رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ربع المقاعد للمرأة فى مجلس النواب من مفاخر النصوص الدستورية

بوابة الوفد الإلكترونية

المرأة المصرية ضربت مثلًا فى القدوة والوطنية والنضال

صناديق الاقتراع تشهد بقدرة المرأة المصرية على التغيير نحو الأفضل

 

إن المشاركة الشعبية فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، تمثل تجسيدًا لمبدأ مشاركة المواطنين، فالشعب المصرى يناضل دومًا فى سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويعتزم أن يبنى بهذا الاستفتاء مؤسساته الدستورية، أساسها مشاركة كل مصرى ومصرية فى تسيير الشئون العامة وصنع القرارات السياسية، وحقه فى مراقبتها، والمشاركة فى رسم السياسة العامة، والتعديلات الدستورية المعروضة للاستفتاء نصت على هذه المشاركة المعترف بها للمواطنين فى تسيير شئونهم من أجل ضمان تفعيلها عمليًا.

وفى أحدث بحث علمى للفقيه  المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بعد أن فرغ من بحثه الأول عن أهمية التعديلات الدستورية شارك ببحثه الثانى بعنوان: (المشاركة الشعبية فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية ومصر تنادى.. دراسة تحليلية فى ضوء  الديمقراطية التشاركية لصناعة عقد اجتماعى جديد بين الدولة والمواطنين والتمكين السياسى الاستراتيجى فى صنع القرار) المنشور على الصفحة الرئيسية لكلية الحقوق جامعة المنوفية، فإننا نعرض للجزء الثالث من تلك الدراسة القومية الفريدة عن أهمية المشاركة الشعبية الاستفتائية على التعديلات الدستورية فى تاريخ بلادنا.

أولًا: المرأة المصرية كافحت وحصلت على حقها فى الاقتراع فى دستور 1956 وحصلت على ربع مقاعد البرلمان 2019:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن حق المرأة فى التصويت الانتخابى أو الاستفتائى مر عبر التاريخ الدستورى فى العالم، بمراحل متطورة عانت فيها المرأة عمومًا بكافة الدول فى الحصول على حقها فى التصويت ومصر من بينها، فقد مر حق المرأة فى الانتخاب والاستفتاء بمراحل تطور منذ قانون الانتخاب الصادر فى أول مايو 1883 الذى كان يقصره على كل مصرى وفى قانون الانتخاب رقم 11 لسنة 1923 قصره على كل مصرى من الذكور، وهكذا أيضًا فى قانون رقم 4 لسنة 1924 واستمر الوضع فى ظل دستور 1930 ثم صدر قانون الانتخاب رقم 38 لسنة 1930، ثم اُلغى هذا الدستور فى نوفمبر 1934 وإعادة قانون الانتخاب القديم رقم 11 لسنة 1923 ثم صدر قانون الانتخاب رقم 148 لسنة 1935 مقررًا مبدأ الاقتراع العام المباشر دون السماح للمرأة بحق التصويت، ولم تيأس المرأة المصرية، فتم تأسيس أول حزب سياسى للمرأة تحت اسم الحزب «النسائى المصرى» عام 1942. وطالب الاتحاد النسائى المصرى فى عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب بإشراك النساء مع الرجال فى حق التصويت، وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية، وبفَضل كفاح المرأة مَنَح دستور 1956 المرأة المصرية لأول مرة حقوقها السياسية الكاملة بعد حرمانها من حقوقها السياسية. فأبسط قواعد الديمقراطية تجعل الحكم للشعب كله وليس لجزء منه فقط. وبالتالى فإن المرأة المصرية كافحت وحصلت على حقها فى الاقتراع  منذ 63 سنة وحصلت على ربع مقاعد البرلمان 2019.

ثانيًا : صناديق الاقتراع ستشهد بقدرة المرأة المصرية على الاصلاح والتغيير نحو الأفضل:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن المرأة المصرية أدركت منذ البداية، أن صوتها يصنع الفارق فى المشاركة بالإدلاء بالصوت الانتخابى أو الاستفتائى رغم التحديات الأسرية والمجتمعية المتداخلة، فالسلوك السياسى للمرأة المصرية صار يتجه إلى صوب الايجابية، فقد أصبحت مدركة أن صوتها الانتخابى أو الاستفتائى يصنع فرقًا كبيرًا، وأنها جديرة بحقوقها التى كفلها لها الدستور والقانون، وأنها باتت حرة الإرادة فى أن صوتها الاستفتائى سيذهب لتحقيق المصالح العليا للبلاد والتنمية للمجتمع دون تأثير من الزوج أو الأبناء أو الأقارب أو العشيرة، فهى جزء أساسى من نسيج المجتمع ومؤثر جدًا فى العملية الاستفتائية والمشاركة فى صنع السياسات، وحجم إيمان المرأة المصرية بقدرتها على التغيير نحو الأفضل، وأن صوتها الاستفتائى  النابع من رغبتها الذاتية سيكون لمصلحة المجتمع، لأنها قاسم مشترك للرجل فى بيته كأم وزوجة وابنة وأخت وفى عمله كزميلة، لقد أصبحت صناديق الاقتراع تشهد بقدرة المرأة المصرية ودورها الإيجابى نحو الأفضل.

ثالثًا: تخصيص ربع مقاعد البرلمان للمرأة المصرية من مفاخر النصوص الدستورية عالميًا وتتويجًا لكفاحها وليس تمييزًا فى مفهوم الاتفاقية الدولية .

يقول الدكتور محمد خفاجى إن أول مادة فى التعديلات الدستورية المقترحة التى تحمل رقم (102) فقرة أولى أعتبرها من مفاخر النصوص الدستورية على مستوى العالم، لأنها تضمن للمرأة الحد الأدنى من أقل من المساواة مع الرجل فى الميدان السياسى، بل ومتفقًا من روح الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وقد أثارت تلك المادة الكثير من اللغط لدى البعض، وتصور هذا البعض أنها مادة فى الدستور تخالف النصوص فوق الدستورية، وهو ادعاء خالٍ من الدقة الدستورية، على الرغم من أنها من مفاخر النصوص الدستورية للمرأة وتمثل تتويجًا لكفاح المرأة المصرية عبر تاريخها السياسى.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى: أن الرأى عندى فى ضوء النصوص التى تضمنتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، أن نص التعديلات الدستورية الخاص بالمرأة والذى تضمنته أول مادة فى التعديلات الدستورية، ليس تمييزًا لصالح المرأة فى مفهوم أحكام تلك الاتفاقية، لأن تخصيص مقاعد بنسبة الربع لا يصل حتى إلى المساواة مع الرجل بانتصاف المقاعد بينهما، بل هو ضمان للحد الأدنى من مبدأ المساواة مع الرجل فى الميدان السياسى، وأعتبر ذلك النص المقترح من مفاخر النصوص الدستورية عالميًا، ويمثل ذلك النص تتويجًا لكفاح المرأة المصرية عبر تاريخها السياسى الحافل الذى سجلته عدسة الزمن وتفوقت به على قريناتها فى بلدان كثيرة.

 رابعًا: ضمان ربع المقاعد للمرأة بالبرلمان متفقًا ومتسقًا ومنسجمًا مع الاتفاقية الدولية ومصر صدقت عليها بعد أسبوعين فقط من دخولها حيز النفاذ:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن النص الدستورى المعدل محل الاستفتاء بضمان مقاعد للمرأة بالبرلمان لا يقل عن الربع متفقًا ومتسقًا ومنسجمًا مع النصوص الدولية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عن الأمم  المتحدة، جميع النصوص الواردة فى تلك الاتفاقية والمتصلة بحق المرأة فى مبدأ المساواة مع الرجل فى الميدان السياسى، وهى ليست من المواد التى تحفظت عليها مصر اتفاقًا مع روح الشريعة الإسلامية. واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ فى 18 ديسمبر 1979 والتى دخلت حيز النفاذ فى 3 سبتمبر 1981، وصدقت جمهورية مصر العربية عليها بتاريخ 18 سبتمبر 1981، أى بعد أسبوعين فقط من دخولها حيز النفاذ، ونشرت بالجريدة الرسمية فى العدد رقم 51 بتاريخ 17 ديسمبر 1981 وبذلك تكون مصر من أولى الدول المصدقة على هذه الاتفاقية.

وأضاف الدكتور خفاجى أن المادة الأولى من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أوضحت معنى التمييز ضد المرأة بقولها: (لأغراض هذه الاتفاقية يعنى مصطلح «التمييز ضد المرأة» أى تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية فى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو فى أى ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل)، كما تضمن نص المادة (3) من تلك الاتفاقية معنى المساواة للمرأة مع الرجل فى كافة الميادين خاصة السياسية، حيث نصت على أنه: (تتخذ الدول الأطراف فى جميع الميادين، ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما فى ذلك

التشريعى منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل).

وأضاف الدكتور خفاجى: تعرضت المادة (4) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عن أن تعجيل أى دولة لحقوق المرأة فى مساواتها بالرجل ليس تمييزًا ومثالها نصوص حماية الأمومة بقولها: «(1) لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزًا بالمعنى الذى تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أى نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ فى الفرص والمعاملة. (2) لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما فى ذلك تلك التدابير الواردة فى هذه الاتفاقية، إجراء تمييزيا.» أما المادة (7) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فكانت صريحة فى حق المرأة فى المساواة مع الرجل حتى فى مجال حق التصويت الانتخابى أو الاستفتائى بقولها: تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في: (أ) التصويت فى جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التى ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام. (ب) المشاركة فى صياغة سياسة الحكومة وفى تنفيذ هذه السياسة، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية.(ج) المشاركة فى أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.

خامسًا: أصدرت 3 اَلاف حكم لصالح المرأة المصرية واُدرك قيمتها وتقدير الدولة لها:

إننى أعتبر نفسى من أكثر القضاة حظًا فى مصر، بإصدار أكبر عدد من الأحكام القضائية لصالح المرأة المصرية فى كافة ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية المتصلة بالشأن الوظيفى والتى تزيد على ثلاثة اَلاف حكم، لذا فأنا اُدرك قيمة المرأة واُدرك تقدير الدولة لها مع كثيرين، حتى وجدت نفسى مضطرًا فى القضية المعروفة إعلاميًا بامرأة الكفيف بوصف المرأة توصيفًا دقيقًا يوضح دورها فى الكفاح بالقول: «إن المرأة المصرية كانت سندًا ركيزًا للرجل فى كفاحه ضد الاستبداد على مدار ثوراته فى التاريخ، خاصة منذ أوائل القرن الماضى حتى الاَن، سعيًا للحرية وبلوغًا لأواصر الديمقراطية، وضربت للرجل مثلًا فى القدوة والوطنية، وغدت مصابيح الحضارة المصرية فى النضال والتضحية، وكان دورها فى تنمية المجتمع عنصرًا فاعلًا بعد أن ذاقت القهر والمهانة والاضطهاد فى عصور الظلام، على الرغم من أنها الكوكب الدرى الذى يستنير به الرجل وبدونها لا تستقيم الحياة، فهى فى الحق تاج الخليقة ومكونة المجتمع، فلها عليه سلطة المشاركة، فلا يعمل فيه بشيء إلا بها ولأجلها.

وقد أوضحت فى هذا الحكم الفضائل الكريمة واَداب السلوك للمرأة المصرية، وأثرها على حسن أداء الوظيفة العامة بالقول: «إنه كان حريًا بالرجل ألا يستأثر بجنى ثمار الحرية، وأن يهدهد من أطماعه العاتية لتبسط المرأة يديها الحانية فتشاركه قطوفها الدانية، وما من ريب فى أن ما تعطيه المرأة لأسرتها من الفضائل الكريمة واَداب السلوك يؤثر حتمًا على حسن اضطلاعها بالوظائف العامة التى تقوم بها، مما يستوجب على كافة المسئولين بالدولة ألا يتغافلوا تجاه المرأة عن كفالة التوازن والتوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، وهو ما ارتقى به المشرع الدستورى ليضحى من الحقوق الدستورية الأصيلة للمرأة»، وها هو النص الدستورى المعدل الجديد وضع المرأة فى المكانة التى تليق بها فى الميدان السياسى بعد كفاح طويل يعد نموذجًا فى التضحية فى كافة المجالات.

سادسًا: المرأة قوة فتحت القلوب وأخضعت التيجان وحكمت العالم منذ فجر التاريخ وتستحق ربع مقاعد البرلمان:

يقول الدكتور محمد خفاجى إننى أدعو الرجل أن يكف عن غطرسته وكبريائه تجاه المرأة، تلك التى حملته وهو نطفة، واعتنت به وهو رضيع، وربته وهو طفل، وهذبته وهو ناشئ، وشاركته وهو زوج، وواسته وهو كهل، وبعد كل هذا التبجيل والتقدير ينبغى أن يعترف الرجل للمرأة بأن جهله بقيمتها كان سببًا مباشرًا فى تدهورها ردحًا من الزمان سجله عليه التاريخ، وأتوجه بنداء إلى كل الرجال الذين يعتقدون أن المرأة مخلوق ضعيف لا يستحق ربع مقاعد البرلمان أقول لهم لا، إن المرأة قوة فتحت القلوب وأخضعت التيجان وحكمت العالم منذ فجر التاريخ، ما شاءت وما أرادت، فحتشبسوت الراقدة فى قبرها، وكليوباترا الماثلة فى تابوتها، وفيكتوريا المضطجعة فى رسمها، وإيزابيلا القادرة العجيبة، وجان دارك التى حررت فرنسا وغيرهن ممن لا يتسع لهن مقالى أثبتن بالدليل القاطع على أن المرأة لا تقل بأى حال من الأحوال عن الرجل فى إدارة شئون الحكم والبلاد.

وغدًا نعرض للجزء الرابع من هذه الدراسة الفقهية والتجربة الفريدة فى عرضها فى ذات النطاق الزمنى للعملية الاستفتائية على التعديلات الدستورية، لتقوم بتنوير الشعب عن أصول المشاركة.