رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د.هاني سري الدين يكتب : ماذا ننتظر من البرلمان القادم؟

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

البرلمان ركيزة من ركائز الديمقراطيات فى العالم. منه تصدر التشريعات، وبه تتحقق الرقابة الحقيقية على السلطة التنفيذية، ويتحسن الأداء وتصلح الأحوال. لذا أتمنى أن يكون البرلمان القادم مختلفًا عن البرلمان الماضى. آمل أن يتغير الأداء ونشهد ممارسات نيابية أكثر قوة وأفضل تعبيرًا عن التنوع والتعدد. أنتظر دورًا نيابيًا متكاملًا يتجاوز مجرد تمرير التشريعات الجديدة، والتوقيع عليها دون رقابة بناءة ونقد واعٍ لأداء الحكومة.

البرلمان هو عين الشعب على الحكومة، وهو صوت الأمة لدى السلطة، ورجاله يُفترض بهم الحنكة السياسية، والوعى اللازم لفرز ومراجعة عمل الحكومة، وتقييمه، والتنبيه للإيجابيات والسلبيات والعمل على تحقيق الإصلاح التام خدمة للوطن.

إن برلمان 2015 أنجز العديد من التشريعات، وإن كنت أتحفظ على أدائه فيما يخص دوره الرقابى. إننى أعى أن بعض الظروف التى مرت بها البلاد وقت تشكيله أدت إلى خروج دوره الرقابى بصورة غير براقة، مما دفع إلى ضغط بعض الأعمال وتقليص الدور المفترض القيام به، والتعجيل بالموافقة على كثير من التشريعات الضرورية لإعادة الاستقرار لكثير من الأوضاع، أتفهم تراخى مفهوم الرقابة المفترضة للبرلمان على الحكومة وأدائها إلا قليلًا، لكننى الآن على ثقة أنه آن الأوان الدولة لتعظيم دور البرلمان بما يتلاءم مع نصوص الدستور، فالبرلمان امتداد حقيقى للشعب، ومعبر مباشر للشعب وينبغى أن يمارس دوره الرقابى بوضوح أكبر.

لقد كنت أرى أن قيام البرلمان بمناقشة رؤية الحكومة وخطتها العامة مناقشة مستفيضة وتفصيلية أكثر أهمية من مناقشة القوانين الجديدة، لأن الرؤية هى التى تحدد أولويات القوانين والقرارات الإصلاحية المفترض تعديلها واقرارها.

وكنت أتمنى أن تعلن الحكومة مبدئيًا عن خطة عمل للإصلاح الهيكلى والمؤسسى، تتم مناقشتها وبحثها والتحاور بشأن آثارها المتوقعة وتوقيتاتها الزمنية، ليتم بعد ذلك تحديد أولويات وخطوات الإصلاح التشريعى.

لقد بدا ذلك غائبًا عن الدورة السابقة، وحسبى أن أردد أن ما لا يدرك كله، بالضرورة لا يترك كله، وأننا أمام لحظة تاريخية تدفعنا إلى الاصطفاف

والاحتشاد لتجويد وتحسين الأداء فى ظل منظومة بناء عظيمة ورغبة وإرادة إصلاح غير مسبوقة. وهنا، فإن البرلمان هو طريق الإصلاح المجتمعى، ووسيلة لتحسين الأوضاع العامة. هو ذراع تساعد فى تحقيق التنمية، وأداة تنبيه لأخطاء محتملة فى الأداء.

لقد كان الدور الرقابى للبرلمان الأخير غائبًا تمامًا، لم نشهد مناقشات قوية وواعية تستهدف الإصلاح، لم نتابع استجوابات صحيحة تسعى لتحسين الأداء العام، لم نر طلبات إحاطة لافتة تنم عن خبرات عظيمة وعميقة، لم نطلع على أسئلة عميقة تعبر عن دور ممثلى الشعب فى الرقابة لتحقيق مصلحة الوطن.

إننى أعتقد أن مصر التى عرفت الحياة البرلمانية مبكرًا جدًا عن أقرانها فى منطقة الشرق الأوسط، ربما منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر، لديها خبرات واسعة وعقول واعية ونواب على قدر كبير من الفهم والوعى، وأحزاب سياسية لديها بعض التواجد فى الشارع، يمكنها أن تغير شكل العمل البرلمانى، وتجعله أكثر فائدة للوطن، وأكثر تعبيرًا عن الديمقراطية الحقيقية.

إن قطع الطريق تمامًا على قوى الإسلام السياسى المتطرفة الراغبة فى السيطرة على الشارع المصرى، وهدم أى مشروع حضارى وطنى، يستلزم تفعيلًا حقيقيًا لدور البرلمان، وحرصًا ورغبة فى تحويله لعقل للدولة المصرية، يعيد الحسابات ويراجع وينقد ويُحسّن ويسعى دوما نحو الأفضل.

وسلامٌ على الأمة المصرية.