصيانة المُرتبِط به..كل هذا يجب أن يكون متوافرًا فى قاعدة معلومات قومية ضخمة لجميع العقارات الموجودة على مستوى الجمهورية».