رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مؤتمر جماهيرى حاشد للبدوي فى طنطا


لقى الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد استقبالاً شعبياً حافلاً من الآلاف الذين احتشدوا فى المؤتمر الجماهيرى الكبير مساء الثلاثاء 12 يوليو فى مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية.

فى بداية المؤتمر طلب عادل بكار رئيس اللجنة العامة للوفد فى الغربية وعضو الهيئة العليا من الحاضرين الوقوف دقيقة حداداً على أرواح شهداء الثورة.

ثم تحدث عادل بكار، فأكد أن الوفد ينحاز منذ 1919 انحيازاً كاملاً للوطن والمواطنين ومنذ ثورة الزعيم سعد زغلول قائد ثورة 1919 فإن الوفد مدرسة للديمقراطية والحرية وتخرج منها الزعيم مصطفى النحاس وفؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية صاحب المواقف الوطنية.

وأضاف لقد تم نفى سعد باشا زغلول وزملائه وخاض الوفد نضالاً فى العديد من المراحل التاريخية لدرجة اعتقال من قاموا بحضور جنازة مصطفى النحاس.

وفى ظل النظام الفاسد السابق أرسى الوفد قواعد عظيمة للديمقراطية، فقد فاز د.السيد البدوى برئاسة الوفد وخرج متعانقاً مع الرئيس السابق للحزب محمود أباظة تأكيداً لمبادئ الحزب.

حديث من القلب

وتحدث بعد ذلك الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد وسط حفاوة بالغة، وفيما يلى نص خطاب رئيس الحزب..

" فى الكثير من المواقف يعجز الإنسان عن التعبير عن مشاعر الحب والامتنان والعرفان .. وحقيقة الأمر أننى لا أجد من الكلمات ما أعبر بها عن تلك المشاعر وأنا أقف بين هذا الجمع الكريم من أهلى وإخوانى وأخواتى أبناء مدينة طنطا وأبناء الوفد من كل مكان .

-أتحدث إليكم الآن فى لحظة أكبر من كل وصف .. أتحدث إليكم الآن والوطن يمر بمرحلة استثنائية وفارقة .. مرحلة تتحدد فيها ملامح حياتنا ومستقبل أبنائنا .. مرحلة تتطلب منا اليقظة والحضور وتفرض علينا دقة الاختيار .

-لقد خرج الملايين قبل خمسة شهور برسائل حملوها من كل أنحاء مصر وللأسف يبدو أن الرسائل لم تصل .. أتكلم هنا على المستوى السياسى الذى يبدو حتى الآن غائباً عن اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب .

-أتحدث معكم الآن ونحن فى أيام تتجدد فيها الثورة المصرية بحثاً عن تغيير حقيقى .. تغيير فى أسلوب التفكير وفى آلية اتخاذ القرار وفى الخطوات على الأرض .

هل كان للمصريين أن يخرجوا فى ميادين مصر يوم الجمعة 8 يوليو للانتخابات أولاً أو الدستور أولاً ؟ هذا لم يحدث فتلك معارك الساسة والنخبة ، ولكن كان الخروج مجدداً لأن البناء لم يبدأ بعد .. كان الخروج لأن الدم المصرى ظل يبحث عمن استباحه .. خرج الناس لأن حياتهم اليومية سيطر عليها نفس المنهج ونفس الوجوه، كم مرة طلبنا وحذرنا من المجالس المحلية والتى لم يتم حلها إلا من أيام .. كم مرة طالبنا فيها بفهم حقيقى لحجم ما حدث وترجمة له على حياة الناس .. كم مرة حذرنا من الطلقاء وأصحاب المصالح .. حذرنا من التباطؤ فى تقديم قوانين جديدة عادلة .. حذرنا من ثغرات قانون يهرب منها من استباح الدم المصــرى الطاهــر وأهـدره .

العقيدة صمام الأمان

إن العقيدة التى تحكم القوات المسلحة وشكلت نواة تاريخها وعمرها هى التى جعلت هذه القوات شريكة فى الثورة وليست مجرد راعية أو داعمة أو حامية كما يحلو للبعض أن يردد .. وستبقى هذه العقيدة هى صمام الأمان والأهم والأوحد لهذه الدولة التى لن تسقط طالما بقيت هذه العقيدة وبقى أصحابها من خلاصة مصر وخير أجناد الأرض .

إن الأحداث وتتابعها تتطلب قرارات حاسمة وعقيدة سياسية نفتقدها ولا يمكن أن نتلكأ فى التعامل معها .. لقد قامت فى مصر ثورة فهل كان لهذه الثورة عقيدة حقيقية ؟

هذا ما علينا الاعتراف بأننا نفتقده .. ومازالت العقول تنظر لميدان التحرير ولطنطا والسويس وأسوان والإسكندرية وغيرها من مدن مصر إما بنظرة المماطلة المقاومة للتغيير الناكرة لحجم الحدث، أو بنظرة بعض السياسيين القاصرة المتلهفة لثمرة ومكسب سريع لا وجود له إلا فى خيالاتهم، فالمرحلة القادمة هى مرحلة غرم وجهاد وبناء وشقاء لكل من ستختاره الأقدار لتحمل المسئولية .

والحمد لله لم يكن الوفد لا هذا ولا ذاك .. فقد أدركنا حجم الحدث وضخامة المسئولية وصعوبة تحملها، مدركين أنه امتداد لثورات المصريين عبر القرون .. خرج من الوفد أفكار وعقول تنتمى للمستقبل لكنها تستمد الفهم والإدراك من رصيد الماضى عندما صنع المصريون ثورتهم عام 1919 وكانت توقيعات التوكيلات وبصمات الأصابع فى مواجهة حكم استبد بالداخل وإمبراطورية الخارج التى احتلت مصر .. هو نفس المشهد .. تغير اللاعبون وتغيرت الوسائل بحكم الزمن فصارت البصمة إلكترونية وانتقلت الأفكار عبر الشاشات وخطوط الاتصال.

- هذا الامتداد التاريخى الواصل بين الماضى والمستقبل هو ما جعل الوفد قادراً اليوم أن يكون طرفاً أصيلاً جامعاً ومُوحِداً لأكبر تحالف سياسى من أجل مصر .. تحالف يستلهم روح الثورة ووحدة الصف وتقديم المصالح العامة الوطنية على المصالح الشخصية الضيقة والمحدودة والمكاسب الرخيصة .

- إننا نعلم يقيناً أن الأهداف العظيمة للثورة والآمـال العريقة لشعب مصر لا يستطيع أن يقوم بها فصيل وحده أو حزبٌ بمفرده، ولكن لابد من تضافر كل الجهود وتكاتف كل القوى الشعبية كى تحقق القوى المصرية أهدافها وغاياتها فى بناء مصرٍ جديدة تقوم على أُسس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .. مصرٌ جديده ينعم أبناؤها بحياة كريمة وعمل مناسب ومسكن ملائم وعلاج آدمى وتعليم حقيقى .. مصر جديدة تحقق لأبنائها العدل والمساواة والأمن والأمان .. مصر المواطنة والوحدة الوطنية .. مصر المحبة و التسامح .. من أجل كل هذا دعونا للتحالف الديمقراطى من أجل مصر واتفقنا على مبادرة تتضمن المبادئ العامة الأساسية التى تتوافق عليها أطياف المجتمع المصرى والتى تمثل البنية الأساسية للنظام الديمقراطى الحر العادل الذى ناضلت فى سبيله أجيال متوالية وقامت ثورة 25 يناير من أجل تحقيقه.

المبادئ الأساسية للثورة

.. تلك المبادئ الأساسية التى تهتدى بها الجمعية التأسيسية التى سينتخبها البرلمان القادم لإعداد مشروع الدستور الجديد .. من هنا تأتى أهمية البرلمان القادم بمجلسيه الشعب والشورى ومن أجل هذا كان التحالف، فالبرلمان القادم لا يجب أن يكون كأى برلمان فى تاريخ مصر، لايجب أن يشكل من حزب يحصل على الأغلبية وأحزاب فى مقاعد المعارضة .. فالدستور لا يجب أن تضعه أغلبية تمثل فكراً واحداً، ولكنه عقد اجتماعى بين الشعب والدولة وبالتالى يجب أن يضعه برلمان يمثل كافة الأطياف والقوى السياسية المصرية .. من أجل هذا كانت الدعوة للتحالف الديمقراطى من أجل مصر .. تحالف لا يستبعد أحداً ومفتوحٌ للجميع .. تحالف من أجل برلمان يعبر تعبيراً كاملاً عن شعب مصر وثورته المجيدة .. تحالف من أجل حكومة وحدة وطنية تستطيع أن تعبر بمصر الى بر الأمان فى أصعب ظرف سياسى واقتصادى واجتماعى تمر به البلاد .. فمصر فى خطر والثورة فى خطر ومستقبل أبنائنا فى خطر .. فأعداء الثورة الكامنين فى الداخل أكبر عدداً وأكثر تنظيماً وتغلغلاً فى المؤسسات السياسية والرسمية والشعبية .. وأعداء الثورة فى الخارج يعملون بكافة الوسائل ويرصدون مئات الملايين من الدولارات لإجهاض الثورة .. أعداء مصر فى الخارج يريدون إحداث فوضى تنتهى بنا إلى عراق جديد، يريدون أن يترحم الناس على أيام النظام السابق الذى كان يرضخ ويستسلم للقرار الأمريكى الذى لا يعنيه سوى إسرائيل وأمنها على حساب مصر واستقرارها ونهضتها .

- إن خصوم الخارج وعلى رأسهم أمريكا تعمل بكافه الأساليب كيف تسيطر على القرار المصرى بعد أن ظهرت إرادة شعب مصر فى فتح معبر رفح والمصالحة الفلسطينية والعودة إلى القارة الأفريقية وعودة أفريقيا لمصر والتقارب المصرى الإيرانى واستعاده مصر بفضل ثورتها لمكانتها التى تستحقها إقليمياً ودولياً.

- لقد رصدت الولايات المتحدة الأمريكية مئات الملايين من الدولارات بزعم دعم الديمقراطية فى مصر وصرحت سفيرتها أنه تم تخصيص 160مليون دولار أى ما يقرب من مليار جنيه لـ 60 منظمة لدعم الديمقراطية وتنفيذ الأجندة الأمريكية الصهيونية.

بخلاف تمويل العديد من وسائل الإعلام الفضائى والمقروء لتوجيه الرأى العام والسيطرة عليه وإحداث البلبلة والفوضى عند الاقتضاء .

هذا بخلاف ما خصصه الاتحاد الأوروبى حيث أعلن عن دفعة أولى 20مليون يورو لدعم عدد من المنظمات والأحزاب الجديدة .

مستقبل الوطن

- أعلم أنكم تتابعون ما يحدث وعقولكم تملأها الحيرة والقلق حول مستقبل الوطن وعما يحدث الآن من غياب لدور الدولة وضعف قبضتها وما نراه من مظاهر الانفلات والفوضى التى أصبحت تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمع .. نحن الآن فى حالة الانتقال بين مرحلة المرض ومرحلة استجماع القوة وهى من أخطر مراحل الثورة وأكثرها عرضة للانتكاس .. و ما نراه اليوم من حالات الفوضى والصراعات والشائعات والاتهامات هى أعراض لما تعانيه هذه المرحلة الخطيرة من حياة شعب مصر.

أعلم يقينا أن المصريين وأنتم قلبهم النابض قد عانوا كثيراً ومازالوا يعانون .. يعانون من الفقر والبطالة وسوء الخدمات فى الصحة والتعليم والإسكان، وتدهور المرافق .. كل هذا واقع تراكم عبر عقود طويلة من الفساد والاستبداد وإهدار ثروات الوطن .. لأجل هذا قامت الثورة، ولكن هل نريد إصلاح ما أفسده حكم الفرد عبر ستين عاماً فى بضعة أشهر .. إن ما يحدث الآن هو أخطر ما يهدد الثورة .. يجب علينا ألا ننسى أن المتربصين من أعداء الثورة فى الداخل والخارج وكل من لا يريد لمصر أن تنهض يستغلون فقر ومعاناة واحتياج المواطنين لدفعهم لمظاهرات احتجاجية لا يمكن حساب نتائجها إذا طال زمن تلبية مطالبهم والتى تحتاج لموارد كبيرة ليس من السهل تدبيرها على المدى القصير ..إن الاقتصاد المصرى فى خطر .. تراجع الإنتاج وتوقف الاستثمار العربى والأجنبى، وتراجع دخل قناة السويس، ويكاد قطاع السياحة أن ينهار، وتوقف التصدير نتيجة لتراجع الإنتاج، وتراجع الاحتياطى من النقد الأجنبى بما سوف يؤدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار وما سوف يعقب ذلك من ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، ولن أكون مبالغاً إذا قلت إننا إذا لم نتماسك ونوحد صفوفنا وننسى خلافاتنا ونجعل همنا الوحيد هو تحقيق أهداف الثورة، ونعى خطر مايهددنا فإن مصر سوف تعلن إفلاسها وهذا ما يريده أعداء الثورة فى الداخل حتى نترحم على أيام العهد البائد، وما يريده أعداء مصر فى الخارج كى نستمر تابعين نتسول قوت يومنا ومن لا يملك قوت يومه لا يملك إرادته.

هذا قليل من كثير يهدد ثورتنا المجيدة التى قامت لتطالب بصيغة وطنية تحقق للمواطن مكانته وتتحقق بها مكانة الوطن .. صيغة تكفل لأبنائنا وطناً مختلفاً .. وطناً يكفل كل الحقوق لأبنائه، تكون فيه الغلبة للعدل والمساواة والمواطنة، لا للمال أو الجاه أو النفوذ المغتصب .. تلك هى الغاية الكبرى لثورتنا العظيمة، ولكننا نؤمن بأن الغايات لا يمكن أن تتحقق بالكلمات والشعارات أو النوايا الطيبة ولكنها تحتاج إلى وعى يقظ وإنكار ذات وإعلاء صالح الوطن عن أى مصالح سياسية أو طائفية أو فئوية .. نحتاج إلى دولة قوية تبسط هيمنتها من خلال القانون، لاتهاون فى كل ما يمس أمن المواطن أو استقرار الوطن .

نحن الآن فى أشد الحاجة إلى وقفة مع النفس ومراجعة المواقف .. موقف ممثلى الشعب من أحزاب وحركات وقوى وائتلافات سياسية ونحن منهم .. موقف الحكومة .. وموقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة .

ولنبدأ بأنفسنا ونقول لقد قام الشعب بثورته من أجل إعادة بناء دولة مدنية تقوم على أسس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة .. دولة حديثة تحقق الرخاء والتنمية، وينعم كل مواطن فيها بحقه فى حياة كريمة .. دولة حديثه أساها العدل واحترام حق الإنسان فى أن يحصل على عمل مناسب ومسكن ملائم وعلاج آدمى وتعليم حقيقى, لم تقم الثورة من أجل تفتيت المجتمع وكسر وحدته الوطنية، ليس لدينا رفاهية الظرف والزمان التى تسمح لنا بتبديد طاقاتنا وتفتيت وحدتنا فى خلاف "هل الدستور أولاً أم الإنتخابات البرلمانية أولاً " .. من هنا كانت دعوتنا لتحالف وطنى واسع يضم الجميع نتفق على خارطة طريق للانتقال إلى الحرية والديمقراطية.

تحقيق أهداف الثورة

ولتحقيق أهداف ثورة 25 يناير وتتمثـل الخطــوات فيمايلى:

أولاً : وثيقة المبادئ الأساسية التى يتضمنها الدستور الجديد والتى يراعى فيها كل ما صدر من وثائق من كافة الشخصيات والقوى الوطنية.

ثانياً: وضع المعايير التى سيتم على أساسها انتخاب الجمعية التأسيسية التى ستضع مشروع الدستور الجديد بحيث تضمن تمثيل الأزهر والكنيسة والنقابات المهنية والاتحادات النوعية (عمال وفلاحين ...) والجامعات والمرأة وأصحاب الفكر والرأى فى المجتمع وغيرهم بحيث يكون تمثيلاً حقيقياً للمجتمع المصرى بكل فئاته وطوائفه وطبقاته .

ثالثاً : يصدر بما تقدم مرسوم من المجلس الأعلى للقوات المسلحة يكون ضماناً لتنفيذ تلك المبادئ والمعايير .

رابعاً : يدعى لانتخابات برلمانية فى إطار تحالف وطنى واسع بنظام القوائم النسبية المغلقة حتى يكون لدينا مجلس نيابى يمثل الأمة ويتحدث باسم الشعب ويشرع ويساءل ويراقب.

خامساً : يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة شئون البلاد .

سادساً : يجتمع البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى لانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها هل هو

حكم رئاسى أو برلمانى أو شبه رئاسى .

سابعاً : بعد إقرار الدستور يتم انتخاب رئيس للبلاد .

ونبدأ فى بناء مصر الحديثة بمؤسساتها السياسية القوية القادرة على تحقيق الرخاء والأمن والعدل والمساواة والاستقرار.

أما فيما يتعلق بالحكومة ورئيسها الدكتور عصام شرف والذى أعلن يوم اختياره رئيساً لمجلس الوزراء أنه يستمد شرعيته من ميدان التحرير، فليس هذا معناه أنه مسئول أمام هذا الميدان فقط ولكن هذا يعنى أنه يستمد شرعيته من مبادئ وقيم الثورة التى كان ميدان التحرير رمزاً لها .. نلك القيم التى تجلت فى الإرادة والصلابة والقوة والعزيمة فى مواجهة كل ظلم أو استبداد أو خروج على القانون .. قيم الحق والعدل .. قيم الأمن والأمان للمواطن الذى أصبح غير آمن على نفسه وماله وعرضه .. نريده أن يشكل حكومة من رجال دولة وطنيين أقوياء شرفاء قادرين على حماية الثورة من محاولات إجهاضها حكومة لا يفرضها أصحاب الأجندات الخاصة أو أى قوى خارجية .. حكومة مبدأها سيادة القانون وتطبيقه بحزم وحسم، ولا تسمح بالخروج عليه أو الخضوع للابتزاز باسم الثورة أو الاستسلام أمام غضب فى غير موضعه وبغير حق .. إن الشارع المصرى يعانى من انتشار أعمال الفوضى والبلطجة والاعتداء على الأرواح والأملاك يعانى من غياب دور الدولة ومؤسساتها، ونحن لن نقبل أن تتحول مصر إلى عراق جديد يسودها الفوضى والنزاعات والصراعات، ومن هنا أكرر ماسبق وأن وجهته لقواتنا المسلحة ومجلسها الأعلى .. إن الشعب المصرى يكن لقواته المسلحة كل المحبة والإجلال ويعلم يقيناً أنها المؤسسة الوحيدة المتماسكة والتى تمثل له طوق النجاة فى تلك المرحلة الحرجة من تاريخ مصر .. كما يعلم أنها جزء أصيل من نجاح ثورته .. يؤمن بعظمة دور القوات المسلحة الممتد والمعبر عن نبض شعب مصر على مدار تاريخه .. نعلم يقيناً أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتحمل ما يفوق طاقته ونعلم أنه كالقابض على جمرة من النار، يريد أن يتخلص منها ويسلمها فى أسرع وقت لحكومة مدنية منتخبة ولرئيس مدنى منتخب .. يتاح لكم مالا يتاح لنا من معلومات عن كل المؤامرات والتحركات التى تحاك لمصر من أعداء الداخل والخارج ولكن ما نراه رؤى العين وأصبح واضحاً لنا هو تسارع إيقاع المؤامرات المتتابعة من أجل دفع البلاد الى حافة الهاوية ولا يقابلها رد حاسم وقاطع .. مازلنا نرى الخيوط تتجمع لتضع الشارع المصرى فى خطر كلما ضاقت الدوائر لتحقيق مطالب الثورة التى كنتم داعمين لها ومعترفين بشرعية مطالبها والرد غير واضح أو مؤثر .

أعلم يقينا أنكم تحترمون القوانين السائدة وأنكم لا تريدون إصدار قوانين جديدة وتتركون هذا الأمر للمجلس التشريعى المنتخب، وأعلم أيضا أن للسياسة أساليبها والتى اضطررتم إليها ولكن أيضا للشعوب أولوياتها والشعب المصرى ينظر إليكم كقادة عسكريين أصحاب قرار وحسم وحزم فى مواجهة ما يهدد استقرار الوطن وأمن المواطن لا يعرفون التردد أو المهانة فى مواجهة قلة تبحث عن دور وتحاول القفز على الثورة وجنى ثمارها والادعاء بأنهم من صانعيها على حساب أبطال الثورة الحقيقيين وصناعها وهم شعب مصر العظيم شبابه الطاهر ورجاله ونساؤه وشيوخه .. نعم مع حرية التعبير والتظاهر المتحضر الذى كان وسيظل نموذجاً أذهل العالم ولكن لا للعدوان على المؤسسات الحيوية التى هى ملك لنا .. لا لقطع الطرق وترويع المواطنين وهم أهلنا وإخواننا .. لا لشل المرافق العامة وتعطيل مصالح شعب مصر .. لا للفوضى الهدامة التى يحرض عليها أصحاب الأجندات الأمريكية الصهيونية، هذا هو ما نريد من قواتنا المسلحة أن تكشفه للرأى العام وتواجهه بالقانون والمشروعية.

وقبل أن أختم حديثى أود أن أؤكد لكم أن الوفد الذى كان ومازال سيظل حزب الوطنية المصرية والدستور واستقلال القرار الوطنى متمسك بثوابته ولن يحيد عنها .. نؤمن بدولة المواطنة والقانون .. نؤمن بالحرية السياسية التى تقوم على أسس التعددية الحزبية والفكرية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة .. نؤمن بالحرية الاقتصادية المقترنة بالعدالة الاجتماعية وحسن توزيع الدخل وتقريب الفوارق بين الطبقات .. نؤمن بدور مصر الرائد فى المجال العربى والإسلامى والأفريقى .. نؤمن بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وبالقيم الروحية التى أرستها الديان السماوية جميعاً، وبالوحدة الوطنية .. وهنا لابد لى من وقفة وأنا أرى وحدتنا الوطنية فى خطر، فالوحدة الوطنية كانت وستظل هى حجر الزاوية فى حماية مصر من أى تدخل خارجى فى شئونها .. وإننى أتساءل ماذا أصابنا فلننظر إلى تاريخنا هل كان أجدادنا وأباؤنا الذين صنعوا ثورة 1919 أقل تمسكاً بدينهم منا الآن .. لا بل كانوا أكثر تديناً وأحسن خلقاً وقيماً ولكنهم أيضاً كانوا أكثر فهما وعلماً بصحيح الأديان كانوا أكثر حكمة وتعقلاً وإدراكاً .. لقد قاموا بثورة شعبية بعظمة ثورة 25 يناير المجيدة وهى ثورة 1919 .

عاش الهلال مع الصليب

هذه الثورة التى قال عنها غاندى أنا ابن ثورة 1919 التى علمت الدنيا .. علمت الدنيا الوحدة الوطنية فقد امتزجت دماء المسلمين والمسيحيين وهى تروى حرية هذا الوطن واستقلاله وارتفعت الأعلام وهى تحمل الهلال معنقاً الصليب ورددت الملايين شعار الدين لله والوطن للجميع وعاش الهلال مع الصليب، وقدم الأقباط المئات من الشهداء فى معارك الثورة .. وقف القس مرقص سرجيوس على منبر الأزهر يخطب فى الناس قائلاً إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم فى مصر لحماية الأقباط فليمت الأقباط جميعاً ولتحيا مصر .. فى يوليو 1922 قدم 7 من أعضاء الوفد للمحاكمة العسكرية من بينهم 4 من الأقباط، وقد حكم عليهم جميعاً بالإعدام واستبدل الحكم بالسجن 7 سنوات .. هذه هى الوحدة الوطنية التى صنعها أجدادنا ومارسها الشعب المصرى والتى وصفها اللورد كرومر الذى عاش فى مصر 24 عاماً وهو صاحب سياسة "فرق تسد" - قال "إنك لا تستطيع أن تفرق بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى غير أن الأول يذهب إلى المسجد والثانى يذهب إلى الكنيسة".

هل ترى هذه الأيام ما كنا نفخر به كشعب واحد يدين بديانتين؟! هلى ترى هذه الأيام الوحدة الوطنية التى كانت ثقافة وعقيدة قبل أن تكون شعاراً يردد.

إن ثورة 25 يناير صنعها شعب مصر مسلمين وأقباط لم يفرق رصاص الغدر بين المسلمين والأقباط لم تكن دماء الشهداء حزبية أو دينية ولكنها كانت دماءٌ مصرية .. لا تسيئوا لهذه الثورة العظيمة .. ضعوا نصب أعينكم أننا مصريون منذ أكثر من سبعة آلاف عام .. نعم نحن مصريون قبل الأديان ومصريون بعد الأديان وسنظل بإذن الله مصريين على مدى الزمان .. لقد رحب شعب مصر العظيم على أرضه وفى قلوب أبنائه بالديانات السماوية الثلاث وضرب مثلاً فى المحبة والتسامح والوحدة الوطنية التى نحن الآن فى أمس الحاجة إلى التمسك بها حتى لا نفاجأ كل يوم بلغم جديد ينفجر فى وجوهنا فى شتى أنحاء مصر .

وهنا لابد وأن أشيد بوثيقة الأزهر الشريف بشأن مستقبل مصر والتى تتضمن 11 محوراً تحدد المبادئ الحاكمة لفهم علاقة الإسلام بالدولة، ترسم شكل الدولة الديمقراطية الحديثة ونظام الحكم فيها، تدفع بالأمة فى طريق الانطلاق نحو التقدم الحضارى بما يحقق عملية التحول الديمقراطى ويضمن العدالة الاجتماعية ويكفل لمصر دخول عصر إنتاج المعرفة والعلم وتوفير الرخاء والسلم مع الحفاظ على القيم الإنسانية والروحية والتراث الثقافى وذلك حماية للمبادئ الإسلامية التى استقرت فى وعى الأمة وضمير العلماء والمفكرين من التعرض للإغفال والتشويه أو الغلو وسوء التفسير، وصوناً لها من استغلال مختلف التيارات المنحرفة التى قد ترفع شعارات دينية طائفية أو أيديولوجية بعيدة عن ثوابت أمتنا ومشتركاتها، تحيد عن نهج الاعتدال والوسطية وتناقض جوهر الإسلام فى الحرية والعدل والمساواة، وتبعد عن سماحة الديان السماوية كلها.

فتحية للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وتحية لكل المفكرين والعلماء الذين اشتركوا فى وضع هذه الوثيقة التى أعادت للأزهر دوره الذى افتقدناه على مدى نصف قرن من الزمان .

وختاماً أؤكد لكم بأن موقف الوفد منذ اللحظات الأولى كان عاكساً لثوابته الوطنية وأولويات الناس، وحتى لحظات مغيب شمس الجمعة الماضية فى التحرير كنا مدركين لرسالة ميدان التحرير وغيره من الميادين فى مدن مصر على اختلافها، وقلنا إن للميدان كلمته .

إن الثورات لا يجب أن تتحرك وفق إيقاعات مختلفة ولابد من توحيد الاتجاه وفهم لرسائل الناس وأولوياتهم .. هذه الأولويات التى ربما يكون لنا فى الوفد أسلوب ومنهج مختلف عن آخرين فى معالجتها، لكن ليس هذا هو الموضوع الآن .. الموضوع الآن هو تحقيق العدل على الأرض وعلى مستوى السياسة .. الموضوع الآن هو النظرة الجامعة الشاملة التى تحقق مطلب الثورة وأهدافها.