عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استمرار أزمة " الجنود المختطفين" إسقاط لهيبة الدولة

بوابة الوفد الإلكترونية

جاء حادث اختطاف 7 من جنود القوات المسحة خلال الأسبوع الماضي بمثابة اغتيال معنوي للروح المصرية خاصة أن الواقعة كانت في محافظة شمال سيناء تلك المنطقة الحدودية الملتهبة والتي تفصل بيننا وبين الكيان الصهيوني الذي يتمتع بعلاقة عداء مع تلك البقعة الغالية لكونها بمثابة شاهد علي انهزام إسرائيل في أكتوبر 1973.

وللأسف الشديد فإن اختطاف الجنود من قبل بعض التنظيمات الجهادية السلفية كوسيلة ضغط للمطالبة بالإفراج عن ذويهم من المعتقلين المتهمين في جرائم اقتحام أقسام الشرطة يعد بمثابة بداية الاستهزاء بكيان وهيبة الدولة المصرية ودليل علي أن مثل هذه التنظيمات ربما لديها يقين علي ضعف مؤسسة الرئاسة أكثر من فئات أخري نظراً لطبيعة العلاقة بينهم وبين جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر علي السلطة ووجود أحد أعضائها علي رأس السلطة التنفيذية كرئيس للجمهورية.
وتسببت تعليمات الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية للقوات المسلحة ووزارة الداخلية بالتفاوض مع خاطفي الجنود الكثير في وجود حالة من الاحتقان والغضب لدي الكثير من أبناء الشعب المصري الغيورين علي هيبة وكرامة الدولة المصرية.
ومن الطبيعي أن تكون هناك مفاوضات بين عائلتين أو اتفاق في قضايا مثل الثأر أو ما شابه ذلك أو مفاوضات بين مجرمين اختطفوا أبناء رجل غني في محاولة منهم لابتزازه والتفاوض علي إرجاعهم مقابل مبلغ من المال، وهذا النوع من الجرائم انتشر في الفترة الأخيرة.
ولكن الطامة الكبري أن يتجرأ بعض الأشخاص أو التنظيمات التي ترتكب جرماً يعاقب عليه القانون علي هيبة الدولة ليطلب التفاوض معها، وكأن هناك نوعا من توازن القوي بين وطن بأسره وبين بعض التنظيمات التي تستخدم العنف في كل تصرفاتها!.
وتبريرات أنصار الرئيس مرسي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بأن تعليمات الرئيس بأنها جاءت منعاً للصدام مع بعض التنظيمات أو الأشخاص حفاظاً علي الأرواح، هي «عذر أقبح من ذنب» خاصة بعد ما تردد عن طلب الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي بإطلاق يد الجيش في التعامل مع هذه الأزمة ورفض الرئيس ذلك لنصبح أمام بداية حقيقية لفقدان الدولة المصرية سيطرتها علي جزء غال من أرض الوطن علي البوابة الشرقية للبلاد.
والخطر لم يعد من هذه التنظيمات الداخلية فقط بل ربما يقوم الكيان الصهيوني متمثلاً في إسرائيل باستغلال بعض ضعاف النفوس وتمويل مثل هذه الجرائم ودخول القوات المسلحة في معارك تافهة تقلل من عظمة وقوة القوات المسلحة خاصة بعد منظومة التطوير والتدريب والتسليح التي قام بها الفريق عبد الفتاح السيسي والفريق صدقي صبحي رئيس الأركان لاستعادة قوة الجيش من ناحية وعودة الثقة بين القوات المسلحة وبين الشعب.
والقضية الأخري التي ربما يسعي فيها الكيان الصهيوني في مثل هذه المواقف هو تصدير روح اليأس لجنود وضباط القوات المسلحة، خاصة بعد أن نشر موقع «نيوز ون» الإسرائيلي عن وجود قلق في إسرائيل من القوات المسلحة المصرية ليس بسبب التطوير والتسليح وإنما لارتفاع الروح المعنوية لأفراد القوات وهو ما يشكل خطراً علي إسرائيل.. والسؤال هنا للرئيس مرسي ما الذي يضمن للشعب المصري عدم قيام إسرائيل بالسير في هذا المخطط؟!.
بل كان علي الرئيس أن يصدر تعليماته الصارمة بالتعامل القوي مع هؤلاء المجرمين مهما بلغ الثمن، ليكونوا عبرة لغيرهم، ولعدم تكرار مثل هذه الجرائم، وإلا يعد الرئيس مرسي بهذا الموقف الضعيف هو المحرض الرئيسي علي ارتكاب مثل هذه الجرائم مستقبلاً، لأن كل قبيلة أو تنظيم أو عائلة لديها أبناء متهمون في جرائم وقبض عليهم، تستطيع أن تفعل مثل ما فعله خاطفو الجنود ليتم التفاوض مع مؤسسات الدولة حول الإفراج عنهم وبالتالي نصبح أمام حادثة خطف جنود جيش أو شرطة مع كل حادثة في البلاد حتي لو كانت جريمة قتل أو اختلاس أو اعتداء أو جريمة بغض النظر عن طبيعتها!.
ومن غير المقبول أو المعقول أن الدولة المصرية التي تفاوضت مع إسرائيل ونجحت في استرداد جزء كبير من سيناء عبر المعاهدات أن تنحدر بمستوي مفاوضاتها إلي هذا المستوي الضئيل الذي يقلل من هيبة ومكانة مصر ويشغلها عن القضايا الأخري بدلاً من التصدي للخاطفين ومعاقبتهم، لكن ربما الفواتير الانتخابية للرئيس مرسي ومساندة هذه التنظيمات له في الانتخابات الرئاسية وقفت حائلاً بين تسديد فواتيره

وبين مصلحة الوطن.
واستمرار خطف الجنود، وفشل المفاوضات التي سعي فيها الدكتور عماد عب الغفور مساعد رئيس الجمهورية مع خاطفي الجنود دون أن يكون هناك موقف حاسم ليس في صالح الدولة المصرية وإنما هو العد التنازلي لهيبتها وسيطرتها علي الأمور في مصر ومرور كل ساعة دون تحقيق الهدف هو سحب من رصيد الدولة.
كان يمكن للغالبية من الشعب أن تتقبل مرور الوقت دون حل الأزمة إذا كان مكان الجنود المختطفين غير معلوم لدي الأجهزة، أو  صعوبة العثور علي مرتكبي الحادث أو تحديد هويتهم، ولكن وضوح الجريمة بمكانها ومرتكبيها والصمت تجاهها هو جريمة أكبر من الجريمة التي ارتكبت!.
والحادث يعيد للأذهان مقتل 16 من الجنود المصريين في شهر رمضان الماضي وهي القضية التي تحتل مساحة كبيرة من الضباب حتي الآن حول مرتكبيها بل قرأنا بعض التحليلات التي تقول بأن الحادث كان ممنهجا لاستغلاله ضد المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع السابق والفريق سامي عنان رئيس الأركان السابق للإطاحة بهما وهو ما تحقق بعدها بالفعل.
ومثلما عادت هذه الواقعة للأذهان، تعود أيضاً التكهنات بأن إرادة الرئيس مرسي في عدم حسم مثل هذه القضايا وعدم ترك القوات المسلحة للتصرف بالشكل الذي تريده يخفي وراءه مخطط جماعة الإخوان المسلمين لخلق حالة من الغضب ضد الفريق السيسي نفسه وتقليل رصيده الشعبي الذي ظهر بعد تصريحاته في مسرج الجلاء خلال حفل تحرير سيناء بشأن موقف القوات من الشعب المصري ومقولته الشهيرة «تتقطع إيدينا قبل ما تمس أبناء الشعب»، إلي جانب نجاحه في عودة الثقة بين الشعب والقوات المسلحة وتغيير جزء كبير من الصورة التي شكلها الكثيرون عن المؤسسة العسكرية خلال الفترة الانتقالية التي حكم فيها البلاد.
ومن هنا، وجدت جماعة الإخوان المسلمين في الحادث فرصة لوقف صعود الفريق السيسي بل ربما التفكير في استغلال الحادث والإطاحة به علي غرار ما حدث في مذبحة رفح وإقصاء طنطاوي وعنان عن منصبيهما، خاصة بعد تزايد المطالبات للقوات المسلحة والسيسي بالتدخل لإنقاذ البلاد من الحكم الإخواني وسياسة الرئيس مرسي الفاشلة.
والرئيس مرسي هو المسئول الأول عن تلك الجريمة بصفته رئيساً للجمهورية أقسم اليمين علي الحفاظ علي الوطن وسلامة أراضيه من ناحية، وتأخره بل ووقوفه عقبة أمام رغبة القوات المسلحة في إنهاء الأزمة أو عدم إعطاء التعليمات الصريحة لها بإنهائها منعاً لتكرارها تحت شعار «الحفاظ علي الأرواح» الذي يرفعه الرئيس ليبرر به موقفه.
القضية الآن لم تعد تحرير 7 من الجنود والنجاح في إطلاق سراحهم فقط كما يتخيل الرئيس أو جماعة الإخوان أو أنصارهم، ولكن القضية أصبحت تتعلق بالأمن القومي المصري، فإما أن تكون هناك سيادة دولة قادرة علي السيطرة والحفاظ علي حدودها والتصدي للمحاولات المشبوهة لإرباك الدولة المصرية وقواتها المسلحة أو نصبح أمام العد التنازلي لهيبة الدولة بدءا من الآن.