رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"المصور" تتهم هيكل بفبركة سير تاريخية


اتهمت مجلة (المصور) شبه الحكومية الكاتب الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل بفبركة سير تاريخية والكذب فيما يخص وقائع تاريخية تتعلق ببعض الأشخاص الذين كانوا عناصر فاعلة في أحداث ثورة 23 يوليو، أبرزهم: المشير عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى ونائب رئيس الجمهورية وصلاح نصر رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق وشمس بدران وزير الحربية الأسبق، مؤكدة أن "الكتابة الدرامية" التي اتبعها هيكل فيما يخص هذه الشخصيات تختلف عن "الكتابة التاريخية الصادقة " .

 

استندت المجلة في اتهامها لهيكل – والذي كتبه محمد الصباغ ناشر السيرة الذاتية لصلاح نصر – لرسائل نشرها "نصر" في مذكراته الشخصية بأجزائها الخمسة، تتضمن حوارات مع هيكل ألمح فيها الأخير أن كل ما نشر عن "نصر" في صحيفة الأهرام عقب تنحية صلاح نصر بغرض تشويه صورته كان بمثابة أخبار جري إبلاغ الاهرام بنشرها (من خصوم نصر غالبا) أي ليست مسئولة عنها.

تشوية صلاح نصر

ونوه كاتب التحقيق – في عدد المصور الأربعاء 22 ديسمبر 2010 - لأن ما سرده وكتبه هيكل وإطلالاته على قناة الجزيرة في قطر عن سيرة المشير عبد الحكيم عامر حتى يوم الجمعة 9 يونية 1967 وصلاح نصر حتى يوم 26 أغسطس 1967، كانت رواية مرتبكة "عمداً" عن هذه الفترة.

وأشار أن صلاح نصر تقدم باستقالته المسببة للرئيس جمال عبد الناصر يوم 9 يونية 1967 "اعتراضاً على عمليات إلقاء القبض العشوائي على بعض أفراد جهاز المخابرات العامة " ، ولكن ما كتبه هيكل إزاء هؤلاء الأشخاص الثلاثة تحديداً كان "دراما سياسية" و"لم يكتب أبداً الوقائع الصحيحة والدقيقة، فلقد اختلط معه الزمن، والغرض، فتداخلت العوالم، أو أراد لها هو أن تتداخل، حتى إنه يمكن إعلاء صفة "الكاتب الدرامي" على صفة "الكاتب الصحفي" في وصف إبداع الأستاذ هيكل في هذه الأعمال" .

قال محمد الصباغ في رده علي هيكل: إنه برغم صدور حكم ابتدائي من إحدى محاكم القاهرة، برفض الدعوى القضائية التي "رفعها ابن صلاح نصر" للحد من افتراء الأستاذ هيكل على سيرة صلاح نصر، وجاء فيها أن هيكل : "لم يقرر في حديثه ما يستوجب تحقير صلاح نصر وسط أبناء وطنه أو ينال من سمعته وشرفه" وأن حديث هيكل عنه "ما هو إلا تفريغ لذكرياته معه ليستفيد منها المجتمع بمعرفة الحقائق حول حقبة زمنية مهمة في تاريخ الوطن" ، إلا أن هيكل تعمد بالفعل تشويه صورة صلاح نصر .

حقيقة صلاح نصر

وضرب الكاتب مثالين علي هذا لينقي سيرة صلاح نصر : (الأول) هو التناقض بين ما كتبه هيكل مع ما كتبه صلاح نصر في مذكراته ومخطوطاته ،ما اعتبره "الصباغ" كتابة "برؤية أحادية شخصية" من جانب هيكل لسيرة صلاح نصر ، و(الثاني) ما نشر عن أن صلاح نصر لم يفهم ما وراء الطقوس الهندية في معابد (كاجور) ذات الطابع الجنسي ، فقال عبارة: إن " الجنس وسيلة للسمو والتطهر" !

فقد كتب صلاح نصر في مذكراته يقول: (ما إن قدمت استقالتي المسببة يوم 26/8/1967 وصدر قرار عبد الناصر بإحالتي إلى المعاش في 27/8/1967 حتى بدأت حملة الإفك والتشهير وخرجت صحيفة الأهرام في الخامس من سبتمبر 1967 بخبر في الصفحة الأولى يقول:"علم مندوب "الأهرام" أنه قد جرت تحقيقات واسعة في إدارة جهاز المخابرات العامة لأنه قد خرج في عديد من الظروف عن حدود مهمته الأصلية.وقد تقرر إحالة السيد صلاح نصر الذي كان مديراً للمخابرات العامة إلى المعاش.

وأضاف: "في الثالث عشر من سبتمبر وهو اليوم الذي حددت فيه إقامتي، والذي نقل فيه المشير عامر من منزله بشارع الطحاوية بالجيزة إلى فيلا المريوطية بالهرم حيث لقى حتفه، نشرت الأهرام الخبر التالي:"كشف تشعب التحقيقات عن تفاصيل كثيرة في العملية الخاصة بالاستيلاء على مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة.. كما استدعت تحديد إقامة السيد صلاح نصر مدير المخابرات العامة السابق الذي تبين أنه كان ضالعاً في العملية إلى جانب مسئوليته عن بعض التصرفات التي خرج فيها جهاز المخابرات عن حدود وظيفته الأصلية".

ورد نصر علي هذا في مذكراته (التي سينشر الجزءان الرابع والخامس منها قريبا) قائلا: (بالطبع لم يكن وجه ليَّ سؤال واحد، ولكن كان المطلوب التمهيد للرأي العام بما تدبره السلطة لي من اتهامات " .

وقال: "يزداد الإفك والكذب حينما صدرت صحيفة "الأهرام" في عددها الصادر في 19 من سبتمبر بخبر كله كذب.. ويبدو أن رسالتي التي أرسلتها لعبد الناصر في 14 من سبتمبر قد جعلته يفقد اتزانه، فقرر أن يصب جام غضبه على زميل الكفاح. حيث ذكرت صحيفة الأهرام في الصفحة الأولى:"هناك شخص واحد حددت إقامته منذ 5 يونيه وهو السيد صلاح نصر مدير المخابرات السابق، وكان مرضه هو السبب الوحيد الذي حال دون اعتقاله للتحقيق معه في أسباب انحراف جهاز المخابرات عن مهمته الأصلية، كما أن هناك أربعة من العاملين في الجهاز قد يجري التحقيق معهم في نفس هذا الموضوع ولا يدخلون في عداد المعتقلين".

وقال نصر: "الواقع أنني أحسست بغثيان من هذا الإفك المبين، وما وصلت إليه الأخلاق من تدهور.. وحاولت أن أرد على هذه الافتراءات، فاتصلت بحسنين هيكل رئيس تحرير "الأهرام" تليفونياً وكنت حريصاً أن أسجل الحديث بيننا للتاريخ، وكان نص الحديث بين حسنين هيكل وبينه يشير بوضوح لتأكيد هيكل لنصر: (أرجوك تفرق بين كتابة الخبر وصنع الخبر.. الفرق بين أن خبرا يكتب وأن أحدا ينشر خبرا.. أقصد فرق بين صنع الخبر ومصدر الخبر بغض النظر عن الحقيقة إيه وده فين وكل ده بس.. بالنسبة للصحافة يعني محناش.. مش من عندنا الكلام ده) في إشارة لوصول الخبر للأهرام لتنشره كما هو .

ويضيف صلاح نصر أنه طلب من هيكل أن يسمح له بنشر رد ، ولكن هيكل قال له: إنه لو رفضت (الرقابة) نشره فهو غير مسئول .

وقد ذكر "نصر" في رده هذا: إن (الخبر الذي نشر والخاص بإحالتي للمعاش يوم 5/9/67 قد أذيع بعد عشرة أيام من تقديم استقالتي المسببة يوم 26/8/1967 لرئيس الجمهورية الذي أمر بإحالتي إلى المعاش بتاريخ 27/8/1967) وأن : (ما ذكر عن تجاوز جهاز المخابرات

حدود اختصاصه فهذا ليس من الأمور السهل الإحاطة بها أو تحديدها حتى من السلطات التي تباشر التحقيق حالياً والتي لا تعرف من رسالة المخابرات أكثر مما يعرفه رجل الشارع عن اصطلاح "قلم المخابرات" أو قلم البوليس السياسي).

وقال: إن الخبر الذي نشر عن تحديد إقامتي منذ 5 يونيه، وأن مرضي هو السبب في عدم اعتقالي والتحقيق معي "أمر غير صحيح"، فتقديرات المخابرات عن الحرب أكدت كل ما حدث، وصور هذه التقديرات موجودة ومحفوظة، كما أن أفراد الأمن القومي قاموا بواجبهم الوطني، وكان أفراد الجهاز وأنا على رأسهم في حالة عمل مستمر لا يرى النوم سبيلاً إلى جفوننا حتى سقطت في مكتبي يوم 13 يوليو سنة 1967، وانا أؤدي واجبي مصاباً بجلطة دموية شديدة.. ونتيجة لخطورة حالتي الصحية التي لم أكن أعرفها في ذاك الوقت، أجبرني الأطباء على البقاء بالمكتب حتى خرجت يوم 23 أغسطس سنة 1967، لأستكمال دور النقاهة" .

وقال: إنه "منذ ما نشر عني من افتراءات وأنا أحاول أن اتصل برئيس الجمهورية لأوضح له أن هناك يدا خفية تلعب في هذا البلد الأمين ليس إلا لمصلحتها الشخصية وشهوة السلطة والحكم، ولكن صوتي ذهب هباء لأن مصلحتهم ألا توصل كلمة الحق إلى رئيس الدولة" .

عامر وبرلنتي

وقد أورد تحقيق (المصور) واقعة أخري ضمن ما قال انه فبركة هيكل حول غضب عبد الناصر من زواج المشير عامر من الممثلة برلنتي عبد الحميد ، وأن صلاح نصر هو من أشار علي عامر بهذا الأمر، حيث كتب هيكل يقول : "بعد أن بكي عبد الحكيم عامر.. سأله عبد الناصر عن الشخص الذي عرفه على السيدة برلنتي.. فاعترف عامر بأن ذلك الشخص كان صلاح نصر.. رئيس جهاز المخابرات العامة"، وأضاف : "وكان مما لفت النظر في ذلك الوقت أن السيد "صلاح نصر" – رئيس هيئة المخابرات العامة – الذي أحس بأن "جمال عبد الناصر" قد عرف أنه المسئول عن تعريف "عبد الحكيم عامر" بالسيدة "برلنتي عبد الحميد" راح يتصرف بعصبية ، فقد طلب من السيد "سامي شرف" سكرتير الرئيس للمعلومات أن يمر عليه لأمر هام. وبالفعل زاره "سامي شرف" في منزله، وكان السيد "صلاح نصر" قد عرف أن الرئيس "جمال عبد الناصر" يلقي عليه اللوم في موضوع السيدة "برلنتي عبد الحميد" فطلب مقابلة الرئيس "جمال عبد الناصر" أكثر من مرة في تلك الظروف ولم يتلق رداً على طلبه.

الجنس وسيلة للتطهر!

أيضا انتقد تقرير(المصور) ما رواه هيكل عن أن "صلاح نصر" كان (شخصية تتنازعها تناقضات داخلية) حيث سرد هيكل أنه عندما زار وفد مصري الهند سنة 1966، حدث أثناء هذه الزيارة أن صحبه مدير المخابرات الهندي لزيارة مجموعة معابد "كارجور أو" في ولاية "ماديا برديش" وهي معابد مغلقة للزوار العاديين بسبب ما تحتويه من تماثيل للجنس الفاضح – وكان "الجنس" في معابد "كارجور أو" ضمن الطقوس الدينية التي تمهد للرهبنة – فترة نسيان للنفس فيه بغية الاكتفاء. تؤدي إلى الملل منه برغبة التطهر. ولكني – يقول هيكل - سمعت السيد "صلاح نصر" يتحدث عن زيارته لهذه المعابد بالتركيز على ما رآه فيها، وليس بالفلسفة الكامنة وراءها بصرف النظر عن صحتها – ثم وجدت بعد ذلك أثناء قراءات لمحاضر التحقيق معه ومع غيره في وقائع قضية انحراف المخابرات (سنة 1967 – و1968). عبارة أن "الجنس وسيلة للسمو والتطهر" تتكرر منسوبة إلى "صلاح نصر" – وأدركت أن ما رآه في معابد "كاجور أو" كان أكبر مما يستطيع أن يفهمه وأن يحتمله، وهذه مشكلة كثيرين تجيئهم السلطة دون أن تصحبها الموازين الثقافية التي تستطيع ترويض نزوع البشر إلى ما يتصورونه من متع الحياة !.

وتقول (المصور): إن مصدر الكذب والفبركة هنا أن ما رواه هيكل واستشهد فيه بنص تقرير لسامي شرف تاريخه الحقيقي هو 17 مايو 1965 ، وليس 1967 وفق ما وقع به سامي شرف على التقرير، وختمت بالقول: "إن الكتابة الدرامية ربما تسمح بذلك.. أما الكتابة التاريخية والصادقة فلا تسمح بذلك أبداً"!.