رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شم النسيم عيد كل المصريين.. وأسباب تناول البيض والفسيخ والخس في هذا اليوم

بوابة الوفد الإلكترونية

عيد شم النسيم ليس له أى علاقة بالأديان وغير مقصور على الأقباط، ولكنه عيد لكل المصريين، هذا ما أكده أحمد عبدالعال محمد، مدير عام آثار الفيوم السابق، الذى التقيناه فى رحلة قصيرة للماضى البعيد، لنعرف من أين جاءت هذه المناسبة المهمة التى يحبها ويفضلها المصريون ويحتفلون بها كل عام، ولماذا البيض والبصل والخس والأسماك المملحة هى التى يأكلها المصريون فى هذا العيد، وما علاقة الأديان بهذه المناسبة التى كثر حولها الجدل؟

 شم النسيم كما يقول "عبدالعال" يأتى فى اليوم التالي لرأس السنة القبطية وعيد القيامة المجيد والذي يتم تحديده طبقا للحساب القبطي ويأتي في شهر برمودة بالتقويم القبطي ويوافق عادة من8 الى 29 أبريل من كل عام، وقسم المصرى القديم السنة إلى ثلاثة فصول وهى "الاخت" فصل الفيضان ويليه مباشرة فصل "البرت" وهو فصل الشتاء وبعده مباشرة فصل "الشمو" وهو الصيف والأخير فيه حصاد الغلة أو الحبوب أو الحنطة الذى تم زراعتها بعد فصل الفيضان، ومن هنا جاء شم النسيم من "الشمو" الحصاد وهو عيد يرمز عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان أو بداية خلق العالم كما كانوا يتصورون.

 

تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة. وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بـ "الانقلاب الربيعي" ويتحول الاحتفال بعيد شم النسيم – مع إشراقة شمس اليوم الجديد إلى مهرجان شعبي، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات حاملين معهم أنواعا معينة من الأطعمة التي يتناولونها في ذلك اليوم، مثل: البيض، والفسيخ (السمك المملح)، والخَسُّ، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر). وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص ارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم عند الفراعنة - بما يمثله عندهم من الخلق والخصب والحياة. فالبيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" – إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد. ولذلك فإن تناول البيض – في هذه المناسبة - يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين. وكانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد. ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم. وتطورت هذه النقوش - فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض. أما الفسيخ – أو "السمك المملح" – فقد ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة مع بدء الاهتمام بتقديس النيل وأظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ.

وذكر "هيرودوت" – المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد عن تناول المصريين للسمك المملح وكتب عنها أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم كذلك كان البصل من بين الأطعمة

التي حرص المصريون القدماء على تناولها في تلك المناسبة وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم وكان الخس من النباتات المفضلة في ذلك اليوم وقد عُرِف منذ عصر الأسرة الرابعة، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب" واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة، فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم.

ويضيف "عبد العال" ان شم النسيم في مصر احتفل به أتباع الديانات السماوية الثلاث وقد أخذ اليهود عن المصريين احتفالهم بهذا العيد فقد كان وقت خروجهم من مصر – في عهد "موسى" مواكبًا لاحتفال المصريين بعيدهم وقد اختار اليهود – على حَدِّ زعمهم - ذلك اليوم بالذات لخروجهم من مصر حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم حاملين معهم ما سلبوه من ذهب المصريين وثرواتهم لانشغالهم بالاحتفال بعيدهم، ويصف ذلك "سِفْر الخروج" من "العهد القديم" بأنهم: "طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا، وأعطى الرَّب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين".

 

وعندما دخلت المسيحية مصر جاء "عيد القيامة" موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم فكان احتفال المسيحيين "عيد القيامة" – في يوم الأحد ويليه مباشرة عيد "شم النسيم" يوم الاثنين، وذلك في شهر "برمودة" من كل عام وسبب ارتباط عيد شم النسيم بعيد القيامة هو أن عيد شم النسيم كان يقع أحيانا في فترة الصوم الكبير ومدته 55 يوما كانت تسبق عيد القيامة ولما كان تناول السمك ممنوعا عند المسيحيين خلال الصوم الكبير وأكل السمك كان من مظاهر الاحتفال بشم النسيم فقد تقرر نقل الاحتفال به إلى ما بعد عيد القيامة مباشرة.

ومازال هذا التقليد متبعا حتى يومنا هذا واستمر الاحتفال بهذا العيد في مصر بعد دخول الإسلام تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور يحمل ذات المراسم والطقوس وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.