رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حضر المرضى وغاب الأطباء (3)

بوابة الوفد الإلكترونية

الوحدات الصحية بالمحافظات تتحول إلي مبانٍ لتسجيل المواليد والوفيات

 

على الرغم مما تبذله الدولة وحرصها الدائم على وضع مصلحة المواطن نصب أعينها، خاصة فى مجال الصحة والحرص على توافر العلاج والدواء للمواطن البسيط على مستوى محافظات مصر، فإن الإهمال الذى تشهده بعض المؤسسات الطبية الحكومية يقف عائقًا أمام اكتمال المنظومة التى تهدف للحفاظ على صحة ورعاية المواطنين، وتستكمل «الوفد» اليوم ما تم رصده من مخالفات صاخبة داخل الوحدات الصحية بقرى ومراكز المحافظات التى أنفقت الدولة عليها ملايين الجنيهات وهجرها الأطباء.

تشهد الوحدات الصحية بغرب الإسكندرية نقص الخدمات الصحية بوحدات القرى كونها غير مجهزة،‏ والأخرى بدون طبيب‏، ومنها المغلقة تمامًا، والتى من المفترض أنها مجهزة بتخصصات الباطنة، والأسنان، والمسالك البولية، وأمراض النساء والتوليد.

الوحدات الصحية التى تم إنشاؤها من أجل تقديم الخدمات الطبية المجانية للمواطنين، خاصة البسطاء منهم تعانى أشد المعاناة من النقص الحاد فى الأطباء والكوادر البشرية من أطقم التمريض والأدوية والمستلزمات الطبية وأصبحت مجرد لافتات فقط ليس بها أية خدمات، الأمر الذى أدى إلى تدهور أحوالها ومعظمها لا يقدم سوى التطعيمات وتسجيل المواليد والوفيات.

فى منطقة غرب نجد أن الوحدات الصحية بمنطقة بنجر السكر ونجع العرب تحولت إلى وحدات لتطعيم الأطفال وتقييد المواليد فقط.

وقال أهالى قرية بنجر السكر غرب الإسكندرية: إن القرية تبعد حوالى أكثر من ساعة عن بوابة الإسكندرية على الطريق الصحراوى وتعتبر من المناطق الريفية ويوجد بها وحدة صحية واحدة تعمل فى الفترات الصباحية فقط وفى تخصصات محددة.

وأضاف الأهالى أنه فى حالة الطوارئ يقومون باستئجار سيارة خاصة والذهاب إلى مستشفى العامرية العام الذى يبعد حوالى 45 دقيقة داخل حى العامرية لاستقبال الحالة، وإنقاذها، مؤكدين أن حالات عديدة لم يستطيعوا إنقاذها بسبب بُعد المسافة عن المستشفيات العامة.

كما شهدت الوحدات الصحية بالمناطق العشوائية بعزبة سكينة والعوايد  وابيس وشرق المدينة تدنيا وإهمالا وغياب رقابة والمرضى «فئران تجارب» غياب أطباء ونقص أدوية.

وكشفت ممرضة - رفضت ذكر اسمها - أن الوحدات الصحية لم يعانِ منها المرضى فقط، بل نحن أيضاً نعانى من  نقص فى الإمكانات الطبية حتى لعمل الإسعافات الأولية، ولا يوجد أطباء بها، ويقتصر دورها على التطعيمات ومتابعة السيدات الحوامل فقط، وذلك لأن الكثير من الأطباء يرفض البقاء فى الوحدات الصحية، ويتم تكليف الأطباء المبتدئين وهم أيضاً يحضرون للتكليف وهم متضررون ولا يقومون بعملهم حبا فى أداء واجبهم ومعالجة المريض، بل نجد الطبيب يقدم الخدمة وهو فى أشد الغضب والمواطن الغلبان هو الذى يدفع الفاتورة.

وفى الدقهلية، تواجه الوحدات الصحية بالقرى العديد من المشكلات، فبدلاً من أن تكون ملجأ للمرضى من البسطاء فى القرى أصبحت مبانى مهجورة يتواجد بها مجموعة من الموظفين الذين لا يستطيعون تقديم يد العون للمرضى.

فالوحدات الصحية لا تقدم ما هو منوط بها واقتصر دورها على التطعيمات ووسائل منع الحمل وحتى بعض الوحدات لا تستطيع تقديم هذه الخدمة وتكتفى بتسجيل الحضور والانصراف للموظفين العاملين بها، فى حين أننا نعانى نقص الخدمات الصحية وارتفاع كثافة المرضى بالمستشفيات المركزية والعامة والجامعية بالمحافظة.

وفى سياق متصل، أكد أهالى قرية نوسا الغيط التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية غضبهم بسبب الإهمال الذى يضرب الوحدة الصحية بالقرية ذلك المبنى الذى يتكون من ثلاثة طوابق بتكلفة تصل لنحو أكثر من خمسة ملايين جنيه والذى من المفترض أنه يخدم وحدة محلية كاملة مكونة من 6 قرى فقد تحول إلى مبنى بلا قيمة ليقف شاهداً على إهدار المال العام فهو مسكن للأشباح، فالوحدة تم إنشاؤها عام 2006 وكانت مجهزة بالمعدات والهيكل الإدارى الجاهز للتشغيل إلا أن المشروع تبخر بمرور الوقت بحجة عدم توافر هيكل طبى يقوم بتشغيلها وتم سحب الأجهزة والأسرة إلى المستشفيات الأخرى.

وفى الفيوم، لم يختلف الأمر كثيرًا عن سابقتها، فالمريض يعانى الأمرين بحثًا عن العلاج أبسط حق من حقوقه التى كفلها له الدستور والقانون، حيث يذهب المرضى للمستشفيات الحكومية والوحدات الصحية بحثًا عن علاج لآلامهم دون جدوى، لا سيما وسط غياب أغلب الأطباء بالتخصصات المختلفة، الأمر الذى يضطر الأهالى وذويهم من المرضى إلى الانتظار بالساعات لحضور الطبيب أو أحد الأطباء الممارسين الجدد.

وفى مركز يوسف الصديق بالفيوم، شكا أهالى القرية عدم تشغيل المستشفى المركزى والذى تم الانتهاء منه منذ عام 2008 على مساحة 4200 متر مربع ويتكون من أربعة طوابق ومهبط للطائرات والاكتفاء بالاعتماد على مستشفى إبشواى المركزى للحصول على الخدمات الطبية، ما يتسبب فى زيادة الضغط وحدوث تكدس وازدحام المرضى على أبواب المستشفى وكذلك تحمل المواطنين أعباء المواصلات وصعوبة الطرق على مرضى الأمراض المزمنة.

ولا يختلف الحال كثيراً فى الوحدة الصحية بمنشأة ظافر والتى أنشئت منذ 13 عاماً ولا يوجد بها أدنى خدمة سوى الموظفين الذين يقومون بتوقيع الحضور والانصراف عند الظهيرة، وعندما يأتى إليها الطبيب لساعات محدودة أسبوعياً لا يتم صرف الأدوية من صيدلية الوحدة، بل يقوم المرضى بشرائها من الصيدليات الخارجية، وتسربت مياه الصرف الصحى داخل الوحدة الصحية، ما ساعد على ظهور الحشائش والنباتات البرية التى أصبحت مرتعاً

للحيوانات فى فناء الوحدة.

أما محافظة قنا والتى يوجد بها أكثر من 241 وحدة صحية موزعة على مختلف قرى ونجوع مراكز ومدن المحافظة، يعمل بها حالياً نحو 70 طبيباً، بنسبة عجز تخطت 85% ويمثل عدد الأطباء الموجودين حالياً على أرض الواقع بالوحدات الصحية 14% إذا تم حساب طبيب واحد لكل وحدة صحية، والتى من المفترض وجود 2 من الأطباء كحد أدنى، لكل وحدة صحية.

وتلجأ مديرية الصحة بقنا لمواجهة العجز المتفاقم بالوحدات الصحية التابعة لها، لعمل انتداب للأطباء، وتقسيم أيام العمل على عدة وحدات صحية لطبيب الوحدة ما جعل أغلب الوحدات الصحية فى المحافظة تعانى نقصاً حاداً فى الأطباء رغم وجود طبيب على قوتها.

وأوضح مصدر مسئول بمديرية الصحة بقنا، أن الوحدات الصحية بقنا، تعانى نقصاً شديداً فى الأطباء، خاصة فى تخصصات العظام والتخدير والأشعة، بجانب وجود نقص فى الأدوية والأمصال الطبية والمحاليل، بداخل الوحدات الصحية، بالإضافة لوجود نقص شديد فى عمال النظافة.

ورجح عدد من الأطباء حالة العجز التى تشهدها جميع محافظات الصعيد، خاصة محافظة قنا، إلى تدنى أجور مرتبات الأطباء التابعين لوزارة الصحة، ما جعل العديد من الأطباء يلجأون للعمل بالمستشفيات الاستثمارية والعيادات الخاصة، بجانب سفر البعض منهم خارج البلاد.

وفى محافظة الغربية شهد عدد كبير من الوحدات الصحية خطة إحلال وتجديد من الخارج السنوات الماضية، لتجد نفسك أمام مبنى جميل من الخارج ومهجور من الداخل بلا أطباء ولا أجهزة طبية ولا خدمة صحية حقيقية، اللهم إلا حملات التطعيمات التي يتناولها الرضع والأطفال.

ويتعامل المسئولون فى محافظة الغربية مع مشاكل العاملين فى الوحدات الصحية والمرضى بشكل سطحى، فكل ما على المسئول هو المرور المفاجئ على دفتر الحضور والانصراف وإحالة العشرات من طاقم الأطباء والممرضات إلى التحقيق بسبب عدم التواجد فى مقر عملهم دون أن يبحث عن أسباب ترك الطبيب لعمله؟.. وهل متوفر لديه الأجهزة والإمكانيات التى تساعده على أداء عمله أم لا؟

وفى هذا الصدد تقول لمياء السيد، طبيبة نساء وتوليد بإحدى الوحدات الصحية: أمارس عملى  داخل الوحدة الصحية بصعوبة بالغة وأعتمد في كل الكشوفات على الكشف الظاهرى وحسب، بسبب عدم وجود سونار، كما أننى لا أتمكن من تركيب وسائل منع الحمل في  أوقات كثيرة بسبب تعطل جهاز التعقيم وتابعت الطبيبة متسائلة: «كيف أمارس عملى كطبيبة بدون أبسط الوسائل والأدوات ما يترتب عليه التشخيص الخطأ لبعض الحالات وتحمل الطبيب المسئولية وحده؟».

وتكتظ أغلب الوحدات  الصحية بعشرات الصيادلة فى حين أن الصيدلية خاوية على عروشها ولا تحتوى سوى على بعض الأصناف التى تعد على أصابع اليد الواحدة مثل أدوية الكحة والسخونية.

من المشاكل التى تؤثر على عمل الوحدات الصحية هى مشكلة الإدارة، حيث ينص القانون على ضرورة أن يتولى إدارة مراكز الرعاية الصحية طبيب بشرى وهو ما يجعل ملف إدارة الوحدات فى يد خريجى كلية الطب الجدد الذين يؤدون تكليفهم ويفتقدون إلى  فنون الإدارة  والتعامل مع الأزمات.

شهدت الوحدات الصحية بالقرى داخل محافظة القليوبية تدنى مستوى الخدمة وغياب الأطباء وكذا تردى مستوى النظافة، الأمر الذى أدى إلى استياء الأهالى وضجرهم نتيجة لانتشار القمامة داخل الوحدات الصحية بالقرى والمراكز والتى يأتى على رأسها الوحدة الصحية بقرى «نوى والقشيش» مركز شبين القناطر – والتى غاب عنها الأطباء، والتجهيزات الطبية وانعدام الخدمات الصحية التى تخدم المرضى.

وأكد الأهالى غياب الخدمات الطبية عن الوحدات الصحية والمستشفى القروى داخل المراكز والقرى بالمحافظة، فضلاً عن غلق البعض منها بعد الثالثة عصراً، ونقص الرعاية والأدوية الأمر الذى يضطرهم إلى اللجوء إلى المستشفيات والعيادات الخاصة وتكبدهم مبالغ مالية كبيرة للحصول على العلاج.