عيد البسطاء.. شكل تانى
للعيد فرحة تصل إلى الجميع، ولا تستثنى أحدا، حتى غير القادرين تشملهم فرحة العيد، ولهذا فهم أكثر شغفاً وشوقاً إلى مقدمه، لأنه يأتى حاملاً معه مساعدات الخير، التى تجسد أروع أشكال التكافل الاجتماعى أيام العيد.
وعزبة خير الله بمصر القديمة، إحدى شهر مناطق مصر القديمة.. يسكنها آلاف البسطاء الذين يملكون بالكاد قوت يومهم وبعضهم يحلمون بلقمة العيش، وآخرون لا يملكون سوى قول ايا ربب لتغمر السكينة قلوبهم جميعهم.. الست فى تلك المنطقة بمائة رجل تتحمل المشاق من أجل أن توفر لأطفالها حياة كريمة خاصة فى ظل غياب الزوج أو انقطاعه عن العمل.
رغم قسوة الحياة تصلهم فرحة العيد ويحتفلن به على طريقتهم الخاصة. دخلنا الى «عزبة خير الله» وهى منطقة يصعب على السيارة الدخول فيها بسبب ضيق شوارعها.. تلال القمامة يلهو فيها الأطفال الذين اتخذوا بقايا الزجاجات الفارغة لعبة يلهون بها.
أما سكان المنطقة فقد تفنن الشقاء فى رسم ملامح وجوههم الا أن حالة الرضا التى يتمتع بها معظم النساء هناك لافتة للنظر.
عروسة مريم
تقول أم «مريم» فى الأربعينيات من عمرها لديها 3 أطفال.. وهى تعمل فى فرن للعيش حتى تتمكن من الانفاق على أسرتها خاصة أن زوجها مريض وهى تقول: أقوم بدفع ايجار 400 جنيه شهريا.. ننتظر قدوم العيد كل عام، لأن ولاد الحلال يأتون لزيارتنا ويوزعون علينا اللحوم ويسعد الأطفال كثيرا بذلك وتضيف أم مريم وهى تبتسم ابتسامة مليئة بالرضا: الحمد لله مستورة وسأظل أعمل حتى آخر نفس لدى.. وبجوار أم «مريم» كانت تجلس ابنتها الصغرى «مريم» وكل ما تتمناه هو ملابس جديدة للعيد وعروسة تلهو بها.
كشك أم عزة
أما أم عزة - 65 سنة - تعيش داخل مسكن بسيط أسقفه مصنوعة من الخشب وتتساقط عليها الأمطار فى فصل الشتاء، الزوج هجرها منذ زمن طويل، وهى تقول: أعيش مع ابنتى الصغرى وحفيدتى وأدفع ايجارا 450 جنيها شهريا وكثيرون يقومون بمساعدتنا.
وبالرغم من مشقة الحياة فى العزبة، إلا أن أهالى المنطقة يجتمعون سويا فى الأعياد ويقومون بإعداد الطعام البسيط المتوفر لديهم ويلهو الأطفال من حولهم فى جو من المرح والسعادة .
وأضافت أم عزة: ان كل ما تتمناه هو أن تتمكن من تجهيز ابنتها حتى «تسترها» وتصمت «أم عزة» قليلا وكأنها تفكر ثم تستكمل حديثها قائلة: نفسى فى مشروع صغير «كشك» أو عربة خضار عشان أقدر أصرف بيها على بنتى وحفيدتى.
حالة من الرضا
أم صباح - سيدة مسنة مصابة بشلل
وحاولت «أم صباح» أن تمنع دموعها التى سقطت على وجهها رغما عنها وهى تقول: أنا راضية باللى ربنا كتبهولى وكل ما أتمناه هو الشفاء....وتقوم «أم صباح» رغم مرضها بخدمة نفسها، فهى تأكل كسرة من الخبز وبعض قطع البلح لتسد به جوعها.
أحفاد أم ياسر
أم ياسر.. عند رؤيتها تشعر أن ملامحها البسيطة مزيج ما بين التجاعيد التى رسمها الزمن على وجهها بشقائه فتعطيها مظهرا أكبر من سنها وبين ملامحها التى تنطق بالطيبة وتجعلك تشعر بأنك تعرفها منذ زمن طويل.. يعمل زوجها فى أحد أفران العيش دخله اليومى لا يتعدى الـ 20 جنيها فى اليوم ويأخذ 15 رغيفا من الخبز.. تدفع ايجارا 400 جنيه شهريا، لديها 5 أولاد قامت بتزويجهم كلهم.. وهى كثيرا ما كانت تقوم بحرمان نفسها من «اللقمة» من أجل إطعام أطفالها. وهى تشعر أن دورها لم ينته بعد، فهى تقوم برعاية أحفادها فى أوقات كثيرة.. وكل ما تتمناه أن تراهم سعداء، لذا تجدها تدخر بضعة جنيهات قليلة من أجل شراء الحلوى لهم والملابس الجديدة فى العيد.. وهى تبتسم وتقول: يكفينى رؤية أحفادى يلهون من حولى حتى أنسى كل همومى وأحزانى.