رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بالمستندات:لصوص أرض الصالحية


تقول الروايات إنه عندما ضرب‮ »‬قابيل‮« ‬رأس أخيه‮ »‬هابيل‮« ‬بالحجر،‮ ‬في‮ ‬أول جريمة بشرية علي‮ ‬سطح الأرض،‮ ‬تفجرت الدماء من رأس‮ »‬هابيل‮« ‬وبدأ الدم‮ ‬يتساقط منه في‮ ‬كل اتجاه‮ ‬،‮ ‬ولما وصلت أول نقطة دم إلي‮ ‬الأرض،‮ ‬صرخت الأرض صرخة مدوية من بشاعة الجريمة وهول القدر الذي‮ ‬كتب عليها أن تبتلع دم الضحية نفس الصرخة أسمعها الآن تنطلق من أرض الصالحية بمحافظة الشرقية‮.. ‬الصالحية شهدت جريمة بشعة لذبح المال العام‮ ‬،‮ ‬ورغم ذلك مازال من تلطخت أيديهم بدماء المال العام أحراراً‮ ‬طلقاء لم تمسسهم‮ ‬يد العدالة‮ ! .. ‬ومازالت أرض الصالحية تصرخ دون أن تسمعها جهات التحقيق‮! ‬أرض الصالحية فكرة ولدت في‮ ‬الستينيات،‮ ‬ولكن حرب‮ ‬1967‮ ‬أجلت خروجها إلي‮ ‬الدنيا،‮ ‬وظل الأمر مجرد فكرة حتي‮ ‬نهاية السبعينيات وعندها بدأ المقاولون العرب حربهم علي‮ ‬صحراء الصالحية‮ .. ‬وبالجهد والعرق والكفاح خلع‮ ‬56‮ ‬ألف فدان ثوبه الأصفر وارتدي‮ ‬ثوب الخضرة بعد ماتم استزراع كل هذه المساحة ونبتت فيها كل أنواع الزروع‮. ‬

وكانت البدايات رائعة والعائد الزراعي‮ ‬مبشرا،‮ ‬ولهذا كان الرئيس السادات‮ ‬يفتخر ويتفاخر بما جري‮ ‬علي‮ ‬أرض الصالحية وكان حريصا علي‮ ‬ان‮ ‬يقضي‮ ‬بعض الوقت اسبوعيا بصحبة عثمان أحمد عثمان وسط هذه الأراضي‮. ‬

ولما تولي‮ ‬حسني‮ ‬مبارك حكم مصر فقدت الصالحية بريقها وتوارت خلف ستائر النسيان،‮ ‬وبعد بضع سنوات عادت أرض الصالحية للصدارة من جديد‮ ... ‬أصدر مبارك قراراً‮ ‬جمهوريا بنقل تبعيتها من شركة المقاولون العرب إلي‮ ‬وزارة الزراعة‮. ‬

صدر القرار في‮ ‬17‮ ‬فبراير‮ ‬1988‮ ‬وكان‮ ‬يحمل رقم‮ ‬354‮ ‬والمفاجأة انه كان بداية نزيف الصالحية ومن هنا بدأت الجريمة‮. ‬

البطل الأول في‮ ‬الجريمة كان‮ ‬يوسف والي‮ ‬وزير الزراعة السابق الذي‮ ‬تؤكد كل الأحداث أنه أراد قتل الصالحية‮. ‬

في‮ ‬البداية جعل مشروع الصالحية منفي‮ ‬يقذف إليه من‮ ‬يعضب عليهم ولهذا اختار‮ »‬محمد عباس‮« ‬احد قيادي‮ ‬قطاع الإرشاد بوزارة الزراعة في‮ ‬نهاية الثمانينيات ليتولي‮ ‬الاشراف علي‮ ‬الصالحية وطور عباس في‮ ‬المشروع ونقله إلي‮ ‬الأحسن‮ ‬،‮ ‬ويبدو أن‮ ‬يوسف والي‮ ‬لم‮ ‬يعجبه ذلك ولهذا أطاح بمحمد عباس ونقله للعمل كملحق زراعي‮ ‬بسفارة مصر بواشنطن‮!‬

بعدها تم نقل تبعية المشروع من الارشاد الزراعي‮ ‬الي مكتب وزير الزراعة‮ ‬يوسف والي‮ ‬شخصياً‮ ‬وتولي إدارة المشروع علاء بندق مدير مكتب الوزير‮ "‬والي‮" ‬وفعل‮ "‬بندق‮" ‬بالمشروع الأفاعيل ووصل الأمر كما‮ ‬يقول عبد العليم عامر رئيس اللجنة النقابية للعاملين بمشروع الصالحية الي أن‮ "‬بندق‮" ‬كان‮ ‬يتلقي هدايا مالية وعينية من كل رجل أعمال‮ ‬يتقدم لاستئجار جانب من أراضي‮ ‬المشروع وابتكر فكرة خسفت بالمشروع اسفل سافلين‮.. ‬أصر علي زراعة أرض الصالحية بالكتان وبعد حصاد المحصول خسرت الزراعة ملايين الجنيهات ووصلت ديون المشروع الي‮ ‬55‮ ‬مليون جنيه ومن هنا بدأ الحديث عن بيع أرض الصالحية للتخلص من ديونها‮!‬

وتزامن مع تلك الدعوات لقاءات متعددة تمت بين وزير الزراعة‮ ‬يوسف والي‮ ‬والسفير الاسرائيلي‮ ‬بالقاهرة آنذاك ديفيد ليفي‮ ‬وعرض الاخير شراء أرض الصالحية مقابل‮ ‬750‮ ‬ألف دولار وكرر عرضه أكثر من مرة وكادت الصفقة تتم لولا المعارضة الشعبية الكبيرة في‮ ‬مطلع التسعينيات‮.‬

ولكن تلك المعارضة لم تنقذ المشروع من الخصخصة فتم طرحه للبيع وتشكلت لجنة تضم‮ ‬19‮ ‬مسئولا بوزارة الزراعة لتقييم سعر الأرض وبعد‮ ‬4‮ ‬شهور من البحث والدراسة انتهت اللجنة الي أن سعر الفدان في‮ ‬أرض الصالحية‮ ‬يتراوح بين‮ ‬10‮ ‬آلاف الي‮ ‬12‮ ‬الف جنيه ما عدا الاراضي‮ ‬الملاصقة

للطريق والبالغ‮ ‬مساحتها حوالي‮ ‬4500‮ ‬فدان فهذه الاراضي‮ ‬تباع بالمتر بسعر‮ ‬يتراوح بين‮ ‬4‮ ‬جنيهات الي‮ ‬5‮ ‬جنيهات،‮ ‬بخلاف اسعار المباني‮ ‬والمعدات والاجهزة ومشروعات التسمين والألبان المقامة علي‮ ‬الارض‮.‬

وقدمت اللجنة تقريرها الي وزير الزراعة‮ ‬يوسف والي‮ ‬الذي‮ ‬فاجأ الجميع ببيع‮ ‬33‮ ‬الفاً‮ ‬و551‮ ‬فداناً‮ ‬تمثل زمام منطقة الشباب بمشروع الصالحية الزراعي‮.. ‬هذه المساحة باعها‮ ‬يوسف والي‮ ‬في‮ ‬مايو‮ ‬1997‮ ‬بسعر‮ ‬9‮ ‬آلاف جنيه للفدان وما عليه من منشآت وأجهزة لشركة السادس من اكتوبر للمشروعات الزراعية التي‮ ‬تضم عدداً‮ ‬من رجال الاعمال‮ ‬يتقدمهم صفوان ثابت وشفيق بغدادي‮ ‬ومجدي‮ ‬راسخ وعبدالمنعم سعودي‮ ‬وهايدي‮ ‬راسخ وأحمد بهجت وعادل الحراكي‮ ‬واللواء أحمد عبد المقصود‮.‬

المفاجأة ان رجال الاعمال هؤلاء حصلوا علي قرض بنكي‮ ‬قيمته‮ ‬87‮ ‬مليون جنيه بضمان حيازتهم لارض الصالحية وسددواً‮ ‬هذا المبلغ‮ ‬كمقدم لشراء الارض وبعد أن سجلوا عقد شرائهم الأرض حصلوا علي قروض بنكية اخري قيمتها‮ ‬500‮ ‬مليون جنيه بضمان الارض ايضا‮.‬

وهكذا اشتروا الارض بأموال البنوك ثم حصلوا علي‮ ‬500‮ ‬مليون جنيه اخري كقروض بنكية بخلاف تحمل المال العام بمبلغ‮ ‬12‮ ‬مليون جنيه لشراء اجهزة ري‮ ‬جديةد للاراضي‮ ‬المباعة‮!‬

وبعد بيع‮ ‬33‭.‬5‮ ‬الف فدان من مشروع الصالحية لم‮ ‬يتبق في‮ ‬المشروع سوي‮ ‬23‭.‬5‮ ‬الف فدان،‮ ‬وبدوره قرر عاطف عبيد رئيس الوزراء آنذاك تكليف شركة رمسيس التي‮ ‬يساهم فيها هو نفسه بإدارة باقي‮ ‬الارض والإعداد لخصخصتها مقابل‮ ‬10٪‮ ‬من ثمن البيع‮.. ‬وحرر‮ "‬عبيد‮" ‬عقدا مع صديقه محمد عبد الدايم رئيس مجلس ادارة الشركة بتولي‮ ‬هذا الامر فظلت الشركة تعمل لمدة‮ ‬12‮ ‬عاما متواصلة وبعدها حصلوا علي‮ ‬1100‮ ‬فدان من الأرض واستولوا عليها دون ان‮ ‬يبيعوا باقي‮ ‬أرض الصالحية‮.‬

ويبدو أن مجدي‮ ‬راسخ وزملاءه من رجال الاعمال أرادوا التخلص نهائيا من أرض الصالحية فتدخل مبارك نفسه وأقنع أحمد قذاف الدم في‮ ‬عام‮ ‬2005‮ ‬بشراء الارض‮ ‬78٪‮ ‬من الارض مقابل‮ ‬424‮ ‬مليون جنيه وتحمل جميع الديون علي شركة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر وهكذا حصل‮ "‬راسخ‮" ‬ورفاقه علي مئات الملايين من الجنيهات في‮ ‬بيع أرض تربحوا من شرائها وتربحوا من تأجيرها وتربحوا أيضا في‮ ‬بيعها‮.‬

وعندما اندلعت ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير سارع‮ "‬مجدي‮ ‬راسخ‮" ‬ببيع الجزء الأكبر من حصته في‮ ‬الأرض واستبقي فقط‮ ‬0‭.‬9٪‮ ‬من الأرض أي‮ ‬حوالي‮ ‬330‮ ‬فداناً‮ ‬فقط‮!!!‬